مرسلة من mounia

د. عائض القرني
انظر إلى خارطة العالم فسوف تجد أن القتل والتدمير والتفجير في الدول الإسلامية، ففي فلسطين والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان سفك للدماء وإزهاق للأرواح ونسف للبنية التحتية وتخريب للعمار، وفئات يكفّر بعضها بعضا، وفتاوى طائشة تستحل دم المسلم وتخرجه من الملة وتحرم عليه الجنة، ماذا أصاب أمة الإسلام؟ أين نصوص الشريعة التي تدعو إلى المحبة والألفة والأخوة والوحدة والسلام؟ أين قول الباري عز وجل: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا»، وقوله: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». لماذا بقية العالم مشغولون في البناء والصناعة والإنتاج والإبداع والاختراع والاكتشاف، وأمة الإسلام منهمكة في العداوة والفرقة والتقاتل والتناحر والتكفير؟ أخبار أمة الإسلام تتصدر أخبار العالم وأقوال الصحف وأنباء الفضائيات، فلا تسمع إلا أخبار تطاير الأشلاء وسقوط الجماجم وتيتم الأطفال وترميل النساء وهدم المباني ونسف الجسور وإحراق المدن وتعطيل النماء وترويع الآمنين وتعطيل العلم والحركة والتطور. أين علماء الأمة وساستها وعقلاؤها ومفكروها؟ إلى متى هذه المجازر؟ متى تنتهي هذه المذابح؟ متى تُغلق فصول هذه الملحمة الإبليسية الكيدية؟ متى تُقفل هذه اللعبة القذرة؟ متى يصحو الضمير؟ متى نعود إلى رشدنا ونحكّم نصوص الكتاب والسنة التي تدعو إلى الرحمة والأمن والاتفاق ونبذ الشتات والتباغض والتقاتل؟ ألا يستحي من الله هؤلاء القتلة بمدن الإسلام الذين يحملون السلاح على المسلمين والمعاهدين والعزّل والأبرياء والأطفال؟ ألا يكفينا ما أصاب بلاد الإسلام من فقر وأمية وبطالة وظلم حتى قامت طوائف تضيف لنا مصائب إلى مصائبنا وكوارث إلى كوارثنا، أمم الأرض مستغرقة بأنشطتها الاقتصادية والفكرية والإبداعية، وأمتنا في حالة عزاء في قتلاها وجرحاها ومفقوديها، كلما فتحنا التلفاز إذا أخبار المصائب في بلاد الإسلام تذهل العقل وتعمي البصر وتقتل الروح، أصبحت أعصابنا مشدودة وخواطرنا مكدرة ونفوسنا منـزعجة مما نشاهده في بلاد الإسلام، جماجم مقطعة في السكك، دماء تسيل في الشوارع، مساجد تُهجر من المصلين، بيوت تُحرق أمام العالم، جامعات ومستشفيات ومدارس ومصانع تُهدم من أساسها وتُنكّس على ساكنيها، ألا دين يمنع؟ ألا عقل يردع؟ ألا شهامة تشفع؟ ألا حميّة تدفع؟ ألا عين تدمع؟ إلى متى هذا المسلسل الحزين المبكي؟ متى تعلن صفارة النهاية لهذه المأساة الدموية التي تجري على أرض الإسلام وباسم الإسلام وبنصوص الدين وبأيدي المسلمين؟ كلٌ يعد العدة وينشئ جيشا ويتحين الفرصة لينقض على إخوانه المؤمنين، أحزاب ترفع رايات الإسلام وتمني أتباعها بالشهادة في سبيل الله وتعدهم الجنة وتبشرهم بالنصر والتمكين وتستحل دماء الأحزاب والجماعات الأخرى بعدما تكفرهم وتشهد بردتهم وتقر بأنهم من أهل النار مع الخطابات الحاقدة التي تغرس الكراهية والعدوانية في النفوس، فينشأ الشاب غاضبا عدوانيا مكفّرا خارجا عن الأمة حاملا للسلاح على المجتمع مبيتا نية القتل العمد لإخوانه، فالله نسأل أن يرفع عن الأمة الإسلامية سوط العذاب، وأن يكشف عنها هذا البلاء، وأن يزيح عنها هذه الغمة، وأن يردها إلى الصواب، وأن يجمع كلمتها على الحق، وأن يهديها سواء السبيل.

