تحول العاصمة السورية إلى ما يشبه الهستيريا الأسدية هو واقع معروف للجميع داخلها وخارجها، وإن كان تعبير السوريين المحلي عن ذلك يُختصر بعبارة “البرغشة لا تستطيع الحركة” يبدو الأكثر قرباً للمنطق وللواقع..
قام أمس حوالي 50 شاباً جامعياً باختراق لكل قواعد النظام، خرجوا في مظاهرة تحت عنوان “الإعلام السوري كاذب” في منطقة البرامكة بالقرب من وكالة سانا الرسمية للأنباء.
محاولات يائسة من النظام لإعادة السوريين إلى داخل القمقم، يرد عليها هؤلاء بحركة مفاجئة دائماً، غير متوقعة، تظهر النظام ورجاله وحواجزه وتحصيناته بمظهر العاجز.
ونظم المظاهرة ما يسمى بـ “اتحاد طلبة سوريا الأحرار- فرع دمشق” و” تنسيقية البرامكة”.
تنوعت هتافات المظاهرة بين “دمك حماة مو نسيانينو” في إشارة لذكرى مجزرة حماة، و “هي الشام ها ها”.
فوضى منظمة
اعتاد فريق اتحاد طلاب سوريا الأحرار على تنظيم فعاليات خطرة جداً، يكاد كل نشاط يودي بحياتهم، ومظاهرة أمس لا تقل خطورة عما سبقها تنظيمياً من حيث المكان لتوسطه العاصمة ولوجود الأمن والشبيحة بشكل دائم فيه، بالإضافة إلى أن منطقة البرامكة تغص بالمراكز الأمنية.
ويقول “ظ” أحد منظمي المظاهرة: “عند الساعة العاشرة وجد عنصران مسلحان عند شارع المظاهرة بالضبط، في تمام الثالثة والنصف لم يعد لهما وجود، وحلت محلهما سيارة فيها حوالي 7 عناصر مسلحين من الشرطة العسكرية وقفوا بالقرب من مدخل الشارع، ولكنها ذهبت بعد قليل وقررنا البدء بالمظاهرة”.
فركش.. تكبير
لن ينسى شباب وفتيات دمشق مظاهرة الأمس، إذ إنه وعدا عن الخطورة، فإن خطأ حدث أثناء اتخاذ قرار البدء بالمظاهرة، إذ شعر واحد منهم مهمته الإخبار عن مدى القدرة على الانطلاق بخطورة فقال “فركش”، و”فركش” تعني إلغاء الموضوع برمته، ليتفرق عدد من الشباب، ولكن بعد لحظات يخرج صوت آخر يقول “تكبير” وهو رمز البدء بالمظاهرة..
“تكبير” جمعت الشباب من جديد، ولكن بعد انتهاء المظاهرة لابد من محاسبة معينة ومكاشفة أثبت أولئك الشباب من جديد قدرة الشباب السوري على التطور السريع والمنتظم، ويقول “ن” أحد منظمي المظاهرة: “سبب الفركشة هو الخوف عليهم، ولكن عندما أصبح العدد كبيراً بالحارة وصرنا بدنا نفركش كل 50 سوا اضطررنا نكبـر.. واضطررنا نفركش ركض وبسرعة”.
الكلمة السحرية
من الواضح التواجد الكثيف للفتيات في المظاهرة، وبتعبير إحدى تلك الفتيات المشاركات في المظاهرة كما شرحت لـ”العربية.نت”: “منذ شهر ونص لم أخرج في مظاهرة، وكنت أنتظرها بفارغ الصبر”، وتكمل “س”: “صح كان وقتها قليلا بس مفعولها كبير أصواتنا بتاخد العقل حسيت الصوت أعلى مرة حسيتو طالع من عالم مقهورة مشتاقة متلهفة لشي وحدة وأحلى شي وقتها قلنا هي الشام ها ها الأرض رجت رج”.
يقول الناشط والمشارك بالمظاهرة “ع”: “المظاهرات بالشام بعد كل هالحواجز والدوريات والخنق الأمني صارت خطرة بخطورة الهجوم على ثكنة عسكرية.. ونحن وكعادة أغلب الثوار كذبنا كذبة بيضة ع الأهل قبل الطلعة من البيت مشان ما ينشغل بالهون وظبطنا كل الأمور واتوضينا وسلمنا عليهون وذهبنا للمظاهرة، تلفتت يمينا ويسارا وشفت هالشباب والصبايا كل مين واقف ع جنب ومستني الكلمة السحرية “تكبييييير ” …ويكمل: “حملنا لافتات وصورا للشهيد وأعلام الثورة السورية… صار قطع طريق شي رائع والنار منظرها مبهر …. المهم أننا كركبنا الأمن والعواينية ونزعنالهون انهارون”.
سلمية
لا يزال يصر السوريون على وجود مظهر سلمي في الثورة، ولا يزال التحدي قائماً.. ولا يزال ثمة من يقول “الله أكبر” رغماً عن عدد يكاد يكون غير متناهٍ من الشبيحة والأمن والحواجز في دمشق.