ضمن باقتها المتنوعة لشهر رمضان المبارك أطلقت mbc من خلال قناتها) دراما) مسلسل “القاصرات” الذي جاءت حلقته الأولى لتشكّل صدمة للمشاهد من خلال العديد من المشاهد الصادمة والمتلاحقة لا يمكن إلا أن تضع المتلقي في مواجهة مباشرة مع معضلة زواج القاصرات التي تنتشر على نطاق متفاوت في العديد من الدول العربية.
وينطلق المسلسل من مشهد طفولي لطفلة تلعب مع قريناتها قبل أن تلحظ وقريناتها نزول إحدى علامات البلوغ لتنتقل فوراً ووفق تصنيف بيئة ريفية إلى مصاف (العرائس) مباشرة.
المسلسل الذي يبث يومياً تتحرك كاميرا مخرجه مجدي أوعميرة لمنزل (الكبير) ليصدمنا مرة أخرى بطفلتين هما زوجتاه، وفي النص الجريء يجيد الفنان الكبير صلاح السعدني التمحور في دور لم يتضح بعد كيف سيكون مساره بين دفتي الخير والشر، خصوصاً مع طلبه المتكرر لشقيقته (النجمة داليا البحيري) أن تختار له عروساً جديدة وبنفس المواصفات، وهي التي تطلب منه اعتبار وفاة عروسته (الطفلة) وكأنه “عجل ومات”!
وتبدو البيئة الريفية وسماتها ربما قبل عقدين من الآن سائدة في المسلسل، بالإضافة إلى مظاهر مثل الأكل الفردي وأوامر سي السيد والتفاوت الطبقي الكبير والاستغلال.
وفاة العروس في ليلة الدخلة
ويواصل المسلسل أيضاً وفي تباهٍ عرض التقليد البلدي في الأعراس والزفاف قبل أن يحقق نجاحاً كبيراً في إثارة التقزز والاشمئزاز نحو استغلال القاصرات من خلال مشهد ليلة دخلة (الحاج الكبير) والتي تنتهي بمأساة وفاة العروس التي كانت تراقب في هلع مراسيم تهيئتها لعريسها وفي عيونها آلاف الأسئلة وهي تستذكر الأوهام الوردية التي وعدت بها، لتكون نهايتها بين يديه في أول ليلة، لتبدأ بعدها طقوس الفساد وتغلغل الرشوة التي يبدأ المجرم في نثرها هنا وهناك لتغطية الجريمة.
المسلسل الذي يأتي امتداداً لتركيز mbc مؤخراً على مسلسلات تلامس بجرأة قمة المعضلات المجتمعية عربياً، يأتي في ضوء ذلك واعداً بالمزيد من المأساة على نفس الخط ملامساً جروح الواقع ولا يبتعد عنها إلا بما تفرضه خطوط الدراما لتعرية سلبية الظاهرة الاجتماعية التي يناقشها.
وإن كان الحكم مبكراً إلا أن المؤلفة سماح الحريري وكاميرا المخرج مجدي أبوعميرة ، وبحضور نجوم كبار مثل صلاح السعدني وداليا البحيري وياسر جلال وعايدة رياض، ورشوان توفيق وسميرة عبدالعزيز، يبدو التزامهم ممتاز بنص غير مساوم على أية مبادئ تقبل استثناءات في قضيته.
يُذكر أن “زواج القاصرات” يعد مشكلة عربية مثلما هي قضية مصرية، وهو ليس جديداً حيث أصدرت مؤخراً وزارة العدل في السعودية مشروعاً لتنظيم زواج القاصرات، واعتبر المشروع سن 16 سنة هو الحد الأدنى لزواج الفتاة ولوليها أن يطلب من محكمة مختصة استثناء ابنته من السنّ المقرر على أن يقدّم تقريراً طبياً يؤكد اكتمال الصغيرة من الناحية الجسمية والعقلية وأنّ زواجها لا يشكل خطراً عليه.