ملاحظةالمقال صارله اكثر من سنين

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. من على مقربة منك ياشيخ تصدر فتاوي التكفير واباحة الدماء ! فما بالك لاتضع اصبعك على الجرح ليتوقف النزيف

  2. أين علماء الأمة وساستها وعقلاؤها ومفكروها!!!

    سؤال وجيه ولكن السؤال الأوجه اين شيوخها الحقيقيون المكلفون بتوجيه هذه العقول فلا يزيدونها توهان بفتاوى لشيوخ وعمائم البلاط ,,
    المسؤوليه الأكبر تقع على عاتقكم ,
    متى اتفقتم انتم على هذه الفتاوى سيحل السلام وتتفق العقول,,سلام
    شكرا مونيّه

  3. الناظر في التاريخ .. سيرى أن الحالة التي تمر فيها أمة الاسلام ليست حالة فريدة بالتاريخ .. فقد مر المسلمون بمثلها من قبل… وبل وبأعظم منها ..
    وصلت إلى حد التنبؤ بفناء المسلمين .. ومع ذلك فإن الاسلام عاد ليظهر من جديد ..
    لأن لله تعالى سُنناً لا تتغير ولا تتبدل .. سُنن حدثت في الماضي وتحدث الآن وستحدث في المستقبل ..
    ومن سُنن الله أنه لا ينصر المسلمون لمجرد أنهم مسلمون .. ولكنه ينصرهم عندما يأخذوا بأسباب النصر .. وعندما يُطبّقوا دينهم كما أراد الله ان يُطبّقوه ..
    فالله تعالى أخبرهم “” ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم “” .. هذه سُنّة من سُنن الله .. اذا تنازعتم فستفشلوا …!!
    ورسول الله صلى الله عليه وسلم دلنا .. “” ولكني اخشى عليكم الدنيا ، ان تنافسوا فيها ،وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم “”
    عندما يُصبح همنا الدنيا فسنهلك .. هذه سنن لا تتغير ..
    ودائماً يخرج الاسلام من قلب الرزايا قوياً .. على أيدي رجال يُنجز الله على أيديهم وعده … إن الله لا يُخلف الميعاد ..!!

  4. فالله نسأل أن يرفع عن الأمة الإسلامية سوط العذاب، وأن يكشف عنها هذا البلاء، وأن يزيح عنها هذه الغمة، وأن يردها إلى الصواب، وأن يجمع كلمتها على الحق، وأن يهديها سواء السبيل.
    **************************************************
    فالله نسأل للأخت مونيا أن يصرف عنها هم الدنيا ويسكنها الجنة العالية
    ســـــــــــــــــــــــــــــــــــلام /.

  5. شكراً مونيا
    وضعتي يدك على الجرح نصوص المسلمين جيدة و كافية لكن النفوس ليست كلها نظيفة فليبدأ الأصلاح من الصفر
    و الأمثلة كثيرة

  6. روعة مقالك هذا فقد شخصت الداء ووضعت الدواء ونصحت الامة وبرئتة من
    الذمة ولكن امتنا لاتسمع ناصحآ ولا منذرآ
    ولا موجهآ فكل مغرور بفكرة وقوتة ولكنة
    نسي او تناسا بأنة سوف يسئل في يوم
    مقدار ألف سنة .

  7. د. عايض
    أسمع كلامك أصدقك ! أشوف أفعالك أستغرب ؟
    السكوت أحسن شى بعض الاحيان !!
    لا تعليق ! مع إنى علقت ؟

  8. أين قول الباري عز وجل: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا»
    إلى متى هذا المسلسل الحزين المبكي؟
    ****************
    والأفضل اكمال قوله تعالى ((… ولا تفرقوا…)) لعلاقتها بالموضوع.

    الى ان نرجع لتطبيق الدين أما لتركه فنستحق ما نحن فيه.

ماذا تقول أنت؟
اترك رداً على وهب الحسيني إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *