مرسلة من ناديه

كنت عائدا يوما بسيارتى من امريكا داخلا كندا حيث إقامتى وعلى الحدود أعطيت جواز سفرى الكندى الى الموظفة ففتحته وبالطبع كان فيه أنى مولود في العراق فقالت: كيف العراق ؟
بخير ونرجوا الله ان تبقى بخير،
منذ متى وانت تعيش فى كندا،
أوشكت ان تنتهى السنة العاشرة ،
متى زرت العراق ،
منذ ثلاثة أعوام ،
فنظرت إلىّ وهى تبتسم وسئلتنى … من تحب اكثر العراق ام كندا؟
فنظرت اليها وصمت قليلا ثم قلت لها: الفرق عندى بين العراق وكندا كالفرق بين الام والزوجة .. فالزوجة نختارها ونرغب فيها الجمال ونحبها ونعشقها ولكنى لو تزوجت بأجمل نساء العالم فلن تنسينى امى …

اما الام فلا نختارها ولكنى مِلكُها فحبى لأمى له مذاق اخر .. فأنا لا ارتاح الا فى أحضانها ولا أبكى الا على صدرها ولا اتمنى الموت الا فى تراب تحت أقدامها. فأغلقت جواز سفرى وراحت تنظر لى بشئ من العجب وقالت: نسمع عن زحامها وحرها وضيق العيش فيها فماذا تحب فى العراق قلت لها أتقصدين أمى فابتسمت وقالت ولتكن أمك فقلت: احب فيها طفولتى .. احب فيها ذكرياتى …. احب ضربها لى وانا صغير تعلمنى .. احب حتى وانا مريض على ….
..صدرها .. قد لا تملك أمى ثمن الدواء ولا أجرة طبيب يعالجنى ولكن حنان أحضانها وهى تضم جسدى الملتهب ولهفة قلبها وانا ارتعش بين يديها يُشفيني بلا دواء ولا طبيب.
فراحت تدقق بنظرها فى وجهى وهى تسئلنى: ١٠ أعوام ومازال الحنين باقى فى قلبك لها ومازلت تذكر ذكرياتك فيها
فقلت لها: أنا إن نسيت تُذكرنى الاماكن والأشياء فهذا الشارع ان سرت فيه يذكرنى حين كادت عربه ان تصدمنى ووقعت برأسى على هذا الحجر من هذا الرصيف .. وهذا المطعم ان مررت عليه يناديني ويحكى لى كم أكلت فيه مع أصدقائى وكم ضحكنا وكم ملكنا الدنيا فى شبابنا .. وهذه الشجرة يروى لى ظلها كم جلست فيه ساعات وساعات .. حتى بحرها ما ان يرانى حتى تجرى أمواجه مسرعة نحوى تسئلنى تطمئن على احلامى التى كنت احكيها لها ثم تمسح بمياهها على ظهر قدمى تواسينى فكم من هموم بُحت بها لها وكم من دمع سقط فيها وراح يضرب الصخر معها. حين ازور العراق فان اجمل ما فيها هذا الحوار الصامت بينى وبينها
سيدتى أنا إن نسيت فأمى لا تنسى ،
فمالت قليلا الى الامام على مكتبها وقالت لى ” صف لى العراق
فقلت هى ليست بالشقراء الجميلة ولكن ترتاحى اذا رأيت وجهها وليست العيون بالزرقاء ولكن تطمئنى اذا نظرت اليها .. ثيابها بسيطة ولكن تحمل فى ثناياها طيبة ورحمة .. لا تتزين بالذهب والفضة ولكن فى عنقها عقد من سنابل قمح تطعم به الجائع . سرقها كل سارق واغتصبها كل مغتصب ولكنها ما زالت تبتسم بل وتسامح > وضعت جواز سفرى على مكتبها ثم وضعت كلتا يديها عليه وقالت لى: أرى التلفاز ولم ارى ما وصفت لى>> ذهبت بخيالى بعيداً ثم عدت إليها ونظرت فى عينيها وقلت لها: انت رايتي العراق الذي في اسيا على الخريطة اما أنا فأتحدث عن العراق التى يقع فى أوساط واحشاء قلبى >
فمدت يدها تعطينى جواز سفرى وهى تقول: أراك تقول شعرا فى العراق وارجو ان يكون وفائك لكندا مثل وفائك للعراق
ثم ضحكت وقالت اقصد وفائك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك
فأمسكت بجواز سفرى وأشرت اليه قائلا: أنا بينى وبين كندا وفاء وعهد ولست أنا من لا يوفى بعهده .. واعلمى ان الوفاء بالعهد هذا ما علمتنى إياه أمى
فلمعت عيناها وأشارت بيدها كى ادخل كندا فقلت لها: لقد هيجتى فى قلبى شجون تحتاج ايام وأيام كى تهدء .. وانصرفت
__._,_.__
اعجبتني جدا جدا جدا , ولكنني اجهل كاتبها ….

