كتب سمير عطا الله في الشرق الأوسط:
في العلوم أن «الإنسان حيوان ناطق». في الحقيقة أنه كائن ملول. ولم أقرأ يوما عن صدور كتاب «غينيس» للأرقام القياسية في أي غابة من الغابات. يولد الفيل قادرا على سرعة محددة ولا يحاول أن يتجاوزها. الإنسان يتناول المنشطات المزورة لكي يثبت تفوقه. الحملان ترعى ما تقدم لها من قشر الحمص. في لبنان، أعددنا أكبر جاط حمص في العالم.. في التاريخ. أي عالم؟ أي تاريخ؟ لماذا ليس ألف صحن حمص مفيد لإطعام ألف فقير؟ وأيضا أكبر صحن تبولة في التاريخ. أي تاريخ البقدونس والبرغل. لماذا ليس اختراع دواء بسيط أو تأليف جمعية خيرية. وما فائدة البشرية بدخول كتاب «غينيس» حاملا جاطا من التبولة وطبقا طويلا من الحمص؟
الإنسان كائن ملول لا يكف عن تحطيم أرقام نفسه. ماذا اكتشف ما لم يكن يعرفه عندما وصل إلى قمة إيفرست؟ لماذا هو دائما ذاهب إلى الفضاء أو عائد منه؟ ماذا تشكو رحلة في القطار من فيينا إلى سالزبورغ. ذهابا وإيابا؟ التذكرة عليك وكل المشاهد من النافذة مجانية. وآداب النمساويين. وموسيقى باخ. عندما أسأل ابنتي: ما ألطف الساعات؟ تقول: إذ أنا معكما في الحديقة وموسيقى باخ من قرب.
لكن الإنسان ملول. الفيل يأكل ويقيل. العصافير تهزج وتنام على غصن واحد. الإنسان يبحث على الغداء أسعار الأسهم وحركة النقل وسعر الفائدة وهبوط الفضة وثروات معارفه ومشاريع كارلوس سليم. كل الأشياء التي تسبب له المغص والقرحة. الأفيال في قيلولة إلا إذا كان خلفها مخلوق يطاردها لذبحها من أجل أن يبيع عاجها. أنيابها تتحول إلى تاج وأنيابه إلى اهتراء.
كل يوم يتحدى نفسه. ثم يشاهد حياة الحيوان على الوثائقيات ويحسدها. لا دليل على أنها خاضت يوما حربا عالمية. أو أصدرت مجلة شتم وابتزاز باسم الفضيلة. أو تصرفت مثل أهل رواندا. أم كمنت للعسكر في سيناء. أو حشت نفسها بارودا لكي تفجر مخلوقات لا تعرفها. أو تعاونت وتكاتفت من أجل إعداد طبق حمص يسجله فاضي البال والأشغال «غينيس». وأنا لا أعرف إن كان «غينيس» هذا رجلا أو امرأة أو روضة أطفال، لكنني أعرف أنه سجل أمجاد لبنان الجديدة تحت فصل الحاء. حمص.
في القديم، ورد ذكر هذا البلد تحت فصل الألف: الأبجدية، وألف الأرجوان، اللون الذي اخترعته صور وحولته إلى أوسع تجارة في بحار العالم. لم يكن المدعو «غينيس» قد ولد ليحمل دفترا وقلما ويسجل طول طبق الحمص، باب الحاء في الأبجدية: حائط، حائر، حاد. حمص يا بلدي. بمعنى يا بلادي لا بلدياتي. بلد كان يفاخر في عصره بأنه أرض المائة شاعر وجنان فيروز وعباقرة الانتشار، فصار في عصرنا مآثره الحمص بطحينة مع رشة بقدونس وكزبرة.
الإنسان ملول. وأحيانا يدفعه ملله إلى السخف. والحيوان عبقري، ليس «غينيس» في حساباته أو في قراءته. أطلق الإنسان على المخلوقات الأخرى ما استنسب من الأسماء. وسمى الداب المخلص والكدود وصاحب الأحمال والأفضال، حمارا. أما هو، فعبقري يتكون في مجموعات لإعداد أطول طبق حمص. وهناك أبواب أخرى في عناوين السيد والسيدة «غينيس»، أهمها كيف تجعل ذكاءك في خدمة عكسه.
يحور و يدور الكاتب لكن حول نفسه و ليس حول الفكرة
hahahahaha
اخت نها اشرحي لنا رايك كيف رايت انه يدور حول نفسه و ليس عن الفكرة و عن اية فكرة استنتجت انه يدور حولها؟
الصراحة تعليقك ليس موضوعي و انا ارى انه وفق في ايصال فكرة ان الحيوان خلق مع فطرة فتماشى معها كي لا يتعب و يتعب غيره لكن الانسان يشقى و يلهث كي يقهر نفسه و يحطمها و ليس يحطم ارقاما فقك تكتب و لا احد يتذكرها كالموجودة في غينيس
كلام جميل جداً و نظرية واقعية و صحيحة..
شكراً للكاتب..
houdhouda
الفكرة الأساسية هنا يا هدهودة كما ترين ان الكاتب تعبان من سعي الإنسان المحموم وراء الحضارة و المنافسة التي لم تحقق للإنسان السعادة التي يطمح اليها
حول هذه الفكرة يدور كل الموضوع
هذا موضوع قديم مع ظهور الثورة الصناعية في أوروبا و تغير و تيرة الحياة الى الأسرع فالأسرع أتعبت الكثير من الأوروبيين جسدياً و نفسياً لأنها تناقض الفطرة الإنسانية نجوع نأكل نرتاح لكن التطور الصناعي يستلزم المزيد
من العلم لمزيد من الربح لذلك الحياة تتعقد و تصبح أكثر قسوة يوماً بعد يوم نمط الحياة الأوروبي إنتقل إلينا من حيث التنافس لدخول كتاب غنيس
الكاتب بكلمة واحدة تعبان و يتناول نفس الفكرة بأفكار عديدة
أرجو ان أكون أجبت عن سؤالك يا هدهودة