مرسلة من صديق مأمون مأمون

بسم الله الرحمن الرحيم ..
الموقف الذي سأسرده عليكم اليوم .. يظهر لنا مدى حِلم وصبر وحكمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..وكيف أن حِلمه يسبق غضبه ،، ولا يزيده الجهل عليه إلا حلماً ..ولست بحاجة لتذكيركم ان هذه المواقف ليست للقراءة فقط ،، وانما هي محاولة للتخلق باخلاق هذا النبي الكريم .. والاقتداء به وبهديه ..
والموقف هو حبر من أحبار اليهود أسمه زيد بن السعنة :
قال زيد بن سعنة: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد حين نظرتُ إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمُه جهلَه، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فكنت أتلطف له لأن أخالطه، فأعرف حلمه وجهله.

قال: فخرج رسول الله من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي، فقال: يا رسول الله، قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث، وأنا أخشى -يا رسول الله- أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيت أن تُرسل إليهم من يُغيثهم به فعلت. قال: فنظر رسول الله إلى رجلٍ جانبه -أراه عمر- فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله.

قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه، فقلت له: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: «لاَ يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنِّي أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجْلِ كَذَا وَكَذَا، وَلا أُسَمِّي حَائِطَ بني فُلانٍ». قلت: نعم. فبايَعَنِي ، فأطلقت هِمْيَاني[كيس النفقة]، فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا. قال: فأعطاها الرجل وقال: «اعْجِلْ عَلَيهِمْ وَأَغِثْهُمْ بِهَا».

قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني -يا محمد- حقي؟ فوالله إنكم -يا بني عبد المطلب- قوم مطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!!

قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فَوْتَهُ[أي أخشى فوت رضى رسول الله عني] لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: «يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا؛ أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ[المطالبة]، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ».

قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعًا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟

قال: أمرني رسول الله أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ. فقلت: أتعرفني يا عمر؟

قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة. قال: الحبر؟ قلت: نعم، الحبر. قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟

فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمُه جهلَه، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فقد اختبرتهما، فأُشهدك -يا عمر- أني قد رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وأشهدك أن شطر مالي -فإني أكثرها مالاً- صدقة على أمة محمد .

فقال عمر: أو على بعضهم؛ فإنك لا تسعهم كلهم. قلت: أو على بعضهم. فرجع عمر وزيد إلى رسول الله ، فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله »[ ابن حبان 288، والحاكم 6547، والبيهقي 11066، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: روى ابن ماجه منه طرفًا، ورواه الطبراني، ورجاله ثقات.].

زيد بن السعنة قد خطط ودبر لإثارة غضب رسول الله .. وبذل لذلك كل الوسائل ،، فهو اولاً جاء يُطالب الرسول قبل استحقاق الأجل بثلاثة أيام ،، وهذا ليس من حقه .. وهو أيضاً جذب رسول الله من ردائه ونظر إليه بوجه غليظ ورسول الله بين أصحابه وأمام الناس .. وهو كذلك سب قوم رسول الله عندما قال أنه قوم مُطل أي لا يؤدون الحقوق ..
أي سبب من هذه الأسباب لو جرى مع أحدنا لثارت ثائرته .. ولرد لهذا الرجل الصاع صاعين .. لكن رسول الله وخاتم النبيين وخليفة المسلمين وقائدهم لم يفعل ذلك .. بل نظر إليه بهدوء وطلب من عمر رضي الله عنه أن يامره بحسن الأداء .. وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاج لأحد أن ينصحه بحسن الأداء وهو رسول الله ؟ بالتاكيد لا ولكن ذلك من تواضع رسول الله
وليس ذلك فقط .. بل زاده عشرين صاعاً لأن عمر رضي الله عنه قد أخافه ..
كم إن ملوكنا وقادتنا واولياء امورنا بحاجة أن يتعلموا من هدي هذا الرسول الكريم .. بل إن العالم كله بحاجة لأن يتعلم منة هذا المعين الصافي والنقي ..من أخلاق النبوة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم …
ولكم مني كل الود والورد ..

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫17 تعليق

  1. اللهم صلي وسلم وبارك على سيد الخَلْق والخُلُق

    وليس ذلك فقط .. بل زاده عشرين صاعاً لأن عمر رضي الله عنه قد أخافه ..

    أقّر رسول الله صلوات الله عليه بالأثر النفسي للخوف على الإنسان وسن له تعويضا
    بينما يتبارى ولاة الأمر في أمتنا بنشر الرعب في قلوب رعيتهم.

