تتواصل ردود الفعل، ما بين مؤيد ومعارض للأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية في الرباط ضد المتهمين الـ24، الذين تمّت إدانتهم في عمليات قتل 11 من رجال الأمن، وجرح 70 آخرين، مع القيام بعمليات تخريب في مدينة العيون بالصحراء الغربية، في الجنوب المغربي، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الأسود لعام 2010.
ورافق تلك الأحداث إقدام الرباط على تفكيك مخيم الاحتجاجات الاجتماعية الذي تمّت إقامته في منطقة “كيديم إيزيك”، لتحمل القضية اسم المكان. واستمر الاعتقال الاحتياطي والتحقيقات مع المتهمين 25 شهراً، قبل أن تنطلق المحاكمة في الأول من فبراير/شباط الجاري، وتستمر حتى الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي.
وطالبت التقارير الدولية الصادرة بنقل المتهمين للمحاكمة “أمام محكمة مدنية وليس عسكرية”، وهو ما ردت عليه الرباط بأن “القانون المغربي الحالي ينص على محاكمة كل من يرتكب فعلاً ضد العسكر أمام العسكرية”، وطالبت نفس التقارير بـ”احترام كرامة السجناء، واحترام مسار المحاكمة العادلة”، فيما ذهبت ملاحظات المراقبين إلى أن “المحاكمة مرّت في ظروف جيدة، وكانت علنية، وحضرها مراقبون دوليون”، ومن بينهم مَنْ “يدعم أطروحة انفصال الصحراء الغربية عن الرباط”، زيادة على حقوقيين مغاربية، من بينهم مَنْ يدعم “عائلات المتهمين”.
وحسب بيير لوغرو، كبير المحامين البلجيكيين، الذي حضر المحاكمة، فإنها “جرت في ظروف مشجعة”، خاصة ما يتعلق باحترام “المادة رقم 6 من احترام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، زيادة على “احترام حقوق المتهمين والدفاع”.
“العسكرية”: قضاء خاص
ومن جهتها، أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن تقييمها للمناخ العام الذي جرت فيه محاكمة “غير مسبوقة” في تاريخ المغرب، وفق المراقبين، فالمفوضية عبّرت عن “قلقها إزاء المحاكمة من زاوية استخدام محاكم عسكرية في محاكمة المدنيين”، وهي المحاكم التي يصنفها الحقوقيون في “خانة المحاكم الخاصة”، ما قد يثير – وفق المفوضية – إشكاليات “العدل والنزاهة واستقلالية القضاء”، فغالبية المتهمين – بحسب المفوضية – عبّروا عن “تعرّضهم للتعذيب، ومنهم مَنْ تحدث عن التعرض للاغتصاب”.
وطالبت منظمة العفو الدولية بـ”إعادة محاكمة المتهمين في الملف من جديد، أمام محكمة مدنية عوضاً عن العسكرية”، التي نظرت في ملفهم، مع “فتح تحقيق مستقل”، حيال التصريحات الصادرة عن المتهمين خلال الاستماع لهم، من قبل قاضي المحكمة العسكرية في الرباط.
واعتبرت المنظمة أن “عدم نظر المحكمة في شكاوى المتهمين بتعرّضهم للتعذيب، يشكك في نزاهة المحاكمة”، ويشكك أيضاً في إرادة الرباط في “ضمان حكم عادل”.
ارتياح لغياب حكم بالإعدام
ومن ناحية أخرى، سجّلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، غير الحكومية، في تقريرها، ما وصفته بـ”الارتياح لعدم النطق بحكم الإعدام في حق أيٍّ من المتابعين”، بالرغم من أن “التهم المنسوبة إليهم تصل العقوبة بشأنها إلى الإعدام”، ما يؤشر على دخول “المغرب مرحلة جديدة من حيث عدم تطبيق مثل هذه الأحكام”، بالإضافة لارتياح ثانٍ مردّه “تمكين المتهمين من الدفاع عن أنفسهم، ومواجهة التهم المنسوبة إليهم٬ في وقت كافٍ استغله المتهمون لتمرير خطاب سياسي لا علاقة له بموضوع المحاكمة”.
وأبرزت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها الذي كشفت عنه الخميس، أن المحكمة “لم تقم بطرد المتهمين من قاعة المحكمة أثناء ترديدهم لبعض الشعارات والمطالب السياسية”، الجاري التفاوض بشأنها تحت مظلة الأمم المتحدة، على “خلاف ما هم معمول به في مثل هذه المحاكمات في دول غربية”، مع تمكين المحكمة لـ”دفاع المتهمين القيام بمهامه بيُسر، ودون مقاطعة أو تشويش”.
وأصدرت المحكمة العسكرية في الرباط أحكاماً تتراوح بين السجن المؤبد و20 سنة بحق المتهمين في الملف، وأدانت المحكمة المتهمين “بتكوين عصابة إجرامية والعنف بحق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك”.