منذ عشرات السنين ونحن نقرأ ونتابع على الشاشات الصغيرة حفلات توزيع جوائز الأوسكار الشهيرة، ومنها ما سنتابعه للمرة 85 في حفل كبير بهوليوود فجر غدٍ الاثنين بالتوقيت العربي، من دون أن نعود إلى أول حفل وزعها على مستحقيها في 1929 لأول مرة.
في أرشيفات ذلك العام نقرأ عما طالعته “العربية.نت” صدفة اليوم أيضاً، وهو أن “أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة” الأمريكية أقامت في 16 مايو/أيار حفلاً وُزّعت فيه أولى جوائز الأوسكار، فحاز فيلم “فارسان عربيان” الجائزة عن أفضل إخراج.
كان (Two Arabian Knights) أمريكياً عربي المناخ من أوله إلى آخره بامتياز، فقصته صراع كوميدي ورومانسي بريء بين جنديين أمريكيين على قلب فتاة عربية تنافسا عليها بعد الحرب العالمية الأولى في الجزيرة العربية، ومخرجه الحائز على أول أوسكار هو أمريكي يهودي من أصل روسي، ومولود في ما كان اسمه Basarabia المحيطة شرقاً بمالدوفيا في إمبراطورية روسيا ذلك الزمان.
ومع أن تصويره تم في الولايات المتحدة وعرضه في 1928 بدور السينما فيها وفي أوروبا، إلا أن مشاهديه ظنوا أن التصوير تم فعلاً في الجزيرة العربية، وكان من تمثيل الأمريكيين الراحلين في 1931 و1972 وليام بويد ولويس وولهايم، المتصارعين في الفيلم على كسب ودّ فتاة عربية اسمها ميرزا، وقامت بدورها الممثلة الأمريكية الراحلة في 1987 ماري أستور.
فيلم أمريكي بطعم عربي
وملخص الفيلم أن السبل انقطعت بجنديين أمريكيين ثم تمّت محاصرتهما في منطقة متنازع عليها أثناء الحرب، فاعتقلهما الألمان وزجّوا بهما في معسكر لأسرى الحرب كان فيه بعض المعتقلين العرب، ومنه استطاعا الهرب بعد سرقتهما لدشداشتي أسيرين عربيين، ليساعدهما لونهما الأبيض على التخفي وسط ثلوج وهما يلوذان بالهرب.
ثم تضطرهما الظروف للانتقال إلى القسطنطينية قبل تغيير اسمها فيما بعد إلى إسطنبول، ومنها يهربان أيضاً في عربة مكتظة بالقشّ، فتستقر بهما الحال في منطقة بالجزيرة العربية يتعرفان فيها إلى الفتاة العربية ميرزا فتأسرهما معاً في حبها، ثم تجري في الفيلم الصامت أحداث كوميدية، خصوصاً حين لجوئهما إلى القنصلية الأمريكية في المنطقة للحصول على مساعدة.
ويضطر الثلاثة إلى ركوب سفينة ينتقل معها أيضاً التنافس على ميرزا في الفيلم الذي يمكن للراغب في حضوره العثور عليه في “يوتيوب” وسواه، مع أن 85 سنة مرّت حتى الآن على إنتاجه، وأثناءها ضاع لسنوات طويلة، طبقاً لما قرأت “العربية.نت” في أرشيفات قليلة، إلى أن عثروا على نسخة منه في منزل منتجه بعد مقتله بعمر 71 سنة في 1976 بحادث طائرة، وهو الأمريكي الشهير هوارد روبارد هيوغز.
أما مخرج “فارسان عربيان” القاطف أول أوسكار من العنقود، فهو لويس مايلستون الحائز على أوسكار آخر في 1930 عن فيلمه “السكون التام في الجبهة الغربية”، وهو واحد من 51 فيلماً ومسلسلاً قام بإخراجها حتى وفاته في 1980 بمضاعفات طبيعية داهمته فجأة، فقضى من دون أن نعرف طوال 84 سنة أنه صنع فيلماً أمريكياً بطعم عربي، وعنه فاز بأول أوسكار.