    صدقت با مأمون
    على ولاة أمورنا أن يجروا تدريبات متواصله ودائمه بدراسة سنن الرسول عليه الصلاة والسلام

    نسأل الله صلاح ولاة أمورنا وينصب علينا من يطبق أحكام الله عز وجل ونهج سنن النبي الكريم ومن إتسم بأخلاقه

    جزاك الله عنا كل خير
    وُفِّقْتَ وبوركت يا منارة نورت

    (إذا صار في إنتخابات رئاسيه في سوريا أنا أرشح مأمون ^_^)

  2. اللهم صلي وبارك وزد وسلم تسليما على صاحب الخُلُق العظيم ..
    بارك الله فيك يا مأمون وجزاك عنا كل الخير
    سعاد وانا تاني المقترعين على صندوق مأمون ^ـ^

  3. اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم بارك الله فيك والله يا اخي انا تعلمت من هذا موظوعك كثيرا فانا دائما عصبي جزاك الله الف الف خير.

  4. كولد كيى ، سُعاد ، كارولينا ، أنس ..
    مشكورين على تعليقاتكم الطيبة ..
    أختي سُعاد أنتي هيك رح تروحيني بحديد ^_^ ..

  5. (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ{1} مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ{2} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ{3} وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{4}) القلم
    سئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن ………..
    حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما له قط ولا ضرب امرأة ولا ضرب بيده شيء قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا خير بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم لله عز وجل . عليك أفضل الصلاة و التسليم يا حبيبي يا رسول الله
    مأمون جازاك الله عنا خيرا و عيد مبارك سعيد للجميع……..

  6. رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا

    أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله
    شكرا مأمون على هذا الموضوع المهم ، فنحن فعلا متسرعون في قراراتنا وردود فعلنا
    خصوصا امام احد من اهلنا وربعنا

  7. شهرزاد في أيلول 3rd, 2011 |
    رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا
    أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله
    شكرا مأمون على هذا الموضوع المهم ، فنحن فعلا متسرعون في قراراتنا وردود فعلنا
    خصوصا امام احد من اهلنا وربعنا
    سلام

  8. كم إن ملوكنا وقادتنا واولياء امورنا بحاجة أن يتعلموا من هدي هذا الرسول الكريم .. بل إن العالم كله بحاجة لأن يتعلم منة هذا المعين الصافي والنقي ..من أخلاق النبوة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم …
    ____________
    صدقت يا أخ مأمون جزاك الله خير مواضيعك مميزة ويزينها دايما أحلى المعلقين سلامي للكل يومكم سعيد

  9. “ولكم فى رسول الله اسوة حسنة” صدق الله العظيم.
    وبما أن الموضوع للتطبيق وليس لمجرد القراءة، فهحاول انى اطبقه بقدر استطاعتى.
    جزاك الله كل الخير مأمون.

  10. سلام
    نعتقد جهلا أننا يجب أن نرد بغلظة على من أساء إلينا حفاظا على كرامتنا وشكلنا أمام الناس، وحتى لا يفهم سكوتنا أنه خوف أو قلة حيلة..ويحصل هذا في نورت على مدار الساعة..
    لكن حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام لا ينتصر لنفسه أبدا ولو تعرض لسب أو إهانة، وإنما غضبه لله دوما، رغم أنه المؤيد من أهل السماء وأهل الأرض..
    اللهم أسألك شفاعته يوم العرض، ومرافقته في الجنة رغم أن الزاد قليل، لكن طمعي في رحمتك لافي عملي..
    مشكور أخ مأمون على هذه الوقفات

  11. ما أحلمك و ما أعظمك يا رسول الله صلوات الله عليك
    جزاك الله خيرا يا قناص الحسنات و بارك الله فيك

  12. اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي ابراهيم وعلي آل ابراهيم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي ابراهيم وعلي آل ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد.
    الله يجزيك كل خير ويبارك فيك يا اخ مأمون

  13. جميل جداً يا اخ مأمون الغريب ان هناك من المسلمين ـ تبعاً للهوية ـ لا يؤمنون حتى الآن و يسخرون من شخصية رسول الله حتى اليوم رغم انهم من حملة الشهادات الجامعية
    شكراً لك

  14. يعطيك العافية اخوي مامون
    دائما مواضيعك ممتازة وجميلة وبها الفائدة

ماذا تقول أنت؟
اترك رداً على BKAM إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *