مغربيات يُقبلن على ارتداء الحجاب في شهر رمضان

هسبريس ـ تقبل العديد من النساء والفتيات بالمغرب على وضع الحجاب في شهر رمضان تحديدا، حيث إن منهن من يلتزمن بارتدائه في رمضان وحتى ما بعد رمضان، لكن منهن أيضا من تتخلى عن حجابها مباشرة بعد انصرام الشهر الكريم.
ويرى علماء دين أن قرار مئات وآلاف النساء والفتيات ارتداء الحجاب في شهر رمضان ظاهرة صحية وليس فيها أي شيء معيب، بل ينبغي تشجيعها والحث عليها، لكون الزمن زمن شريف ومفضل ويحمل معه رغبة المسلم في تحسين أدائه وعباداته، وتصويب ما اعوج من سلوكياته والرجوع عن غفلته وطيشه”.
وشدد آخرون على أنه إذا كان قرار هؤلاء الفتيات والنساء ارتداء الحجاب بمناسبة رمضان خطوة إيجابية هامة، فإن الأهم هو المحافظة على استمراريته حتى بعد انصرام الشهر المبارك، لأن الحجاب لم يرتبط يوما بهذا الشهر، وحتى لا تكون عبادة المرء لرب رمضان وليس لرمضان في حد ذاته.
تأثير الرفقة الصالحة والأسرة
وتتذكر السيدة بشرى، 35 عاما، أنها ارتدت حجابها في الشهر الفضيل منذ عشرين عاما حين كانت فتاة مراهقة بتأثر من رفيقاتها وبعض بنات جاراتها، اللائي كن يفقنها سنا ودراية، حيث تأثرت بالجو الإيماني داخل البيت وأيضا في ساحة المدرسة وجمعية الحي، فضلا عن الصديقات اللواتي كن يحرصن على الذهاب جماعة إلى أحد مساجد مدينة الرباط في رمضان.
كل هذه الأجواء، تبرز بشرى، كانت الدافع الرئيس لارتدائها الحجاب في شهر رمضان، عاقدة العزم على أن لا تفارقه أبدا في حياتها، وكان لها ذلك حيث حرصت على لباس الحجاب حتى بعد فوات الشهر الكريم إلى حدود اليوم، بخلاف بعض صديقاتها في نفس سنها حينئذ.

وأعربت هذه الأم عن فرحتها في تلك الأيام لكون حجابها اقترن مع شهر عظمه الله تعالى، وبأنها ستحرص على إبراز قيم الحجاب وفضائل لبنتها الصغيرة، وأن تعمل على أن ترتدي هي الأخرى الحجاب أول مرة في شهر رمضان المبارك.
وتصف عائشة، 43 عاما، شعورها بارتداء الحجاب في رمضان بأنه أفضل قرار اتخذته في حياتها، وبكونها كانت تنتظر الفرصة المناسبة لفعل ذلك لأنها كانت مقتنعة تماما بوجوب الحجاب، ولم يكن يمنعها من ارتدائه سوى طول الأمل والتسويف.
وتقول عائشة إنها تأملت في هذا التناقض الصارخ وأن المسلم كل لا يتجزأ، وأن تصرفاته كلها يجب أن تنضبط بضوابط الشرع، وبأوامر الله ونواهيه وتوجيهات نبيه الكريم، فقررت ارتداء الحجاب خلال شهر رمضان لأنه كان الدافع الرئيسي الذي دفعها للحجاب.
ومن جانبه أبدى العم العلوي، 58 عاما، فرحه كلما “رأى أفواج الفتيات والنساء وقد اهتدين للحجاب في رمضان أو على الأقل أنقصن من بهرجتهن وزينتهن وابتعدن عن مساحيق التجميل بمناسبة شهر الصيام، لعلمهن أن أجر الصوم لا يُنال بالتزين والخروج بدون حجاب صحيح لا يشف ولا يكشف الجسد”.
لكنه بالمقابل أعرب عن أسفه لكون العديد من الفتيات تخلين عن الحجاب فور انصرام الشهر، أو بانقضائه بمدة زمنية قصيرة، كأنهن ارتدين الحجاب فقط من أجل تلك المناسبة الدينية، وليس من أجل الامتثال لأوامر الشرع، وهو الوضع الذي فسره هذا الأب لعدة بنات بأنه بسبب الفتنة التي عمت مناحي الحياة والغفلة عن الدين، وفتور الدعاة أنفسهم عن المواعظ والحث على الحجاب بعد نهاية شهر مضان.
الخير باق إلى يوم القيامة
ويجد الداعية الدكتور عبد الرحمان بوكيلي في لجوء بعض النساء والفتيات إلى الحجاب خلال شهر رمضان نوعا من الرغبة الفطرية لهؤلاء النساء في سلوك مسلك الحشمة والحياء، لأنه خصلة مستوطنة في أخلاقهن رغم بعض التهاون في تطبيق ذلك عمليا.
وأوضح بوكيلي أن هذا دليل على أن الخير موجود ومزروع في هؤلاء البنات والنساء ولا يمكن اتهامهن بالسوء، بل يجب الأخذ بيدهن من طرف العلماء والدعاة، وقبل ذلك من طرف الأسرة والوالدين من أجل دعوتهن بالحسنى ومخاطبتهن بما يفهمن ليتعظن ويعتبرن الحجاب فرضا لا يصح للفتاة المسلمة الحياة بدونه.
وفسر المتحدث تراجع بعض النساء عن ارتداء الحجاب بعد انقضاء رمضان بأن السبب يكمن في تجاذب نداءين اثنين، الأول نداء الدين والفطرة والحشمة خاصة في موسم كله تجارة مع الله وهو شهر رمضان، في حين أن النداء الثاني هو نداء سفلي ينزع نحو الرغبات والشهوات الذاتية والجسدية، فمتى كانت الغلبة لأحد النداءين برز الحفاظ على الحجاب أو التراجع عنه”.
أما الأخصائي في العلاج النفسي الدكتور عبد المجيد كمي فهو يعتبر أن ارتداء الحجاب في رمضان له مبرراته النفسية أيضا، حيث يتفق المجتمع ضمنيا على طريقة معينة للعيش والسلوك في رمضان، لكونه مناسبة دينية يحترمها أغلب الناس في المجتمعات الإسلامية.
لهذا، يضيف كمي، تنجذب الفتيات والنساء إلى لبس الحجاب في شهر رمضان انسجاما مع ضمير ووعي المجتمع المغربي المحافظ، فضلا عن تأثير بعض المعتقدات ومن بينها اعتقاد بعض الفتيات والنساء بأن صومهن لا يُقبل إذا خرجن مكشوفات الشعر في نهار رمضان.