صدرت في تونس، الاثنين الماضي، صحيفة أسبوعية وصفوها بأنها أول جريدة “شيعية” هناك، لأنها متعاطفة مع الشيعة في بلاد أول ثورات الربيع العربي، ولأن مؤسسها ورئيس التحرير شيعي شهير، وهو أيضاً دكتور بالفلسفة التي امتهن تدريسها لسنوات، وخلالها لم تكن له من الصحافة خبرة ولا حظ ولا نصيب. كما أنه ضيق الصدر إلى درجة حملته على إقفال الخط مع “العربية.نت” لكثرة أسئلتها التي وجهتها إليه.
سألناه عن سبب تأسيسه للصحيفة التي سماها “الصحوة التونسية” ومن ورق أيضاً، خصوصاً في زمن تغلق فيه صحف الورق أبوابها تفادياً للمزيد من الخسائر وترتدي حلة الإنترنت، وتصبح موقعاً إخبارياً بتكاليف أقل وانتشار أوسع، فذكر الدكتور هشام البوعبيدي أنه لم يجد بالتدريس فرصته في الحياة، لذلك اختار مهنة أخرى، مضيفاً أنه ليس خائفاً من الخسائر “بل بالعكس، أنا متفائل بالأرباح”، كما قال.
وأجاب حين سألته “العربية.نت”: من أين له المال ليؤسس صحيفة من 24 صفحة، يعمل فيها 15 موظفاً، بحسب ما ذكر، وطبع من عددها الأول 10 آلاف نسخة، إضافة إلى تكاليف الطباعة والورق والمكتب وغيرها الكثير، أنه يغطيها من ماله الخاص، علماً أن نصف سعر النسخة، وهو 700 مليم، أي نصف دولار، يذهب لشركة التوزيع، في وقت لا تبيع صحف الورق نسخها كما يحلم أصحابها، لأنه بكبسة زر يمكن للراغب بشرائها أن يطالعها حلالاً ومجاناً على الإنترنت.
“سوريا تتعرض لمؤامرة”
وهشام بوعبيدي، المؤيد منذ أول افتتاحية في الصحيفة للنظام السوري، هو من مدينة المناجم الشهيرة في تونس، أي “قفصة” التي ولد فيها قبل 40 سنة، وفي 1983 كان من أوائل المتشيعين في تونس التي يذكر أن عدد الشيعة فيها غير معروف تماماً، “لكني لو أردت تقدير عددهم فسأقول إنهم 7 آلاف على الأكثر، وهم منتشرون في كل المدن، لكن معظمهم في الجنوب”، بحسب ما قال عبر الهاتف من العاصمة.
وذكر أيضاً أن تشيّعه لم يكن تأثراً بالثورة الخمينية في إيران، “بل بزملاء لي تشيعوا زمن دراستنا الجامعية في الثمانينيات”. وقال إن تونس تخلو من أي صراع طائفي، وصحيفته ليست شيعية تماماً كما يقولون، بل متنوعة وعامة ومعظمها عن الشأن المحلي، “ودفاعها عن النظام السوري هو من إدراكي بأن سوريا تتعرض لمؤامرة”، وفق تعبيره.
ولم يوافق أن الشيعة هم نوع من حصان طروادة إيراني في تونس، خصوصاً أن بلاد الزيت والزيتون كانت خالية منهم تقريباً قبل الثورة الخمينية، إلا عشرات هنا وهناك، ممن هم بقايا الدولة الفاطمية. ومع ذلك تضمن العدد الأول من “الصحوة التونسية” مقالات تطرق بعضها إلى “الثورة في البحرين ومواقف الإخوان في سوريا”، إضافة إلى أخبار الشيعة في باكستان والبحرين.
لم يتحمل كثرة الأسئلة فأقفل الخط
وقال إنه منذ ولد لم يغادر تونس حتى الآن، لذلك لم يزر إيران وليس له اتصال بمن يمثلها، وإن صحيفته “التي لا تدعو للفتنة بل للوحدة” ستبقى أسبوعية في الوقت الحاضر، لكنها قد تتحول إلى يومية مستقبلاً.
وذكر هشام البوعبيدي أنه لم يلتق بكبير وأوائل من تشيعوا في تونس البالغ عدد سكانها 11 مليوناً، وهو الشيخ مبارك بعداش، إلا مرة واحدة، وإنه سيحاول في الصحيفة تقديم بعض الحلول وتنويع المشهد الإعلامي والثقافي بعيداً عن الفكر “الدوغمائي”، والكلمة الأخيرة فلسفية، وتعني المسلمات.
ومع أن البوعبيدي اختار مهنة الصحافة كما بدا حتى الآن، وهي مهنة متاعب تقتضي سعة الصدر وقبول الحوار والسؤال والجواب، إلا أنه لم يتحمل كثرة الأسئلة من “العربية.نت” ومعظمها كان طبيعياً جداً، فأقفل الخط فجأة أثناء الاتصال، ولم يعد يرد على الرنين الهاتفي من جديد. أما وعده بإرسال صورته عبر البريد الإلكتروني، فأصبح كأنه لم يكن.