الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدأ ينسج خيوط مناخ إعلامي على ما يبدو، ملخصه أن ما قاله قبل أيام عن “اكتشاف المسلمين لأميركا قبل كولومبوس” بدأ يعطي ثماره، في معرض تحرك بدأه ويهدف إلى احتكار السيطرة على مشروع بناء أول مسجد في كوبا، وهو مشروع جاهز منذ مدة، ووافقت عليه كوبا، مشترطة ألا يقوم بلد إسلامي واحد ببنائه، بل “منظمة التعاون الإسلامي” الناطقة باسم أكثر من مليار و500 مليون مسلم، وتضم 57 دولة أعضاء.

واليوم الجمعة هناك خبر في موقع صحيفة Hürriyet Daily News وهي الطبعة الإنجليزية لصحيفة “حرييت” التركية، ومترجم معظمه عما نشرته زميلتها Vatan أمس الخميس، ويبدأ بالتذكير بما قاله الرئيس التركي حين فجر قنبلة من النوع العنقودي، لما لها من توابع، بزعمه في كلمة ألقاها الأسبوع الماضي أمام مؤتمر عقد في اسطنبول، من أن المسلمين “وصلوا في 1178 إلى القارة الأميركية”، أي أنهم اكتشفوها قبل كولومبوس بأكثر من 3 قرون، معززاً ما قال بدليل، لو صح لكان شافياً وافياً.

الدليل هي عبارة قال إن كريستوفر كولومبوس كتبها في دفتر يومياته عن 6 رحلات قام بها إلى القارة الجديدة بعد أن “اكتشفها” في 1492 وظن أنها الهند الغربية، وفي إحدى تلك الرحلات التي وصل فيها إلى كوبا، كتب أنه شاهد بنفسه مسجداً فوق تل بمنطقة في الجزيرة أصبحت هافانا اليوم “وهذا دليل على وصول مسلمين إلى هناك”، ثم عبّر الرئيس التركي عن رغبته ببناء مسجد في الموقع ذاته الذي حدده كولومبوس، وقال: “من المناسب تماماً بناء المسجد فوق ذلك التل اليوم”، وإنه يود مناقشة بنائه مع كوبا.

لكن خبر الطبعة الإنجليزية في “حرييت” التركية اليوم، قام بالتذكير بأن مشروع بناء المسجد موجود منذ مدة، ووافقت عليه السلطات الكوبية، كما وخصصت موقعاً لبناء المسجد الذي وجدت “العربية.نت” أن أول من نشر الخبر عنه كانت صحيفة Yeni Şafak (الفجر الجديد) التركية الإسلامية التوجهات، لكن بناءه أصبح مستهدفاً بمخطط للسطو عليه واحتكاره.

وفد المسلمين الكوبيين حين أدوا مناسك الحج، ثم يحيى توريس، رئيس الرابطة الإسلامية بكوبا، والصورة تحت لموقع بناء المسجد، ثم الرئيس التركي كما يرى الإعلام الغربي صورته بدل كولومبوس
وفد المسلمين الكوبيين حين أدوا مناسك الحج، ثم يحيى توريس، رئيس الرابطة الإسلامية بكوبا، والصورة تحت لموقع بناء المسجد، ثم الرئيس التركي كما يرى الإعلام الغربي صورته بدل كولومبوس

البحث عن حل للاستفراد ببناء المسجد

نشرت “يني شفق” في أبريل الماضي أن “مديرية الشؤون الدينية التركية” المعروفة باسم Diyanet للاختصار “تنوي بناء مسجد في كوبا مشابه لجامع “أورتاكوي” باسطنبول”، وأن مفاوضات أجراها مصطفى توتكون، نائب مديرها العام “وصلت إلى المرحلة الأخيرة، ولم يعد ينقص سوى موافقة الجانب الكوبي” ناقلة من بيان لتوتكون أن في كوبا 3500 مسلم تقريباً.

بعدها، جاءت الموافقة التي أعلنها السفير الكوبي في أنقرة، ألبرتو غونزالس كاسالز، ونقلها توتكون نفسه لوسائل الإعلام، لكنها كانت مرفقة بعبارة اشتراط من السلطات الكوبية بأنها “تفضل أن تقوم “منظمة التعاون الإسلامي” ببناء المسجد، بدلاً من بلد واحد” لذلك جمدت تركيا بناءه لترى حلاً يعيدها إلى الاستفراد وحدها بالمشروع، من هنا رغبة أردوغان “بمناقشة بنائه مع كوبا”على ما يبدو.

ومع الاعتراف أن فكرة بناء المسجد هي تركية بالأساس، لكن الموافقة الكوبية عليها جاءت من واقع حال المسلمين في الجزيرة، وارتباطهم الحقيقي ليس مع تركيا، طبقاً لما نجد في خبر عن المسجد وجدته “العربية.نت” في موقع Prorgresosemanal الكوبي، ومنه نسخت صورة نشرها مع تاريخ الموضوع في 30 أكتوبر الماضي، وفيها تبدو لوحة كتبوا عليها: “في هذا المكان سيرتفع (بناء) المسجد”، وتحته العبارة مترجمة بالعربية، لكنها مقلوبة من صانع اللوحة، وهو غير ملم بالعربية كما يبدو.

ويتحدث خبر الموقع الكوبي عن 5 مسلمين من الجزيرة قاموا الشهر الماضي بتأدية مناسك الحج في السعودية، مع شرح من رئيس “الرابطة الإسلامية في كوبا” يحيى بيدرو تورّيس، لما فعلوه هناك كأول وفد تسمح السلطات الكوبية بأن يؤدي الفريضة منذ إقامة النظام الشيوعي بالجزيرة قبل 55 سنة، ثم روى قصة المسجد والمفاوضات بشأنه، وأن موقعه جاهز ينتظر أن يبدأ البناء، لكن تورّيس لا يعرف أن تركيا مازالت ترغب بمناقشة إقامته مع كوبا.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *