“تبدو الأرض ضيقة على السوريين، يلاحقهم الموت أينما ذهبوا، وفي كل مكان يزورونه”، هكذا قال عامر الذي وصل إلى الريحانية على الحدود السورية التركية قبل أيام.
لمشاهد الفيديو التي تصور لحظات الحالة الهستيرية التي عمت مكان انفجار السيارتين اللتين أودتا بحياة ما لا يقل عن 46 مواطناً، لتلك المشاهد من الهلع والعجز ما يترك في الروح غصة لكل من يراها، وأما عن السوريين الموجودين هناك أو في أي مكان آخر فإن تلك المشاهد جاءت بمثابة تكملة لمشهد المأساة التي يعيشونها لما يزيد عن العامين والنصف.
الجثث ملقاة على الأرض، الأحياء يتراكضون لحمل الأموات على أمل أن يكون واحد من هؤلاء لا يزال على قيد الحياة، والدم غطى الوجوه وأخفى الوجوم والغضب والقهر الذي جُمِّع في عيون كل من كان موجوداً هناك.
الخراب الذي انتشر بدا وكأنه يعلن للسوريين اللاجئين ولكل من سيستقبل السوريين أن النظام الذي هدم ويهدم ما يستطيع هدمه وتخريبه في سوريا، لن يهدأ له بال ما لم يلاحق ذلك الشعب الذي هرب من انفجارات سوريا وقصف المدافع والطائرات إلى تفجيرات في تركيا ليموت التركي بجانب السوري بلا ذنب سوى أنه استضافه وقدم له أرضاً يسكنها مؤقتاً.
رفعت مدينة “كفر نبل” لافتة باللغة التركية موجهة للأتراك هناك “إخوتنا الأتراك الأعزاء! قدرنا أن نعاني من لعنة الأسد معا. سامحونا”، وربما تكون هذه اللافتة تكلمت بلسان السوريين في كل مكان.
يقول شباب مقيمون في الريحانية “العزاء المفتوح في سوريا، امتد وانتشر ليصل إلى تركيا، وبدل أن يكون عزاء شعب أصبح عزاء شعبين”.
وأما الراكضون هنا وهناك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فكان الدعاء على الأسد، رافعين أيديهم إلى السماء وهو الشيء الوحيد الذي يفعلونه، لتبقى الشكوى لله والدعاء على الظالم، هو الفعل المتكرر والمشترك بين جميع أهالي الضحايا من السوريين منذ بداية الثورة وباختلاف أماكن القتل.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *