مرسلة من احمد عطيات ابو المنذر
ان الدقة في الالفاظ ضرورية للوصول الى الدقة في المفاهيم التي لابد منها للوصول الى النهوض بالانسان والامة. فنحن عندما نقول الشورى والديموقراطية شيئ وحد على سبيل المثال فاننا في هذه الحالة لن نستطيع النهوض ابدا لاننا في واقع الامر لن ناخذ لا بالشورى فننهض- بصفتنا مسلمين- نهوضا اسلاميا يعيد لمت العزة والكرامة المفقودتين، ولن ننهض نهوضنا راسماليا غربيا يشبع بطوننا الخاوية.
ومن هنا فانني ارى ان الادعاء بوجود الترادف في اللغة هو من العوامل التي تؤدي الى الادعاء بوجود الترادف في الافكار، وارى ان القول بالترادف تهرب من اعمال الفكر،على طريقة القول الشعبي” كلمة ما بعرف بتريحني” وصدق القائل:” التفكير من اشق الاعمال ولذا فان الكثيرين يهربون منه.
ان الملاحظ عند القراءة الواعية في القرآن ان هناك كثيرا من الكلمات التي يصعب ان تبدل بكلمة اخرى والمثال المشهور هي كلمة “ضيزى” التي يصعب ان نعبر عنها بكلمة ظالمة او جائرة او ماشابه.
وفيما يلي بعض الامثلة عن الفروق في اللغة اخترتها من كتابي الفوارق اللغوية في اللغة العربية:
• الفرق بين ( الأخوة ) و ( الإخوان )
تطلق كلمة الأخوة على المشتركين في والد أو والدة ، ” وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه وهم له منكرون ” يوسف (58) .
أما كلمة الإخوان فتطلق على الذين تربطهم اخوّة الصداقة والموَّدة أو الدين وما شابه ” إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين ” الإسراء (27).
• الفرق بين ( الاد ) و ( العجب )
الاد هو العجب المستنكر وأصله من أدّ البعير إذا شرد ، ” لقد جئتم شيئاً إدّا ” مريم (89) .
أما العجب فهو استعظام الشيء أو الأمر لخفاء سببه ، ” أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب ” هود (72) .
• الفرق بين ( الأداء ) و ( الإبلاغ )
الأداء هو إيصال الشيء أو المعنى بأي كيفية كانت ، ” فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ” البقرة (178) .
أما الإبلاغ فهو خاص بإيصال المعاني بشكل واضح لا لبس فيه ومنه البلاغة ” فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا ” النساء (63) .
• الفرق بين ( الضرر ) و ( الإذى)
قال تعالى في سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) والكلام في الآية موجه للمؤمنين عن الفاسقين الذين كفروا برسول الله مع علمهم بصدقه وصدق رسالته ونبوته . الأذى هو نوع من أنواع الضرر والضرر نوعان ضرر قاصر وضرر متعدّي فلو شرب أحدهم خمراً يكون قد أضر نفسه فهذا ضرر قاصر اقتصر على الشخص نفسه أما أن يدخّن الانسان بين الناس فهذا ضرر متعدي للغير وهو ضِرار كما جاء في الحديث الشريف “لا ضرر ولا ضِرار”
وقد استعمل القرآن الكريم كلمة أذى استعمالاً دقيقاً فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) الاحزاب) النظرة تؤذي لأنها مؤقتة غير دائمة. ، وقال تعالى في سورة الأحزاب أيضاً (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)) فمجرد أذى الرسول يستوجب لعنة الله تعالى في الدنيا والآخرة ولهم عذاب مهين جزاء إيذائهم للرسول . وقال تعالى في سورة البقرة (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)) (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)) وفي سورة النساء (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)) وفي آية سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) فالآية تدل على أن ما يسمعه المؤمنون من الفاسقين هو ليس إلا أذى كلامياً فقط وليس ضرراً لأنهم مؤمنون متمسكون بإيمانهم والخطاب في الآية هو للمؤمنين أما غير المؤمنين فلن يكون ضرر الفاسقين أذى بالنسبة لهم.
• الفرق بين ( الإذلال ) و ( الإهانة )
الاذلال لا يكون إلا من الاعلى إلى الأدنى ،” وتعزّ من تشاء وتذل من تشاء ” آل عمران (26) .
أما الإهانة فتكون على كافة المستويات ، ” وإذا ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ” الفجر (16) .
• الفرق بين ( الإرادة ) و ( المشيئة )
الإرادة نوعان: إرادة دينية شرعية طلبية،وإرادة كونية قدرية خَلقِيَّة.
أما الإرادة الشرعية؛ فهي تتعلق بما يحبه الله -تعالى- ويرضاه،مع تعلقها بحكمته. فضابطها موافقة الشرع. ثم قد يتحقق المراد منها وقد لا يتحقق.ومن أمثلتها إرادته لطهارة أهل البيت لقوله تعالى: “وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا”[الأحزاب:33] .
وأما الإرادة الكونية؛ فقد لا تتعلق بما يحبه الله -تعالى- بل قد يكون المراد محبوبًا له وقد يكون مما يكرهه ويبغضه، وإنما يريده لحكمة قد تخفى علينا، وقد نعلمها؛ كأن تكون باعتبار ما تؤدي إليه مما يحبه ويرضاه، كما يتعاطى المريضُ الحكيمُ الدواءَ المرَّ طلبًا للشفاء.ولله المثل الاعمال.
.فضابطها موافقة الحكمة دون النظر إلى موافقة الشرع.
لقوله –تعالى-: “وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُون”[النحل:93]
و “مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم”[الأنعام:39].
• الفرق بين ( الارتياب ) و ( الشك )
الارتياب هو الشك الذي يرافقه الاتهام وليس مجرد الشك ، فكل ارتياب شك وليس العكس ، ” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ” الحجرات (15) .
• الفرق بين ( الإرشاد ) و ( الهداية )
الإرشاد هو دلّ المرء على الطريق المادي أو المعنوي فقط ، ” ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ” الكهف (17) .
أما الهداية فهي إيصال المرء إلى الغاية المادية أو المعنوية ،
” وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا ” الأعراف (43) .
الفوارق اللغوية في اللغة العربية/احمد عطيات
السلام على من اتبع الهدى
….. التفكير من اشق الاعمال ولذا فان الكثيرين يهربون منه…
فقط يا ابو منذر حبيت اعرف ان كنت انت الكاتب ام مجرد ناقل !!!! لو سمحت طبعا
هنيالك يا أخ أحمد
شوف منو أول واحد يعلق على موضوعك ؟
سيبويه المغاره أبو نعط !!!
هناك الكثير من الدراسات القديمة والحديثة في مترادفات خصوصية هذا اللفظ بمكانه وأصواته وصيغته وكلها تدور في محور الإعجاز اللفظي والمعنوي في االقرآن الكريم .والقرآن زاخر بالأمثلة ولكن لأولي الألباب
موضوع ممتاز أخي أبو المنذر ..
اللغة العربية بحر زاخر ليس له ساحل …!!
أرجو منك اخي أن تذكر لنا الفرق بين هذه الكلمات إن كان هناك فرق :
الإنزال / التنزيل …. الهم / الغم ….
سأذكر المزيد عندما أتذكر .. وسلمت لأخيك في الاسلام !!
سلام عليكم
موضوع رائع أخي أبو المنذر
أعجبتني المقدمه
حيث قارنت بين أن لا مترادفات متطابقات في اللغه العربيه ولا ترادف وتطابق في الأفكار والإبداع
مقارنه رائعه
أعجبتني الأدله السانده لكل الأمثله المطروحه
بالفعل موضوع قيم
الشيخ أحمد القبيسي كان يقدم حلقات تعنى بذات الموضوع ويذكر في بداية كل حلقه أن لا مترادفات في أم اللغات وكل كلمه لها خاصيتها المميزه
ان شاء الله كلنا إخوان وإن لم نكن إخوة
بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء!!!!!!!
انا لله وانا اليه راجعون
ان شاء الله كلنا إخوان وإن لم نكن إخوة
جئتم شيئاً إدّا !! ,,,كنتها احسب معناها المستحيل وليس العجب,,
نحن كأناسٍ عاديين قد نفهم المعنى العام لبعض الكلمات ولكن ليس القصد الحرفي لمعناها ,, فاللغه العربيه من أصعب اللغات ولكن أجملها على الأطلاق .
شكرا أخ منذر سلمت لأخوتك في الأسلام على هذا المجهود الجميل.
اللغه العربيه من أجمل اللغات لما نتعلمها صح ونحبها صح لكن للأسف الشديد بدأ تهميشها في بلداننا العربيه بسب متطلبات سوق العمل
شكرا أحمد على هذا الشرح والتوضيح