تطرفهم العلني الخفي ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم ..

عندما نسمع كلمة ” تطرف ” فإن ذهننا سينصرف مباشرة إلى تعبير ” التطرف الاسلامي ” .. فكان هاتين الكلمتين أصبحتا مترابطتين لا تأتي الأولى إلا لتتبعهاالثانية ..وما ذلك إلا لكثرة ما سمعنا هذا المصطلح في السنين الماضية ..فما يُسمى بالأصولية الاسلامية قد أصبح الهاجس الأساسي عند الدول الغربية ووسائل اعلامها ..فغالباً ما نسمع أن رئيس الدولة الفلانية يشعر بالقلق من تزايد التطرف الاسلامي في الدولة العلانية ..وأن المحلل السياسي فلان يلاحظ تنامي صعود التيارات الاسلامية المتطرفة في الدولة الفلانية ..إلى جانب ظهور عشرات الكلمات المختلفة التي حفظناها عن ظهر قلب مثل ” السلفية ” و ” الجهادية ” و ” الأصولية الاسلامية ” وغيرها .. وكلها تشير إلى معنى واحد هو ” التطرف الاسلامي ” ..

وبغض النظر إن كان هذا ” التطرف الاسلامي ” موجوداً أم غير موجود .. وإذا كان موجوداُ فعلاً هل هو من صنع المسلمين أم من صُنع من يحذرون منه ..أو إن كان سعي المسلمين لنيل حريتهم من الاحتلال أو تطبيق دينهم في شؤون حياتهم يُعتبر تطرفاً .. فليس هذا ما أريد مناقشته ..وإنما ما أُريد أن ألفت الانتباه إليه .. أن هناك تطرفاً آخر لا يتكلم عنه أحد ولا يحذّر منه أحد إلا قلّة قليلة رغم أن هذا التطرف أخطر بكثير من أي تطرف آخر .. لأنه يدعو وبكل صراحة ووضوح إلى ” إفناء البشرية ” .

التطرف الذي أقصده هو ما يُعرف اليوم بالمسيحية الإنجيلية أو القدرية ..وأتباع هذا المذهب يؤمنون أن هناك معركة هائلة ستؤدي إلى نهاية العالم .. وأن تلك المعركة لن تحدث إلا بعد قيام دولة اسرائيل وتجمع اليهود هناك.. وستجري في مكان يُسمى ” هرمجيدون ” في فلسطين المحتلة..حيث سينزل المسيح عليه السلام ليدمّر العالم ..وأن أتباع هذه الطائفة لن يُعانوا ولو للحظة واحدة آثار تلك الحرب الهائلة .. لأن الله سيختارهم ويرفعهم إلى السماء ليشاهدوا فناء البشرية من هناك .. بما يسمونه ” النشوة الدينية ” .

والخطورة لا تكمن في اعتقادهم ذلك فقط .. وإنما تكمن أنهم يسعون ليل نهار لتسريع حدوث ذلك .. أي تسريع نزول المسيح عليه السلام وبالتالي تدمير العالم كما يعتقدون .

والمخيف في هذه الطائفة أنها تسيطر اليوم على سياسة واعلام الدول الغربية .. بل إن بعض معتنقيها قد وصل إلى سدة رئاسة أقوى دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من مرة .. مثل جورج بوش الأب وبوش الابن و رونالد ريجان ..

كما أن أبرز منظري وكهنة هذه الطائفة كانوا يذيعون أفكارهم من خلال برامج تلفزيونية واذاعية واسعة الانتشار ..من أمثال جاك فان ايمب و تشارلز تايلور وستيوارت ماك بيرني وتشاك سميث وهؤلاء وغيرهم كانوا يبشرون بمعتقادتهم في برامج اذاعية وتلفزيونية يشاهدها الملايين .. لذلك ليس غريباً أن يكون اتباع هذه الطائفة في ازدياد كبير ..فهي تُعد الحركة الدينية الأسرع نمواً في أمريكا .

من الصعب أن يتخيل إنسان أن الله يحضر للبشرية مجزرة رهيبة .. يقضي فيها ثلث سكان الأرض حرقاً بالكبريت والنار حسب النبوءة التي يؤمنون بها ..وهم يؤمنون أن تلك النهاية ستكون من خلال القنابل النووية التي ستطلق في معركة هرمجيدون وسيكون المسيح عليه السلام هو أول من يطلق قنبلة نووية ليقضي على جيش الشر .. ثم يتربع بعد ذلك على عرش داوود ..

لكن .. لا تزال هناك خطوة تفصل قدوم المسيح .. هذه الخطوة هي بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى وقبة الصخرة .. كما يقول أبرز منظري هذه الحركة هول ليندسي في كتابه ” الكرة الأرضية العظيمة المأسوف عليها ” : ( لم يبق سوى حادث واحد ليكتمل المسرح لأداء دور اسرائيل في الفصل الأخير من مأساتها التاريخية ، وهي اعادة بناء الهيكل القديم في موقعه القديم ..) وهاهم بعد أن انشأوا دولة اسرائيل ودعموها ولا زالوا يدعمونها بكل ما أوتوا من قوة وامكانيات

ويضحون بمصالحهم في سبيل خدمتها .. لأنهم يؤمنون أنهم بذلك إنما يحققون إرادة الرب ..الرب الذي قد وضع خططاً – كما يقول أحدهم – للمسيحيين القدريين في رفعهم إلى السماء لتخلصيهم من مآسي تلك المعركة .. ووضع خططاًأرضية لليهود في إقامة دولتهم .. وفي تمكينهم من رؤية النور والاعتراف بالمسيح مخلّصاً .. أما باقي شعوب الأرض فليسوا ضمن مخططات الرب .

ومن المفيد أن أنقل قول أحدهم هو بول بوير في كتابه ” عندما يتلاشى الوقت ” : ( من الواضح ان النبوءات الوشيكة الوقوع تتطلب اقتلاع العرب ليس من القدس فقط ، وإنما من معظم الشرق الأوسط ، لقد وقفوا في طريق الوعود الإلهية لليهود . )

فواعجبي .. هل بعد هذا التطرف تطرف ؟!! .. اوجدوا اسرائيل على حساب شعب كامل من أجل تنفيذ ارادة الرب كما يزعمون .. ويدعمونها بكل الوسائل من أجل المعركة الفاصلة التي سيُقضى فيها على العالم بنهاية مأساوية ..ويدعون إلى اقتلاع الشعوب من أوطانها لتحقيق وعد الرب  ، ويبثون معتقداتهم في الفضائيات ووسائل الاعلام .. وفي الكتب والمؤلفات .. والعالم كله يضرب عنهم وعن أفكارهم ومخططاتهم المرعبة صفحاً .. وينشغل بالتطرف الاسلامي المزعوم..؟!!!!

ولكم مني كل الود والورد ..!!

أخوكــم .. مــامون