رغم إقرار الحكومة الكويتية حزمة من التعديلات على القرض الإسكاني ورفع السقف من 70 ألف دينار (245 ألف دولار) إلى 100 ألف دينار (350 ألف دولار)، بالإضافة إلى تعديلات كثيرة قامت بها الحكومة، لكن في المقابل لم يبد الكثير من الكويتيين فرحتهم في تلك التعديلات، مبررين عدم تفاؤلهم بأنه ناتج عن سيطرة التجار وأصحاب العقارات على الأسعار، مؤكدين أن تجارب سابقة أثبتت تحكم عدد من التجار بسوق العقار، في مقابل ضعف الرقابة الحكومية على رفع الأسعار.
وكان مجلس الوزراء منح الضوء الأخضر لبنك التسليف والادخار لاتخاذ الخطوات اللازمة من أجل رفع سقف قيمة القرض الإسكاني للمرأة، وزيادة قيمة قروض ترميم البيوت الحكومية والسكن الخاص.
وتتضمن الخطوات الحكومية رفع سقف قيمة القرض الإسكاني للمرأة من 45 ألف دينار إلى 70 ألفاً، وزيادة قيمة قروض ترميم البيوت الحكومية من 25 إلى 30 ألف دينار، وقيمة قروض ترميم السكن الخاص من 30 إلى 35 ألف دينار، واستكمال التفاصيل الإجرائية لزيادة قرض الرعاية السكنية من 70 ألفاً إلى 100 ألف دينار.
كما تتضمن إجراء تعديل تشريعي على قانون الرعاية لرفع الحد الأقصى لقيمة الاستملاك والتثمين أو البيع من 330 ألفاً إلى 500 ألف دينار.
المواطن فهد المري قال لـ”العربية.نت” إن الزيادة التي أقرتها الحكومة سترفع العقار في الكويت بشكل جنوني، مشيراً إلى أن أقل سعر لشراء بيت صغير في الكويت يصل إلى 400 ألف دولار وتلك الأسعار حين كان القرض الإسكاني 245 ألف دولار، بينما اليوم ستصل أسعار البيوت العادية إلى أكثر من نصف مليون دولار.
جشع وسيطرة مقابل ضعف الحكومة
وأضاف المري أن تجارب سابقة كانت كفيلة بمعرفة جشع وسيطرة تجار العقار، في مقابل ضعف الحكومة تجاه أي ارتفاعات غير مبررة وجنونية.
وأكد المري أن القرض الإسكاني الجديد أيضاً لن يكفي شراء بعض الشقق، فما بالك بالمنازل والفلل السكنية، موضحاً أن المواطن يحتاج إلى قروض إضافية لشراء أي منزل.
وكان رأي المواطنة خلود دشتي مقارباً لفهد المري، والتي رفضت الحصول على قرض المرأة الإسكاني السابق 45 ألف دينار (160 ألف دولار)، فليس هنالك شقة في الكويت وفق شروط الإسكان أقل من 60 ألف دينار (210 آلاف دولار)، بينما في ظل القرض الجديد 70 ألف دينار (245 ألف دولار)، سيقوم أصحاب العقار برفع سقف الأسعار، وستضطر المرأة من جديد إلى الحصول على قروض بنكية مساندة لكي تجد شقة سكنية وفق شروط بنك التسليف.
وقالت دشتي لـ”العربية.نت” إن بعض الشقق ذات المواصفات المطلوبة تصل أسعارها في الكويت إلى 350 ألف دولار، مؤكدة أن أسعار الشقق التي تتراوح بين 200 ألف دولار و300 ألف دولار سترتفع كثيراً، ولن نجد خلال شهور أي شقة بمعدل 200 ألف دولار، في ظل غياب واضح للرقابة وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار.
التجار يدافعون عن أنفسهم
بعض التجار له ما يبرره، كما يقول سالم العجمي الذي يقوم ببناء بعض المجمعات السكنية ويبدأ ببيع الشقق فيها، مؤكداً أن هنالك تجاراً لا يرفعون أسعار الشقق من فراغ، لكن لهم ما يبررهم، في ظل عدم القدرة على كبح جماع رفع أسعار مواد البناء من قبل شركات ومصانع البناء.
وبين العجمي أنه كان يبيع الشقة المكونة من 3 غرف قبل 4 سنوات بـ100 ألف دولار، أما اليوم فإن هذه القيمة لا تسدد قيمة مواد البناء، ولهذا وصل هذا النوع من الشقق إلى أكثر من 200 ألف دولار، أي الضعف.
وأكد العجمي أنه كغيره من أصحاب العمارات والمجمعات السكنية، الأسعار مرهونة بمواد البناء، ولو كانت هنالك رقابة وتحديد للأسعار ودعم بعض المواد لما قام برفع أسعار بيع الشقق.
من جهته، ذكر رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح في تصريح لوكالة الأنباء “كونا” أن زيادة القرض الإسكاني تعد خطوة إيجابية وطيبة من قبل الحكومة، في ظل الارتفاع المتزايد لمواد البناء والغلاء في أجور الأيدي العاملة، ونعتبرها زيادة مستحقة للمواطنين.
وأوضح أن الإشكالية الرئيسية التي تواجه المواطنين في الحصول على أرض للبناء والسكن هي ندرة الأراضي، مشدداً على أن زيادة طلبات الإسكان لا تستطيع الدولة مواجهتها إلا بطرح أراض سكنية جديدة. وأشار إلى أنه مع وجود وفرة في الأراضي السكنية ستستقر الأسعار ومواد البناء بشكل تدريجي، مقترحاً أن تقوم الحكومة بتوزيع أراض لا تزيد على 400 متر مربع، مع وجود شرط رئيسي هو إلزام المواطن بالبناء بنسبة لا تزيد على 150% لتكون الأرض عبارة عن دور أرضي ودور أول ونصف دور ثان على سبيل المثال.
وعن أثر زيادة القرض الإسكاني على تحركات سوق العقار السكني، وما إذا سيشهد زيادة في المبيعات، أشار الجراح إلى أن الزيادة لن تؤثر كثيراً في السوق، لأن الأسعار أساساً مرتفعة بشكل كبير حالياً، والـ100 ألف دينار لن تستطيع وحدها حل مشكلة السعر، لذلك لا أرى أي تأثير عليها في السوق.
وكرر رئيس اتحاد العقاريين دعوته إلى تحرير المزيد من الأراضي، ولا يجوز أن نلقي اللوم على التجار في هذا الجانب، لأن الحكومة مهيمنة على ما نسبته 90% من الأراضي، وهي المعنية بطرح المزيد منها للسكن.