يبدو 270 يوماً من الحصار المستمر لحمص القديمة “الخالدية- باب هود- باب الدريب – بستان الديوان – الصفصافة- الحميدية” بالإضافة للبياضة والقصور والقرابيص وجورة الشياح لم يكن كافياً لموت من لايزال يكافح ليعيش داخل تلك المناطق.
ويبدو السجن الذي وضعهم فيه النظام والذي فصل الكثير من العائلات عن بعضها ما بين المناطق المحاصرة والمناطق الواقعة خارج الحصار، غير كافياً لاستثارة التعاطف الإنساني الكافي لفك هذا الحصار، فتابع النظام مسلسل محاولاته الكثيرة الفاشلة حتى الآن بالانتصار على حمص “عاصمة الثورة السورية”.
يرسل السوريين الحماصنة من داخل حمص ومن خارجها رسائل استغاثة، دون ان يكون لتلك الرسائل صدى حقيقي، إذا مااستثنينا الدموع التي لا توصل خبزاً ووجع القلب الذي لا يمنع رصاصة من قتل إنسان.
ولكن قصف النظام الأشد بحسب ناشطين من حمص على الخالدية وحمص القديمة بالعموم لا يزال يتزايد يوماً بعد يوم، وبحسب شاب داخل الحصار فإن ” القصف اليوم وأمس كان يوحي وكأن نهاية العالم أزفت، وكأنه لن يبقى من يخبر السوريين عما عانيناه، وربما سنوت جميعا”.
الجيش الحر لايزال صامد
لا يزال لواء الخير من الجيش الحر يحاول الصمود، خصوصاً مع النقص الكبير بالذخيرة وعدم وصول الإمدادت، ولا يزال قتلى الجيش الحر في داخل الحصار تزداد أعدادهم، وربما يكون “أبو عرب مندو” والذي يقول عنه أحد زملاءه “عن 100 رجل” خسارة كبيرة للواء الخير.
وكي لا تبدو الصورة بهذه السوداوية فلابد من القول أن النظام لا يزال إلى الآن وبعد مرور كل تلك الايام في الحصار الخاق لا يستطيع حسم المعركة هناك، إذ أن حرب الشوارع التي تدور هناك لا تزال في صالح أصحاب المنطقة والخبراء في شوارعها.
الخالدية قلب حمص
تعد الخالدية البوابة الرئيسية لحمص القديمة، عدا أن أن دخولها يعني الدخول إلى حمص القديمة بدون المرور بالمناطق الموالية للنظام، وهذا ما يفسر تركيز النظام سواء من حيث الحصار الشديد أو من حيث القصف العنيف، حتى أنها تكاد تتحول لتابوت كبير يضم قتلى أكثر من الأحياء.
وإن كان الثوار سابقاً اعتمدو ولفترة طويلة نسبياً على تمديدات الصرف الصحي في ايصال المساعدات للمناطق المحاصرة، فإن معرفة النظام لهذه الطريقة جعل من البديهي أن يغلق هذا الباب، وبلا رجعة على ما يبدو، إذ أنه سيطر على تلك الشبكة بشكل كامل.
ويبدو تحول حمص من المنطقة الأكثر فوراناً وتظاهراً إلى قسمين، الأول هو ما يسمى “الآمن”، والآخر هو حمص القديمة أو المنطقة المحاصرة، تقسيماً ظالماً لأهل وسكان حمص عامة، إذ أن المناطق الآمنة والتي تستقبل النازحين لا تسطيع أن تقوم بنشاط حقيقي لكثافة الجيش والأمن والشبيحة فيها، ولا حتى مد يد السماعدة سواء من جهة إيصال مساعدات انسانية كالطعام والدواء أو من حيث الدعم العسكري لخلوها تقريبا من الجيش الحر .
وأما المناطق المحاصرة المستغيثة بشكل دائم ويومي، تبدو كالميت الحي في ظل فشل كتائب الجيش الحر في فك الحصار عنها حتى الآن، وبعد الاتهامات التي تبدالتها تلك الكتائب تحولت لحلقة أضعف في معادلة بقاء حمص أو انكسارها.
بابا عمرو ثانية
بابا عمرو نادت الأمس أبناءها وقتلاها، واليوم تنادي الخالدية أبناءها، وإن كان هذا الحي لم يصرخ عندما استهدفته الدبابات، ولم يئن عندما تلقى قذيفة كل دقيقتين، إلأ أنه اليوم يرسل نداءات استغاثة للسوريين أولاً لفك الحصار عنه وللعالم ثانياً، وتبقى حمص تتمنى أن تصرخ: “جعلتموني عبرة مرتين”.