(CNN)– يخلد العالم في العشرين من مارس/ آذار الجاري، ذكرى مرور عشرة أعوام على بدء الحرب على العراق ودخول الديمقراطية وتحطيم الدكتاتوريات في هذا البلد، الذي يجلس على أحد أكبر الاحتياطات النفطية في العالم.. ولكن هل أثر هذا التغير الكبير في التركيبة السياسية للدولة إيجابياً على اقتصادها؟
بحسب ما يراه مراقبون، فإن أبرز مؤشرات الاقتصاد العراقي تتمثل بالقطاع النفطي، وهو السبب الوحيد لصمود اقتصاده نوعاً ما لغاية الآن، وذلك بعد النظر إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى ذات المساهمة المتواضعة والتي تكاد لا تذكر.
وبالتركيز على قطاع النفط تُظهر أرقام البنك المركزي العراقي أن حجم الإيرادات المسجلة في العام 2003 تساوي 4.596 تريليون دينار عراقي (الدولار يساوي 1163 دينار) بلغ حجم مساهمة القطاع النفطي فيها 4096 مليار دينار.
وتشير بيانات المركزي العراقي إلى أنه وبعد عشرة أعوام من الحرب والمحاولات المستمرة للنهوض بالاقتصاد المحلي، فإن مساهمة القطاع النفطي بلغت 98.1 في المائة من الإيرادات العامة، البالغ قيمتها 100 تريليون دينار، ومعتمدة بذلك فقط على أسعار النفط التي قفزت من 30 دولاراً للبرميل في العام 2003 إلى 103 دولارات في العام 2011، الأمر الذي يظهر إلى أي مدى تعتبر القطاعات الاقتصادية الأخرى هامشية.
ويرى مراقبون أنه وبعد هذا الرفد الكبير للنفط ومساندته للاقتصاد العراقي، إلا أننا لا نرى ذلك ينعكس على معدلات الفقر أو البطالة، التي ترتفع بوتيره متذبذبة منذ أن كانت نسبتها 28 في المائة في العام 2003، إلا أنه لا توجد أرقام رسمية تشير إلى النسب الحالية.
أما على صعيد بعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى، فتشير أرقام المركزي العراقي إلى أن نمواً طفيفاً في مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لا تتعدى العشرة في المائة، إلى جانب نمو طفيف آخر في القطاع الصناعي، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة التضخم إلى 3.61 في المائة خلال العام 2012.
وفي هذا الشأن يقول المحلل الاقتصادي العراقي، عرفان الحسن، “إن الأرقام والإحصاءات الرسمية والدولية تشير بشكل واضح على تدهور الوضع الاقتصادي في العراق، سواء على صعيد الناتج المحلي الإجمالي، أو على صعيد تذيل العراق لقائمة الشفافية الدولية، باعتباره أحد أكثر الدول انتشاراً للفساد.”
ويضيف الحسن، في تصريحاته لموقع CNN بالعربية، “إن من أكبر الدلائل الظاهرة للعيان تدهور مستويات المعيشة للعراقيين.. وهو الأمر غير المنطقي بالنسبة لدولة لها ثاني أكبر الاحتياطات النفطية، وتضم نهري دجلة والفرات، بالإضافة إلى العديد من الخيرات من الموارد المحلية.”
ويربط المحلل العراقي هذا التدهور بالدفة السياسية للدولة، مشيراً إلى “إن الموارد وحدها لا تكفي، ولابد من وجود قاعدة سياسية مستقرة يستند عليها الاقتصاد، حيث أن تركة الحرب على العراق خلفت نعرات طائفية خرقت صف العراقيين، الأمر الذي شغلهم عن بناء مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة البنية التحتية للبلاد، وكل ذلك في الوقت الذي تنهب فيه خيرات هذه الدولة، ليس فقط من مواردها النفطية، بل من مواردها البشرية على حد سواء.”
على الصعيد الآخر، يؤكد مراقبون أن الاقتصاد العراقي تمكن من تحقيق إنجاز جيد بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد، وأن الأرقام المسجلة حالياً تعتبر ممتازة للوقت الراهن، حيث أن التوقعات المستقبلية تشير بوضوح إلى أن الاقتصاد العراقي سيأخذ مركزاً متقدماً بين اقتصادات المنطقة.
ويتفق مراقبون على أن أبرز الحلول لدفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد هو تدعيم الأمن والاستقرار السياسي الداخلي، ومن ثم البنية التحتية الاقتصادية