شنت السلطات الإيرانية حملة اعتقالات واسعة في إقليم الأهواز، جنوب غرب إيران، والذي تقطنه أغلبية عربية، شملت ناشطين في جماعات تدعو إلى حكم ذاتي في إطار نظام فيدرالي يمنح القوميات الإيرانية حقوقاً متساوية.
فيما أكدت مصادر متطابقة لـ”العربية.نت” أن الاعتقالات شملت ناشطين في جماعات تدعو إلى منح الأهواز الغني بالنفط والغاز حكماً ذاتياً في إطار نظام فيدرالي يمنح القوميات الإيرانية الست الرئيسة من العرب والكرد والتركمان والآذريين والفرس والبلوش حقوقاً متساوية في إيران.
وجاءت الاعتقالات تزامناً مع الذكرى الثامنة لانتفاضة الخامس عشر من نيسان/إبريل التي اندلعت في إقليم الأهواز العام 2005، وقد أحياها سكان الإقليم بمسيرات جابت أحياء عدة في مختلف المدن في محافظة خوزستان الأهواز (عربستان)، حيث كانت هناك في كل من مدينة الحميدية (على بعد 25 كيلومتراً غرب مدينة الأهواز)، وفي حي علوي أو “حي الثورة أو شلنك أباد”، أحد الأحياء الفقيرة لمدينة الأهواز، مظاهرات كبرى لإحياء ذكرى مرور ثمانية أعوام على انطلاق الانتفاضة النيسانية لعام 2005.
وأكدت المصادر وتقارير منظمات حقوقية أن السلطات الإيرانية قامت بحملات القمع والمداهمات والاعتقالات العشوائية منذ مطلع نيسان الحالي وهي مستمرة حتى الآن، وشملت المئات من المواطنين والناشطين والشعراء والمثقفين، ونقلوا إلى السجون ومعتقلات سرية.
وأفادت منظمة حقوق الإنسان الأهوازية في بيان أرسل إلى “العربية” أن هذه الاعتقالات تهدف إلى بث الخوف والرعب بين المواطنين لمنعهم من القيام بأي نوع من المظاهرات السلمية للمطالبة بحقوقهم المشروعة التي كفلها نظام الجمهورية الإسلامية ولم يطبقها.
وقالت المنظمة “إن السلطات تحول دون ممارسة الشعب العربي الأهوازي حقه في التجمع السلمي”.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بممارسة الضغط على السلطات الإيرانية للالتزام بتعهداتها والعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، حيث جدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2012 التزامه بتعزيز وحماية الحق في حرية التجمع السلمي باعتماده القرار 21/16.
وجاء في بيان منظمة حقوق الإنسان الأهوازية لـ”العربية” أنها “تدين هذه الاعتقالات غير القانونية والقمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية وأجهزتها الأمنية، وتناشد المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التدخل العاجل لحماية مئات المعتقلين الأبرياء ضد ما قد يتعرضون له من سوء معاملة أو تعذيب وتجاوزات”.
وناشدت المنظمة العالم للضغط على السلطات الإيرانية ومطالبتها باحترام وضمان حقوق المعتقلين كما ينص عليها القانون الدولي وكذلك القوانين الإيرانية، وضمان سلامتهم، والإعلان عن مكان اعتقالهم، والسماح لذويهم بلقائهم، وفقاً لاتفاقية جنيف الخاصة بحقوق المعتقلين وغيرها من المواثيق والأعراف الدولية والإفراج عنهم فوراً دون قيد أو شرط”.
وتشير المعلومات إلى أن أكثر من 500 عربي أهوازي اعتقلوا في الأيام الأخيرة في الأهواز والمدن العربية الأخرى في محافظة خوزستان.
ويشهد إقليم الأهواز اندلاع مظاهرات عارمة في كل عام، وذلك في ذكرى انضمام الإقليم لإيران وإسقاط الحكم العربي فيها يوم 20 نيسان 1925، وكانت اندلعت في العام 2005 الانتفاضة الشعبية للعرب الأهوازيين احتجاجاً على تعميم حكومي دعا آنذاك إلى تغيير التركيبة السكانية في الإقليم وتهجير العرب من أراضيهم ليصبحوا أقلية خلال 10 سنوات.
وقمعت تلك الانتفاضة بشدة، وراح ضحيتها العشرات، وسجن المئات، وأدينت إيران من قبل بعض المنظمات لحقوق الإنسان، مثل “هيومان رايتس ووتش” والبرلمان الأوروبي.
وطالت الاعتقالات الأخيرة عدداً كبيراً من المفكرين والناشطين والمثقفين العرب، حيث دعا نشطاء حقوق الإنسان المنظمات الدولية المعنية بالاهتمام وحماية الناشطين من أبناء الشعوب الإيرانية ومنهم عرب إقليم الأهواز.
وتمنع الحكومة الإيرانية القوميات غير الفارسية من ممارسة عاداتها وآدابها الثقافية، وتبرر ذلك بالتطورات الأمنية في المنطقة، متناقضة بذلك مع بنود الدستور، كما لا تسمح لهم بالتدريس بلغتهم الأم رغم أن الدستور الإيراني ينص على ممارسة هذا الحق الطبيعي للشعوب في إيران.
يشار إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تنفي حصول اضطرابات ومظاهرات في الأهواز، خصوصاً في الأيام الأخيرة، وتتهم “الاستكبار العالمي”، خاصة بريطانيا، بمحاولة إثارة “فتنة قومية” في الإقليم الغني بالنفط والغاز وموارد طبيعية أخرى، يقوم عليها الاقتصاد الإيراني.