من هو قذاف الدم؟
وأحمد محمد قذاف الدم القذافي، هو المتحدث الرسمي باسم الزعيم الليبي معمر القذافي للشؤون الخارجية، وهو واحد من أبناء قبيلة القذافي الحاكمة في ليبيا سابقاً. وقد عمل لسنوات مبعوثاً شخصياً للعقيد القذافي، وتولى مسؤولية تنسيق العلاقات بين ليبيا ومصر، ويصنف ضمن دائرة كبار المسؤولين الأمنيين، ويوصف بأنه رجل المهام الخاصة وكاتم أسرار النظام في ليبيا.
وولد قذاف الدم عام 1952 في مرسى مطروح المصرية (تبعد عن القاهرة 470 كيلومتراً) لأب ليبي وأم مصرية تنتمي لقبائل أولاد علي، وهي قبيلة مصرية من أصل ليبي، وعمل في الحقل العسكري في ليبيا حتى وصل إلى رتبة عقيد، وهي الرتبة نفسها التي يحملها معمر القذافي.
وظل قذاف الدم مشمولاً بـ”الرعاية التي وصلت إلى حد التدليل”، الأمر الذي لم يعجب العقيد القذافي، فأمر بنقله من التعليم المدني الجامعي إلى الأكاديمية العسكرية التي تخرج فيها بداية السبعينات من القرن الماضي، وبعد تخرجه التحق بسلاح الحرس الجمهوري متجاوزاً أربع رتب عسكرية دفعة واحدة في فترات زمنية قصيرة، وكان الغرض من هذا التدرج السريع، هو تحميله مهام تنسجم مع شخصيته التي اتسمت بالحدة والصرامة، فأصبح مكلفاً بملف المعارضة الليبية في الخارج هو وصديقه مدير المخابرات اللواء موسى كوسا.
صاحب مهمات معقدة.. لكنه فاشل
وقد حاول العقيد القذافي توظيفه أكثر من مرة في مهام ثورية، ولكنه اكتشف في كل مرة أن قذاف الدم لا يصلح لتلك المهام، منها مثلاً تعيينه حاكماً عسكرياً لمنطقة طبرق عام 1984، وأميناً للمكتب الشعبي في السعودية عام 1985، ومساعداً لشقيقه سيد قذاف الدم عندما تولى مهمة الحاكم العسكري للمنطقة الوسطى عام 1986.
وعندما يئس القذافي من قذاف الدم كلفه ببعض المهام المتعلقة بأجهزة الأمن وأعمال المخابرات، منها المشاركة في الترتيبات الأولية لبناء شبكات التجسس والإرهاب خارج البلاد، وخاصة في البلدان العربية، ويعود له الفضل بعقد الكثير من صفقات السلاح من الدول الغربية من خلال تجار السوق السوداء وبعض المنظمات الدولية.
وكلفه العقيد القذافي بالعمل ضمن جهاز الاتصال الخارجي، وأسند إليه عدداً من الملفات السرية التي لها علاقة بالمخابرات الأمريكية والبريطانية والمصرية والمغربية، خاصة عندما تتوتر العلاقات السياسية مع تلك الدول. وأشرف قذاف الدم على عمليات تسليم عناصر من المعارضة الليبية (نوري الفلاح وعمر المحيشي من المغرب)، وحاول أكثر من مرة استدراج بعض العناصر القيادية في المعارضة الليبية في الخارج، وتمكن من تجنيد بعض العناصر المشبوهة التي حسبت على المعارضة في مرحلة ما.
صداقات مع كارلوس وويلسون
واتهم قذاف الدم بالمشاركة في الإشراف على بعض العمليات الإرهابية في الخارج، ومنها التخطيط لعمليات التصفية الجسدية لبعض المعارضين الليبيين المقيمين في أوروبا من العناصر التي كانت تعمل معه في تلك الفترة، أمثال عبدالله السنوسي وعبدالله حجازي ومحمد علي النايلي. وعرف عن قذاف الدم علاقاته ببعض الإرهابيين الدوليين من أمثال كارلوس الفنزويلي وويلسون وتربل الأمريكيين، وارتبط اسمه بمجموعة مرتزقة في أثينا عام 1985 كانت تحاول تنفيذ عمليات تصفية لبعض المعارضين الليبيين في اليونان.
وحاول قذاف الدم منذ أواخر التسعينيات تمديد فترات إقامته خارج البلاد وتفادي الظهور في المناسبات العامة في الداخل، خاصة بعد العمليات الناجحة التي قام بها بعض الشباب لتصفية عناصر مقربة جداً من القذافي.
يقيم في مصر تقريباً، ويعتبر من أصحاب الملايين، وله أملاك وعقارات كثيرة، واشتهر بنشاطاته التجارية.
وعاد أحمد قذاف الدم إلى النشاط الواسع بين مصر وليبيا، وأمسك بيده بعض الملفات المهمة عربياً وإفريقياً، حيث تفرغ تماماً لترسيخ المد العربي في منطقة جنوب الصحراء، وعالج بعض المشكلات التي تعرض لها المصريون في ليبيا، وتطوع لإنقاذ عدد من الشباب المصري الذي يواجه عقوبة الإعدام، واستغل ثقله في الجماهيرية لإقناع أصحاب الحق الليبيين بقبول الدية من الشباب المصري، وناشد المستثمرين العرب بالتوجه إلى مصر وضخ المليارات إليها بدلاً من ذهابها إلى الغرب، حيث كان يرى أن تقوية مصر اقتصادياً بأموال عربية شقيقة لا يفرض عليها قيوداً ولا يهدد أمن مصر القومي.
يوصف قذاف الدم في أجهزة الإعلام العربية برجل المهمات الصعبة، لكثرة إيفاده من قبل القذافي في المهمات ذات الصبغة الخاصة والسرية، ويتحرك قذاف الدم في البلاد العربية وفي أوروبا بحذر، وعادة ما يرافقه حرس خاص وأحياناً تتولى عناصر لمخابرات دول عربية حراسته في بعض العواصم الأوروبية، ويحمل جواز سفر دبلوماسياً بصفته مستشاراً خاصاً.
وكانت علاقات قذاف الدم بالمسؤولين في نظام القذافي فاترة وتشوبها الحساسية والعداء أحياناً، خاصة تجاه أعضاء بقايا مجلس قيادة الثورة، ويتهمه خصومه بالغرور والتكبر والغطرسة. وأوكل إليه العقيد القذافي عقب اندلاع الثورة الليبية مهمة المساعدة في إخماد التحرك الشعبي في بنغازي الواقعة في شرق البلاد، التي اندلعت منها الانتفاضة.
وقبيل سقوط نظام القذافي، وردت أنباء مختلفة متضاربة عن المكان الذي غادر إليه قذاف الدم، فالبعض قال إنه هرب إلى سوريا، وآخرون قالوا إنه لا يزال في ليبيا، إلى أن أصدر قذاف الدم بياناً أعلن فيه أنه قد غادر ليبيا احتجاجاً على أسلوب معالجة الأزمة داخلياً، مقدماً استقالته احتجاجاً على هذا النهج، ووجه دعوة إلى الجميع بوقف حمام الدم والاحتكام إلى العقل من أجل ليبيا ووحدتها ومستقبلها التي هي فوق الجميع، وأصدر توجيهاته للعاملين بمكتبه الإعلامي بالقاهرة بتسيير قافلة طبية لمساعدة أهل طبرق والبيضاء.