(CNN)– انعكست زيارة وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، إلى عمان الثلاثاء، على ردود الفعل في الأوساط السياسية الأردنية، بين من اعتبر أنها تعبر عن رغبة إيرانية في فتح قنوات حوار مع المملكة، دون إحراز تقدم، وبين من رأى أنها مقدمة لانفتاح أردني إيراني وشيك، خاصةً بشأن الموقف من الأزمة السورية.
تلك التباينات حملتها أولاً قراءات مصادر مطلعة لحيثيات الزيارة، والمؤتمر الصحفي للمسؤول الإيراني مع نظيره الأردني، ناصر جودة، الذي بدا فيه الأخير متشدداً حيال قضية الجزر الإماراتية المتنازع عليها مع إيران، لجهة التأكيد على دعم المملكة لموقف الدولة الخليجية، فيما رد صالحي بأن إيران متمسكة بالجزر، لكنها مستعدة للتفاوض.
لكن مصادر أيضاً، أكدت، أن هناك “حالة ارتياح” خرج بها المسؤول الإيراني، عقب لقاء العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد تثمر لاحقاً عن تطور في العلاقات مع إيران بشأن الملف السوري، حيث سيعرض صالحي مبادرة أردنية على دمشق للحل السياسي.
من جهته، قال المحلل السياسي فهد الخيطان، إن الرسالة التي حملتها طهران لا تعدو كونها رغبة إيرانية في فتح قنوات مع المملكة، مشيراً إلى أن لا خطوة إلى الأمام حققتها الزيارة.
وقال الخيطان في تصريحات للموقع: “لن يطرأ تحسن على العلاقة بين عمان وطهران بهذه الزيارة، إنما كانت مجرد محاولة ورغبة لفتح قنوات للحوار بشأن الملف السوري، وجر الأردن إلى منطقة الحياد، خاصةً مع عرض إيران مساعداتها للأردن بشأن اللاجئين.”
وفي الوقت الذي استبعد فيه الخيطان بالمطلق إيصال “رسالة تحذيرية” إلى عمان بشأن سوريا، رأى الكاتب عامر السبايلة أن الايرانيين خرجوا “مرتاحين جداً”، خاصة في لقاء الملك، بخلاف لقاء وزير الخارجية.
ونقل السبايلة عن مصادر إيرانية، أن صالحي عجّل زيارته إلى دمشق، التي لم تكن معلنة، لنقل الرؤية الأردنية بشأن سوريا، وقال: “الأجواء كانت إيجابية جداً مع الملك، بل إن صالحي ذهب إلى دمشق لنقل رؤية المملكة للحل في سوريا أقرب إلى المبادرة.. وهي مبادرة تقترب من المبادرة المصرية.. ومن المتوقع أن يزور مسؤول أردني رفيع إيران قريباً.”
أما العضو في مجلس الأعيان الأردني، والسفير السابق في طهران، بسام العموش، فقد رجح أن زيارة صالحي لا تعني بالمطلق أن يطرأ أي تحول على الموقف الأردني بشأن الملف السوري، ولا “تبديل التحالف الأردني الأمريكي.”
واعتبر العموش أن الاغراءات التي حاولت طهران عرضها على المملكة، بشأن المساعدات والتعاون الاقتصادي، ليست إلا للاستهلاك الاعلامي، خاصةً أن المسؤول الإيراني هو من طلب زيارة عمان، وفقاً للعموش، وقال إنه “تحرك سياسي إيراني ذكي.”
ومع استبعاد مراقبين بقوة حدوث انزياح في علاقة المملكة التاريخية مع الحلف الأمريكي الخليجي، خاصةً مع ما حاول إيصاله الوزير الأردني جودة، من موقف بلاده بشأن الجزر الإماراتية، ذهب محللون إلى أن طهران سعت إلى إيصال رسالة سياسية واضحة، تحذر من أي دور أردني في التدخل الخارجي في سوريا.
وقالت الباحثة في الشؤون الإيرانية، فاطمة الصمادي، إن الزيارة الإيرانية “مهمة جداً” للأردن، وتحمل رسائل سياسية “تحذيرية”، مرجحة أن تكون الزيارة قد جاءت بقرار من المرشد الأعلى في إيران.
وأضافت الصمادي لـCNN بالعربية: “بالتأكيد تدرك إيران احتمالية ضلوع الأردن بدور محتمل في سوريا، مع أطراف أخرى حليفة، وهذا تساوق مع تصريحات مسؤولين إيرانيين أكدوا أن أي حرب ضد سوريا هي حرب ضد إيران.”
الردود الانفعالية، التي تبادلها المسؤولان خلال المؤتمر، فيما يتعلق بضرورة إدانة أي تصريحات مسيئة للأردن، اعتبرتها الصمادي ليست “عبثاً” على الأقل من الجانب الإيراني، حيث أكد جودة أنه استفسر مطولاً من صالحي عن تصريحات مساعد رئيس الأركان الإيراني، حسن فيروز أبادي، بوصف الأردن “مخلب في يد الصهيونية.”
وقالت: “العمل السياسي الإيراني يشبه عمل الجوقة الموسيقية.. ما قيل عن الأردن ليس عبثاً لفظياً.. وللمرة الأولى يتحدث الإيرانيون بصراحة عن انهيار في المنطقة، في حال تداعت سوريا، في الوقت الذي كانت تؤكد فيه على صمود النظام السوري.”
ولاقت زيارة صالحي إلى عمان فتوراً من بعض السياسيين الأردنيين، فيما أشارت معلومات مسربة من مصادر أردنية أن إلغاء مؤتمر صحفي كان مقرراً في السفارة الإيرانية، جاء بطلب أردني، والاكتفاء بمؤتمر الخارجية الرسمي.