كتب راجح الخوري في النهار اللبنانية:

لو لم تذبح “داعش” جيمس فولي وستيفن سوتلوف، لم يكن باراك أوباما ليكتشف ما سمّاه “بؤرة الجهاديين من أنحاء العالم” بين العراق وسوريا، لأنه على امتداد ثلاثة اعوام ظل يضيق بمحاولات معاونيه التحذير من الخطر المتصاعد للمتطرفين في سوريا.
في حديثه الى شبكة “سي بي أس نيوز” الأحد، أراد أوباما تحميل غيره مسؤولية سوء تقدير ما حصل عندما قال ان وكالة الاستخبارات قللت شأن تنظيم “داعش”، لكن الوقائع المثبتة والمواقف المعلنة وأبرزها مثلاً استقالة سفيره في دمشق روبرت فورد، تؤكّد انه يتحمل شخصياً المسؤولية عما وصلت اليه الأوضاع.

يقول الرئيس الأميركي ان مقاتلي تنظيم “القاعدة” القدامى الذين تم طردهم من العراق تمكنوا من التجمع في سوريا ليشكلوا تنظيم الدولة الاسلامية الخطير، متناسياً دور “الصحوات” في قمع “القاعدة” ثم دور نوري المالكي في قمع “الصحوات”، وهذا من الاسباب التي ادت الى انهيار الجيش العراقي الذي دربته واشنطن.

المسؤولون حول أوباما كانوا قسمين، قسم يحذّر من سياسة التعامي عن اتساع خطر الارهابيين في سوريا، وقسم انتهازي أراد توظيف الأزمة السورية واستغلال المذابح لمصلحة واشنطن، اما هو فظلّ متعامياً ومتجاهلاً الى ان اكتشف متأخراً “بؤرة الجهاديين” التي يتحدث عنها.
قبل اكثر من عامين انتقد جون كيري سياسة أوباما بالقول انه لا ينبغي ان ننتقل من سياسة التدخل المفرط كما كانت مع جورج بوش الى سياسة الإفراط في العزلة كما هي مع أوباما، ومنذ عام تقريباً قالت هيلاري كلينتون أن سياسة التعامي التي مارسها حيال المآسي في سوريا تركت فراغاً ملأه الجهاديون.

ليون بانيتا وزير دفاعه من ٢٠١١ الى ٢٠١٣ قال لشبكة “سي بي سي”: أعتقد ان التسليح المبكر للمعارضة السورية كان سيفيد كثيراً. نحن ندفع حالياً ثمن التأخّر في ذلك بمواجهة “داعش”، وأضاف انه لطالما ألحّ مع كلينتون ومدير “السي آي إي” في عام ٢٠١٠ على أوباما لتسليح المعارضة ولكنه رفض، وها هو الآن يحمّل المخابرات مسؤولية سوء تقدير خطورة الموقف.

عندما استقال روبرت فورد متهماً الادارة الاميركية بالتخاذل ردت عليه بأنه “رجل عادي” للتقليل من اهمية تصريحاته، اما صراخ جون ماكين فلم يكن له أي تأثير يذكر عند أوباما الذي يستيقظ الآن على خطر “داعش” ويبحث عمّن يحمّله المسؤولية التي تقع عليه شخصياً، وقد جاء ليهدم حماقة “البوشية” باقتراف حماقات أسوأ!

هل نسي أوباما تصريح دنيس ماكدونو عام ٢٠١٣ عن ان ما يجري في سوريا مصلحة اميركية لأنه يبقي ايران منشغلة ولأنه يشعل القتال بين القاعدة و”حزب الله”، أم انه نسي قول مارتن ديمبسي انه لا مصلحة لنا بترجيح كفة على اخرى في سوريا؟

[email protected]

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *