قدمت في معرض جديد بمدينة نيويورك الأمريكية مذكرات جندي في البحرية الأمريكية مكتوبة بخط اليد حول الغزو الأمريكي لبغداد والعلم الذي استخدم في تغطية وجه تمثال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
واختار مركز “برونكس” الوثائقي الكشف عن المعرض الجديد في توقيت يتزامن مع الذكرى العاشرة لغزو العراق، وأطلق المركز عليه اسم “الغزو: مذكرات وذكريات عن الحرب في العراق”.
والعلم الأمريكي الذي استخدم في تغطية وجه تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد يوم التاسع من أبريل/نيسان عام 2003 أحد أبرز المعروضات.
فهذا العلم خاص باللفتنانت في البحرية الأمريكية تيموثي ماكلوجلن الذي كان قائد فصيلة دبابات وأمضى في العراق ثلاثة أشهر.
وأثناء عرضٍ لوسائل الإعلام الخميس الماضي، روى ماكلوجن الأحداث التي أدت إلى الصورة الشهيرة مع علمه.
وقال ماكلوجن إنه كان يرغب في التقاط صورة لعلمه داخل العراق، موضحاً أنه حين حاول التقاط صورة للعلم أول مرة تعرّض لإطلاق نار.. ولذلك حين دخل جنود البحرية ساحة الفردوس اقترح شريكه في القيادة التقاط صورة لعلمه مع التمثال.
وأضاف ماكلوجن إن زميله في القيادة قال: “أعتقد أنه يمكننا على الأرجح التقاط صورة لعلمك هنا دون أن يتعرض لإطلاق النار.. اذهب وأحضر علمك”.
وتابع: “لذلك ذهبت وجلبته وسلّمته له حين عدت. لم أتصور أن هناك نية لأي شيء. وهو علقه (أعلى التمثال) ببساطة. الكوربورالتشين وضعه على التمثال. وأنا التقطت صورة من أسفله. لديّ تلك الصورة. إنها هنا. هذا ما كنا نعتزمه. فهمت أيضاً أن باقي العالم شاهدها.. ورمزيتها والمعاني التي حملتها لكثير من الناس لأسباب عديدة.. وهذا كله طيب أيضاً. لكن هذه (هي الفكرة) التي جرى بها الأمر”.
وأردف ماكلوجن أن الأمر حدث بسرعة كبيرة، موضحاً أنه دُهش حين شاهد صورة علمه وهو ملفوف حول تمثال صدام حسين تحظى بتغطية إعلامية عالمية.
ومن بين الأشياء التي حظيت باهتمام أيضاً في المعرض 36 صفحة تمثل مذكرات ماكلوجن بدأ كتابتها قبل شهرين من غزو العراق، وبينما كان متمركزاً في الكويت.
وقال ماكلوجن إن مذكراته تروي بالتفصيل رعب الحرب بالإضافة إلى النشاط العادي اليومي.
وأضاف “إنها تتطرق إلى الذهاب إلى المقصف وتناول طعام سيئ. وقصة أحد جنودي بعد تعرضه لإطلاق نار بشكل خاطئ ونقله إلى المستشفى. الخطابات التي كتبتها للوطن. الخبرات القتالية الخاصة بقتل أناس.. قتل الناس المستهدفين وقتل أناس خطأ.. رؤية جنود البحرية يُقتلون من حولك. إنها تتطرق إلى كل ذلك”.
وأضاف أنه يرى أن صورة علمه فوق تمثال صدام حسين جرى تضخيمها إلى حد كبير من جانب وسائل الإعلام ولم تعكس الحقيقة الفتاكة والدموية للحرب في العراق. وأردف أنه يتعشم أن يحضر الناس ويقرأوا مذكراته ويتفهموا الحياة اليومية والمواقف المميتة التي يتعرض لها الجنود في المعركة.
وترك ماكلوجن البحرية في عام 2006 ويعمل الآن محامياً في بوسطن، ويقدم مساعدات قانونية مجانية للمحاربين القدامى.
“حرب مروّعة لا تستحق تكلفتها”
وأوضح ماكلوجن أنه لا يزال متأثراً بالتجارب القتالية التي مرّ بها وأنه مازال يتلقى علاجاً طبياً ليتخلص من الكوابيس التي تلاحقه حتى الآن.
ومعرض “الغزو: مذكرات وذكريات عن الحرب في العراق” باستخدام الوسائط المتعددة من تنظيم ماكلوجن وكتابة بيتر ماس وتصوير جاري كنايت. وبالإضافة إلى المذكرات والعلم يقدم المعرض لزوّاره أشرطة فيديو وصوراً التقطها كنايت وتقارير من ماس. وعمل ماس في تغطية حرب العراق من بغداد لمجلة “نيويورك تايمز” ودوريات أخرى.
وقال ماس إن المعرض محاولة لعرض ثلاث رؤى مختلفة للحرب. رؤية جندي بحرية وكاتب ومصوّر.
وذكر ماس أن تجاربه لا تقارن بتجارب ماكلوجن.
وقال كنايت الذي يعرض 24 صورة بالمعرض إنه يرغب في أن يعرف الناس التكلفة البشرية المستمرة للحرب.
وأضاف “الحروب تبدأ في يوم محدّد لكنها لا تنتهي بعودة القوات إلى بلادها. الحروب.. إرث هذه الحرب سيستمر على مدى عقود. أمريكا ستعيش مع هذا الإرث طالما بقي على قيد الحياة محاربون قدامى يعانون. وسيعيش العراق مع هذا الإرث. الشرق الأوسط بكامله سيعيش مع هذا الإرث. أعتقد أن إرث هذه الحرب مروّع ولكي أكون صادقاً معكم لا أعتقد أنها كانت تستحق كل تلك الكلفة. أتصور أن العراقيين قد يرفضون ذلك لكني أعتقد أن (إرث الحرب) كثير جداً”.
وافتتح المعرض للجمهور يوم 15 مارس/آذار، وسوف يستمر في مركز برونكس الوثائقي حتى يوم 19 أبريل/نيسان المقبل.