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫19 تعليق

  1. رائعة انشاء الله يرجع الخير لكل اوطاننا الام وكفاها طعن وتجريح بيد ابنائها

    1. اهداء لروحي وعمري وكل دنيتي لامي الهنوف آل شعلان الله لايحرمني منك ياتاج راسي

  2. يسلموا على الكتابة الروووووووووووووووووووووووووووووعة
    وما من كاتب الا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداه
    فلا تكتب بيدك غير شيئ يسرك في القيامة ان تراه

    قصيدة لعراقي في حب الوطن :
    وطني اُحِبُكَ لابديل
    أتريدُ من قولي دليل
    سيضلُ حُبك في دمي
    لا لن أحيد ولن أميل
    سيضلُ ذِكرُكَ في فمي
    ووصيتي في كل جيل
    حُبُ الوطن ليسَ إدعاء
    حُبُ الوطن عملٌ ثقيل
    ودليلُ حُبي يا بلادي
    سيشهد به الزمنُ الطويل
    فأ نا أُجاهِدُ صابراً
    لاِحُققَ الهدفَ النبيل
    عمري سأعملُ مُخلِصا
    يُعطي ولن اُصبح بخيل
    وطني يامأوى الطفوله
    علمتني الخلقُ الاصيل
    قسما بمن فطر السماء
    ألا اُفرِِ ِطَ َ في الجميل
    فأنا السلاحُ المُنفجِر
    في وجهِ حاقد أو عميل
    وأنا اللهيب ُ المشتعل
    لِكُلِ ساقط أو دخيل
    سأكونُ سيفا قاطعا
    فأنا شجاعٌ لاذليل
    عهدُ عليا يا وطن
    نذرٌ عليا ياجليل
    سأكون ناصح ُمؤتمن
    لِكُلِ من عشِقَ الرحيل

  3. وأنا أعجبتني أكثر واكثر واكثر
    أولا شكرا لك
    واضم تعليق إلياس الى تعليقي
    ثانيا في قلبي حقد كبير على لبنان ليس الأرض إنما السياسيين والحكومات المتتابعة من معارض او موالاة وصرت حتى قبل غربتي اخاصم لبنان الرطن بسبب أبنائه(لدرجة أني أخذت عهد على نفسي اذا كنت أثناء انتخابات مستحيل ان انتخب فنحن الطرف الذي لا يسمعه احد…)
    ولكن هذا النص فعلا كما قال الرجل (هيجتي في قلبي شجون…)

  4. نادية
    شكرا على القصة والحنان الي فيها
    لكن انا لا اقبل ان اتعامل مع الوطن على اني ابن له اوهو ام لي, احب ان اكون ويكون كل عراقي اب له مثلما تكون كل حرائر العراق الماجدات امهات له , نرعاه ونحوطه ونحمله معنا في القلوب عندما نرتحل من مكان لاخر , نوجهه نحن عليه حنين الامهات والاباء على طفلهم المدلل .. نتفقده قبل النوم وعندما يصحى … عندما يأكل وعندما يلعب ويلهو , نصنع منه الاماني التي نحلم لايصنعنا , نعطيه اعمارنا لانه ثمرة قلوبنا ولانتظر بره عند شيخوختنا , اي نتعامل معه بالفطرة وسنة الحياة التي اوجدها الله في خلقه وليس لها تبديلا

  5. من يوم تغربنا و قلبي عم بيلم جراح يا ريتا بتخلص هالغربة تا قلبي يرتاح
    يا ريت منرجع نتلاقى و تفرح فينا الدار و قلوب اللي كانت مشتاقة لا تحن و لا تغار
    يا نار الفرقة الحراقة شو قسيتي يا نار رسايلنا اللي حرقتي وراقا صارت بلا جناح
    يا ريت الراحو تركونا ما ينسوا الي كان إن نسيوا اللي كان ينسونا و بيصير الزمان
    حلوي سرقولا من جفونا ليالي نيسان و ما بتقدر لا تشوفا عيونا و لا تنسى اللي راح
    أصعب من إيام الفرقة من الليلات السود إنك ترجع لا في ملقى و لا حب وعود
    غير الماضي إلي ما بيبقى يا ريتو بيعود إسرق وجك مني سرقة و خبيك و ارتاح

    شكرا الك اختي نادية…ذكرتيني بمدينتي طرابلس الفيحاء عاصمة الشمال……
    الغربة مابتحل مكان الوطن…والقلب شمالي…!!!!!!!!!!

  6. يا امي يا ام الوفا ياطيب من الجنه
    ياخيمه من طيب ووفا جمعتنا بالحب كلنا
    تعلمت الصبر منك يايما .. الهوى انتي الهوى ومحتاج اشمه
    يااغلى واعز مخلوق عندي
    ياماي عيوني امي .. قلب هالبحر امي سلام وخير امي
    وجه يمطر محنه .. قمر ونجوم كانه
    تعرف تحمل هموم .. وماتعرف المنه
    يا امي .. يا امي .. يام الوفا

    كبرت يايمه والايام تمشي .. شفت مايعادل الام ثمن كل شي
    يايمه الشمس من تمشين تمشي
    ياتربه طاهرة ودار .. ربينا بحضنك صغار
    المحبة تنحني وتبوس ايدك .. ويصلي الوطن لعيونك ياجنه
    يا امي .. يا امي .. يام الوفا

    مابين الناس اسهر ياشمعتي .. تصيرين الحديث الحلو انت
    واسولف لاصدقائي شلون كنتي
    تناديني حبيبي .. ذخر لايام شيبي
    ش ما وفينا ما نقدر نجازي .. انت النهر واحنا فروع منه
    يا امي .. يا امي .. يام الوفا
    كلمات اغنية امي يا ام الوفه سعدون جابر مع تحياتي عشتار

  7. القصة حلوة كثير ومعبرة عنا المبعدين عن امهاتنا غصب عنا الله لايحرم احد من امه الوطن غالي

  8. موضوع مؤثر جدا
    نعم العراق بلد يعجز الشعر وتعجز الكلمات عن وصفه..لهذا تكلب الشرق والغرب عليه طمعا فيه… ارتدو اثواب التميل ولبسو اقنعة الخاصة بكل دور ولم ينسو الطابع الديني..تنافسو واتقنو جميع الادوار .. لكنهم كانو اغبياء لان العراقي بطبيعته ذكي..و وفي..لكن هذا الانسان الوفي الذكي الحنين نقطة ضعفه انه صبور ..في يوم سوف ينفذ هذا الصبر وتنقلب الادوار..ويعود العراق للعراقي الشجاع الاصيل الذي نمى وتربى وتعلم من ذرات تربه ..والدخلاء المرتزقة نهايتهم معروفة لا شك..

    شكرا لكتب الموضوع وشكرا الك نادية على النقل

  9. وطن مد على الأفق جناحا
    وارتدى مجد الحضارات وشاحا
    بوركت أرض الفراتين وطن
    عبقري المجد عزما و سماحا
    هذه الأرض لهيب و سنا
    و شموخ لا تدانيه سما
    جبل يسمو على هذه الدنا
    و سهول جسدت فينا الإبا
    بابل فينا و آشور لنا
    و بنا التاريخ يخضل ضياء
    نحن في الناس جمعنا و حدنا
    غضبة السيف و حلم الأنبياء
    حين أوقدنا رمال العرب ثورة
    و حملنا راية التحرير فكرة
    منذ أن لز مثنى الخيل مهره
    و صلاح الدين غطاها رماحا
    قسما بالسيف و القول الأبي
    و صهيل الخيل عند الطلب
    إننا سور مداها الأرحب
    و هدير الشعب يوم النوب
    أورثتنا البيد رايات النبي

    و السجايا و الشموخ اليعربي
    رددي جذلا بلاد العرب
    نحن أشرقنا فيا شمس أغربي
    الجباه السمر بشر و محبة
    و صمود شق للإنسان دربه
    أيها القائد للعلياء شعبه
    اجعل الآفاق للصولات ساحة
    يا سرايا البعث يا أسد العرين
    يا شموخ العز و المجد التليد
    ازحفي كالهول للنصر المبين
    و ابعثي في أرضنا عهد الرشيد
    نحن جيل البذل فجر الكادحين
    يا رحاب المجد عدنا من جديد
    أمة تبني بعزم لا يلين
    و شهيد يقتفي خطو شهيد
    شعبنا الجبار زهو و انطلاق
    و قلاع العز يبنيها الرفاق
    دمت للعرب ملاذا يا عراق
    و شموسا تجعل الليل صباحا
    [تشكرااااات نادية الحلوة ]
    موضوع جميل جدا
    حفظ الله العراق و أهلها ^_^

  10. الله يعين الناس على الغربه !
    بس فى هذا الزمان قل الوفاء وصارت الام تودع فى دور الرعايه حتى تموت ! والزوجه تتطلق وتجى مكانها ألف زوجه ؟

  11. هذا الكلام وصلني من فترة عالواتساب بس كان بدل العراق كلمة بعلبك (منطقة من لبنان) ههههههههه
    وصراحة كتير عجبتني وقتا بالنهاية كل إنسان طبيعي بكون وطنو هو الأم…
    مشكورة ندوش والله يديم العراق وأهلها….

  12. يا امي .. يا امي .. يام الوفا

    مابين الناس اسهر ياشمعتي .. تصيرين الحديث الحلو انت
    واسولف لاصدقائي شلون كنتي
    تناديني حبيبي .. ذخر لايام شيبي
    ش ما وفينا ما نقدر نجازي .. انت النهر واحنا فروع منه
    يا امي .. يا امي .. يام الوفا
    a7ebak yal ira9

  13. ألف شكر لك نادية على الاختيار الموفق كما عودتينا ……
    و اسمحي لي أن أضيف قصيدة محمد درويش كإهداءلكل المغتربين.
    الى أمي ”

    أحن .. الى خبز أمي
    وقهوة أمي
    ولمسة أمي ..
    و تكبر في الطفولة
    يوماً على صدر أمي
    وأعشق عمري لأني
    اذا مت
    أخجل من دمع أمي !
    خذيني ، اذا عدت يوماً
    وشاحاً لهديك
    وغطي عظامي بعشب
    تعمد من طهر كعبك
    وشدي وثاقي ..
    بخصلة شعر ..
    بخيط يلوح في ذيل ثوبك ..
    ضعيني ، اذا ما رجعت
    وقوداً بتنور نارك
    وحبل غسيل على سطح دارك
    لأني فقدت الوقوف
    بدون صلاة نهارك
    هرمت ، فردي مجوم الطفولة
    حتى أشارك
    صغار العصافير
    درب الرجوع ..

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *