مرسلة من بـقـعـة ضـوء

فاروق الحبيب

 

لطالما كررنا في دعائنا (اللهم اضرب الظالمين بالظالمين و أخرجنا من بينهم سالمين) ليس شعورا بعجز عن مقارعة من ظلمنا ولا رهانا على الآخرين ليدافعوا عنا، فنحن طالما رددنا كذلك (يا الله مالنا غيرك يا الله) ولكننا نعلم أيضا من قصص الأولين، أن الله قد يهيء الأسباب لنصرة المظلومين بأكثر من طريقة ومنها أن يسلط ظالما على آخر وهو ما حدث في أفغانستان عندما سخر الله الولايات المتحدة لتدعم أسامة بن لادن والمجاهدين العرب في القتال ضد المحتل السوفييتي، ثم سخرها لتدعم البوسنيين المسلمين ضد المحتلين الصرب وأخيرا سخرها لتدعم الثوار الليبيين ضد الطاغية القذافي.

 منذ الشهر السادس للثورة بدأت تتعالى الأصوات لدى شرائح واسعة من الثائرين لطلب الدعم الدولي بأشكال عديدة من حظر جوي أو مناطق عازلة أو ممرات آمنة أو تسليح للجيش الحر، ووصل الأمر في مرحلة من المراحل إلى حد تخوين كل معارض سوري يرفض أو حتى يتردد في طلب التدخل الدولي.

 بدأ الدعم الدولي يصل إلى الشعب السوري على شكل مساعدات إنسانية وعسكرية من أطراف عدة عربية وغربية ولكن بتردد مريب وبوتيرة بطيئة ولم تكن النتيجة إلا ارتفاعا بفاتورة الدم والتهجير ومزيدا من التدمير للدولة السورية والتمزيق لمجتمعها مع شرذمة وسوء في الإدارة والتوزيع ولم يكن المجتمع الدولي جديا في أي لحظة بالدفع باتجاه الحسم لصالح الشعب السوري الثائر، بل حافظ بزعامة قطبيه الأكبرين المتصارعين الأمريكي والروسي المتفاهمين على استمرار حرب الاستنزاف على مبدأ لاغالب ولا مغلوب.

لم يسأل كثير من الثوار الذين طالبوا بالتدخل الدولي قبل عامين أنفسهم لماذا قد تفكر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالتدخل، ولم يقبلوا أي مناقشة بالأمر بل إن بعضهم خون رموزا معارضة عريقة لرفضها التدخل الأجنبي وأوشك أن يسقط مجالس وهيئات وطنية لمجرد التردد بطلب هذا التدخل، وطبعا لم يحدث التدخل لأسباب عديدة لسنا بمجال تفصيلها هنا.

اليوم تعلو أصوات طبول الحرب وكأن المجتمع الدولي قد استفاق فجأة من غيبوبته وتنبه إلى أن في بقعة من هذا العالم شعب بريء يذبح على يد نظام أهوج وأن الواجب الإنساني يحتم التدخل لحمايته ووقف المجازر المرتكبة بحقه.

لاشك بأن مجزرة الكيماوي في غوطة الشام كان لها أثرها المدوي والذي أسقط ورقة التوت عما يسمى المجتمع الدولي فلم يبق لرئيس الدولة الأقوى في العالم أي هامش للمناورة حول خطه الأحمر الذي ربما شعر بأنه تورط بالحديث عنه حينما لم يكن يتوقع إلى أي درجة يمكن أن يصل جنون جزار دمشق.

ولكن في نفس الوقت، يجب ألا نكون ساذجين لدرجة أن نصدق بأن أساطيل القوى الدولية الأعتى في العالم ستتحرك فقط حماية لحقوق الإنسان السوري، هذه القوى التي لم يهزها قتل مائة ألف سوري ذبحا وقصفا وقنصا ماكان ليهتز ضميرها لمقتل ألفين إضافيين خنقا في الغوطة.

 ليس محسوما بعد أمر التدخل العسكري الدولي وليس معروفا بعد إلى أي درجة سيبلغ مداه إن حدث، ولكنه من المفترض أن يكون معروفا للجميع أن هذا التدخل إن حدث فسيكون حماية للمصالح الدولية في المنطقة التي تضررت بانتشار الفوضى وتنامي بروز الجماعات الجهادية ودخول ورقة السلاح الكيماوي فعليا إلى حلبة الصراع وكل ذلك على حدود إسرائيل.

 كيف سنتعامل مع هذا التدخل إن حدث؟

هل سيخرج من بيننا من يهلل ويرقص بلا وعي لقدوم المسيح المخلص؟

هل سيخرج من يخون هؤلاء ويتهمهم بالتفريط بالسيادة الوطنية؟

هل سيخرج من يعيد مرة ثانية مسلسل التخوين والاتهام بالعمالة للنظام بحق كل من يرفض التدخل الأجنبي؟

هل سيخرج آخرون ليرفضوا لأسباب عقائدية التدخل الدولي لأنه إن أتى فسيكون بقيادة غربية أمريكية وهم لا يأمنون بأي تقاطع للمصالح مع الغرب بل يعتبرونه عدوا خالصا ويهمهم أن يقودوا الشعب السوري بعد الأسد إلى حرب مع أمريكا وإسرائيل والغرب بأسره بل وربما والشرق معه؟ هل سينتظر هؤلاء لإعلان نواياهم أم أنهم سيجاهرون بها منذ الآن وقد يكونوا مسرورين بأن تتم إضافتهم إلى بنك الأهداف في الحرب المرتقبة؟ وهل وهل وهل…؟

 كل الاحتمالات واردة في هذه المرحلة الحرجة والحساسة جدا ونحن بأشد الحاجة للتعقل والتروي والتعامل بحنكة حتى نستفيد من الظرف القائم ونبحث عن أكبر قدر ممكن من المصالح المشتركة مع الآخرين في هذه المرحلة.

وعلى وجه الخصوص، يتوجب على الكتائب التي تعتبر نفسها إسلامية أن تقدر أن مصير الشعب السوري مرتبط اليوم إلى حد كبير بمدى وعي قياداتها وواقعيتهم وحسهم بالمسؤولية وهم أمام استحقاق تاريخي يفرض عليهم واجبا كبيرا تجاه هذا الشعب وكذلك تجاه الله، و الله وليُّ التوفيق.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫5 تعليقات

  1. ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻪ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﻪ : ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺍﻧﻬﺎ ﺗﺪﺭﺏ
    ﻃﻴﺎﺭﻳﻦ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﻬﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﺴﺮﻋـﻪ !!!
    ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ :
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    ﺃﻧﺘـﻢ ﺩﺭﺑﻮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﻼﻉ ﻓﻘـﻂ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻬﺒـﻮﻁ ﻧﺤﻦ
    ﻧﺘﻜﻔﻞ ﺑﻬﻢ

  2. تعم ستحصل ضربة وفي الاكثر سوف تكون يوم الاثنين على الثلاثاء وطبعا الله اعلم لكن سوف تحصل !!! ولكنها لان تكون عملية شاملة وارسال جيوش مثل سيناريو ضربة العراق وهذا من سابع المستحيلات اذا كان مثل ما يظن البعض لان امريكاء لم تعد بستطاعتها تحمل تكلفة الاثمان ولا الارواح وهي تعيش ازمة اقتصادية سوريا لا تطفوا على بحر من النفط مثل جاءرها وهذا هو السر في عدم تتدخلها من الاول مثل ليبيا !!! على الاغلب عملية سوريا ستكون هي الاقرب الى سيناريو ليبيا !!! والعملية ايضا ستكون ذات اهداف محدودة وليس مسقطة للسفاح و سوف تقتصر على مخازن الكيمياوي والاسلحة وعلى البنيه التحتية التي لم تنالها صواريخ وبرامبل بشار وهو هذا ماتريده وتبحث عنة امريكاء سوريا الدولة منهكة مدمرة ليس لديها ادنى الاساسيات لقيام الدولة لما بعد القضاء على المجرم ان شاء الله !!!! امريكاء والغرب لان يتدخلوا لحماية ارواح وممتلكات السوريين وانما لامحلصهم الشخصية ولاتنسوا انتخابات الكونغرس بعد سنة !! هذا العملية التي يقوم بها الغرب هي فقط للحفاظ على ماء الوجه امام شعوبهم وامام الراي العام الدولي وكبف وهم المنادون بحقوق الانسان !! وايضا لان تكون محبتنا بالسوريين لانهم لو كانوا مثل ما يندعون انهم يريدون الحفاظ على ارواح السوريين كانوا تتدخلوا منذو زمن طويل لانقاذهم مثل ما حصل في ليبيا (لان هنا النفط هم من لعب دور في تحديد الاوليات) ولن ينتظروا كل هالاجرام الذي واقع على السوريين حتى يتحركوا !! ضحايا صواريخ الاسكود والبراميل التي تنزل على رؤوس الابرياء لاتفرق عن ضحايا الكيماوي بالعدد والكم والموت واحد … !!! هنا المطلوب من رجال الجيش الحر ان يفتهموا مجريات هذا اللعبة جيدا ويجب عليهم ان يضعوا الخطط الجيدة لكي يغتنموا هذا الفرصة و يقوموا ويسعوا جاهدا للتحرك والسيطرة على مجريات الامور في دمشق للقضاء على السفاح في عقر داره لانها ستكون افضل فرصة محتاها لديهم !! وحسبي الله وتعم الوكيل علىكم ياحكام وامراء الفساد لانك وقفتم تتفرجون على ابادة السوريين ولم تنصروهم يا خوفي على اسلحتكم التي تشترونها وتخزنونها انها لم تعد تصلح استخدامها هذا ان كان لديكم خطط متى يتم استخدامها بالاصل !!! والله يعز في قلبي ان اكون مويد للعملية بالرغم من شكي من جدوءها على النظام لكن كل ما اتمنه ان الله يحفظ اخوتنا من كل سوء ومكرؤه و يلطف فيهم وان تتنهي محنتهم في اسرع وقت !!

  3. تم توزيع اللباس العسكري على المعتقلين في الفروع الأمنية .. و إجبارهم على لبسها .. و تم اقتيادهم لأماكن غير معروفة .. من المحتمل أن تكون تلك الأماكن هي المقرات التي سيتم ضربها .. و الهدف من ذلك .. التخلص من المعتقلين أولا” .. و ثانيا” إظهار الضربات بأنها موجعة و أدت لقتل الكثير من العسكريين ..

    و حسبنا الله و نعم الوكيل

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *