قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة إن “خصوم الإسلام والثورة يريدون تشويه الدستور من خلال محاولة ترذيل المجلس وتقديمه في شكل هزلي وتشويه عمله ومنتوجه”، على حد تعبيره. وأضاف الغنوشي في تصريحات لراديو “توانسة أف أم” أنّ “هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إلاّ ستالينيين أو تجمعيين وكلاهما أعداء الثورة بحسب تعبيره”.
وتأتي تصريحات الغنوشي على خلفية موجة عدم الرضى التي عبرت عنها الطبقة السياسية في تونس بعد طرح مسودة الدستور للنقاش العام.
وأجمع نواب المجلس التأسيسي على رضاهم عن تضمين مشروع الدستور أبرز أهداف الثورة ومبادئ الديمقراطية للقطع مع نظام الاستبداد، إلا أنهم أقرّوا بوجود مآخذ في بعض فصوله.
ومن بين المآخذ التي أثارت جدلا بشأن مشروع الدستور، وجود بعض الاستثناءات في باب الحقوق والحريات، التي تقيّد حرية التعبير والإبداع بدافع احترام حقوق الآخرين والآداب العامّة.
دستور إيراني
وفي هذا السياق، قالت النائبة في المجلس الوطني التأسيسي ونائبة رئيس لجنة التشريع العام سامية عبّو، إن فصولا عديدة في الدستور التونسي تُماثل فصولا في الدستور الإيراني.
وأضافت عبّو أن “الشعب التونسي لم يعُد يمتلك السلطة، بل يُمارس السلطة عن طريق الانتخابات فقط”، وتحدثت في هذا السياق عن “الاستبداد باسم الدين، وهو أن يكون الرئيس مسلما ويفرض إسلامه مثلما يشاء على الشعب”.
من جانبه، رد النائب عن حركة النهضة والمقرر العام للدستور الحبيب خضر على اتهامات النائبة عبّو بالقول إن في ذلك تعميما غير سليم، لأنها تتحدث عن التوطئة بكاملها ثم يتبين فيما بعد أن المقصود هو جزء فقط من التوطئة.
وأضاف خضر أن الاستناد في تعليل هذا الرأي لعبارة “تأسيسا على ثوابت الإسلام”، الواردة في التوطئة وربطها بتنصيص آخر من الدستور الإيراني، فيه شيء من المجافاة للحقيقة، فالصيغة الواردة في مقدمة الدستور الإيراني مختلفة عن الصيغة والمضمون الوارد في مشروع التوطئة، على حد قوله.
وختم المقرر العام للدستور بالقول “إن التنصيص الوارد في مشروع التوطئة ينسجم مع المحيط الدستوري المغاربي إذ نجد نصوصا مُقاربة في الدستور المغربي الصادر في 2011 الذي ينص على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية، كما أن الهوية المغربية تتميز باحتلال الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها.. وتأسيسا على هذه القيم والمبادئ الثابتة…”. أما الدستور الجزائري فنجد أنه ينص على أن “الجزائر أرض الإسلام”، وأن “الإسلام دين الدولة”. وفي الدستور الموريتاني وردت الصيغة التالية “يعلن الشعب الموريتاني تمسكه بالدين الإسلامي الحنيف”، وجاء في أحد الفصول “الإسلام دين الشعب والدولة”.
ويرى المحلل السياسي عبد الستار العايدي في مقابلة مع “العربية نت” أن “تصريحات الغنوشي لم تكن موفقة وتحمل بداخلها نبرة توتر واحتقان قد تعصف بجو التوافق، خاصة مع جلسات الحوار الوطني الأخيرة”.
ويضيف العايدي قائلا: “الغنوشي يحاول إرضاء بعض الأنصار الذين أصبحوا يتبرمون من سياسة الحركة، ولا ننسى أن مثل هذه الخطب الحماسية والقاسية في مضمونها على الأعداء وتحمل داخلها نبرة دينية عاطفية لها تأثير قوي في القاعدة الحزبية، خاصة من فئة الشباب”.