بدأ في السعودية بوادر تحول “الدية”، وهي القيمة التي تدفع لأصحاب الدم للتنازل عن القاتل، إلى ما يشبه التجارة.
وفي حديث لقناة “العربية” قال الكاتب الصحافي محمد السحيمي “إن ما يحدث من دفع لمبالغ “الدية” ليس متاجرة بالدم, فأنا أنتمي لهذه الشريحة من المجتمع القبلي, وأعرف جيداً كيف يفكرون في مثل هذه الأحوال, ومن يتنازل عن الدم يتنازل لوجه الله”.
ويضيف “هذه المبالغ في العادة يفرضها الوسطاء، الذين يرون أن يدفع التعويض, وهم يضعون أنفسهم مكان هذا الطفل الذي عاش يتيماً لمدة الـ 18 عاماً, وكذلك إذا ما نظرنا لحال هذا القاتل أو السجين الذي دفع أكثر من ثمن غلطته، بل يموت كل يوم بسبب خطئه, فهو يندم كل يوم على ما فعل طوال هذه السنين”.
وأفاد أن “الفكر القبلي لا يتاجر بالدم مطلقاً, أما هذه الظاهرة فقد قامت بسبب غياب القوانين أو ما نسميها “السلوم القبلية”, وأصبحت الآن مشوهة, ومن الصعب أن نطالب شاباً في الـ18 من عمره الآن بالعمل بقيم كان يمارسها أجداده”.
وقال السحيمي, “لو ذكرنا على سبيل المثال “عريس الطائف”, في شهر شعبان الماضي تجمع 4 آلاف رجل من شتى القبائل بل إن أول تلك القبائل كانت من جنوب المملكة ليساهموا في عتقه, هنا نجد هذه الخيرية في القبائل وكل ذلك دليل على تقديسها للنفس البشرية, وأنها لا تستهين بالقتل, وفي بعض الأحيان يلزم المطلوب نفسه بمثل هذه المبالغ”.
وأضاف “ما يحدث الآن أن “سلوم القبائل” شوهت ولم يوجد نظام بديل لها, ونحن الآن بحاجة إلى قوانين، بما أننا رغبنا وأتينا لنعيش بالعصر الحديث, أما في السابق فكانت القبائل هي مؤسسات مجتمعية تفعل قوانين وأعراف وسلوم يحترمها الجميع, ولكن ألغي ذلك الآن”.
وحول الدية الشرعية قال السحيمي “إن الدية معروفة في الشرع ولو كان يلزم بها لنفذت, والتقنين أصبح ضرورياً ولا بد من عمله, لأن ما يحدث في مثل هذه المواضيع هو مفاوضات وشروط تعجيزية تفرض من أهل المقتول, وذلك لعدم رغبتهم بالتنازل عن القاتل”.