كتب سركيس نعوم في النهار اللبنانية:
من زمان شعرت المملكة العربية السعودية بخطر الثورة الاسلامية في إيران عليها ولاحقاً بخطر النظام الإسلامي الذي أسّسته والذي قارب عمره الـ34 سنة. وقد واجهته من خلال مساعدة الرئيس العراقي صدام حسين في الحرب التي شنّها على إيران عام 1980 والتي استمرت ثماني سنوات. كما تابعت هذه المواجهة بوسائل أخرى لاحقاً. لكن مواجهتها لم تكن عنيفة ولا مباشرة ولا انفعالية أولاً بسبب الطبع المحافظ والمتحفظ لحكامها والمسؤولين الكبار فيها. وثانياً بسبب “الاستقرار”، وإن النسبي، الذي كان سائداً في المنطقة، والذي لم تخرقه سوى حرب لبنان التي دامت نيفاً و15 سنة. وثالثاً، بسبب الانكفاء الظاهري الذي مارسته إيران بعد حرب صدام عليها، والذي استغلته لتقوية نفسها عسكرياً وأمنياً واقتصادياً في الداخل، ولإعداد مشروعها الاقليمي الطموح. ورابعاً، بسبب الحماية الشاملة التي وفّرتها أميركا للمملكة ولا تزال توفّرها. ويومها لم تكن المنازعة الجدية لزعامتها الآحادية للعالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي قد بدأت بعد. وخامساً وأخيراً، بسبب علاقة العمل والتعامل الجيدة التي نشأت بينها وبين النظام السوري، بل مؤسسه الرئيس الراحل حافظ الأسد، والتي قامت على أساس تبادل المصالح والمنافع وعلى تأمين تبادل خدمات سياسية وأمنية سواء مع ايران أو مع أميركا.
لماذا قرّرت المملكة العربية السعودية تغيير المواجهة بتحويلها حرب وجود، إذا جاز التعبير على هذا النحو، مع الجمهورية الإسلامية الايرانية؟
الأسباب معروفة في معظمها. فالجمهورية أصبحت دولة نووية، وأصبحت ذات قوة عسكرية تقليدية كبيرة جداً، ونجحت في تنفيذ المشروع الاقليمي الذي وضعت والذي مدّ نفوذها الى العراق وسوريا ولبنان وبعض “فلسطين”، والذي ثبّت نفوذها في بعض افغانستان وباكستان وفي الأوساط الشيعية في العالم، والذي سعى، وبنجاح، الى تركيز “ثوابت” له في دول الخليج العربية وخصوصاً في شرق المملكة ودولة البحرين. فضلاً عن أن اندلاع الثورة الشعبية في سوريا ضد نظام الأسد جعل حكام المملكة يدركون أن الخطر أكبر مما يتصوّرون، وخصوصاً بعدما انخرطت إيران مباشرة في الأزمة – الحرب السورية وفي “القضية” اللبنانية، وأظهرت استعداداً لحسم الأمور بالقوة العسكرية دفاعاً عن مشروعها المذكور أعلاه. والقشّة التي “قصمت ظهر البعير” كما يُقال، كانت الاتفاق النووي المبدئي بين المجموعة الدولية 5 +1 وإيران، وإدراك السعودية أن ذلك ليس أكثر من خطوة تمهيدية أمام الاعتراف بالأمر الواقع الإيراني والتعامل معه على نحو يؤكد زعامته الإقليمية على حساب الدول العربية مجتمعة. كما أنه ليس أكثر من مقدمة لا بد أن يتبعها تفاهم جدي أميركي – إيراني على قضايا كثيرة.
على ماذا تقوم المواجهة المباشرة السعودية – الايرانية اليوم؟ تقوم على مساعدة، وإن متأخرة وغير منظمة أو غير منبثقة من مخطط أو مشروع واضح، للثائرين في سوريا على نظام الأسد وداعمَيْه إيران و”حزب الله”. وتقوم ايضاً على تحصين الأوضاع في دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التغلغل الايراني. وتقوم ثالثاً، على محاولة، وإن غير ناجحة حتى الآن، لتغيير موقف روسيا من الأزمة السورية أو على الأقل تعديله. والمسؤولون الروس يرحّبون بالتعاون مع المملكة لمواجهة الارهاب الاصولي الإسلامي الذي يمكن أن يعطّل الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014 على أراضيها. أما في الموضوع السوري فان الكلام الروسي الجدّي يكون مع أميركا وليس مع “حلفاء” لها. وتقوم المواجهة الجديدة رابعاً على دعم معارضي ايران وحليفيها “حزب الله” ونظام الأسد من اللبنانيين وخصوصاً بعدما “استوطى الاثنان حيطهم” كما يُقال، وعلى محاولة جعل الدولة اللبنانية أو جزءاً منها على الأقل معهم باعتبار ان الجزء الآخر منها مع اعدائهم. وفي هذا الاطار يضع مناهضون للسعودية “مكرُمتها” بتقديم 3 مليارات دولار اميركي لتسليح الجيش، ولكن ليس لحكومة ميقاتي، بل لرئيس الدولة ميشال سليمان الذي اعتبر ذلك إنجازاً وطنياً له. وهم تساءلوا أمس ويتساءلون اليوم عن المقابل الذي تنتظره المملكة ليس من لبنان لأن دولته مشلّعة المؤسسات ومشلولة ولكن من رئيس جمهوريته. إلا أن مقدّري الدور اللبناني للسعودية يرون أن ايران تساعد “ميليشيا” في لبنان وتدفعُها للاستيلاء عليه في حين أن السعودية تساعد دولة لبنان للوقوف على قدميها.
طبعاً لن ندخل في أي تحليل هو الأكثر صحة، لكن نلفِت إلى أن ذلك يؤشّر الى شدة المواجهة في لبنان وعنفها، وهذا أمر مخيف.
كأنك مش لبناني
لبنان ساحة دائمة لكل المحاربين الإقليميين و نحن تعودنا هيدا قدر كل لبناني قرر ان ما يترك هالبلد بتمنى ما تضطرني اي ظروف عائلية للهجرة
تراب الوطن أغلى من الدهب
كلامك يا استاذ نعوم ككلام المثل القائل : كلامك يا قاضي مثل البندق الفاضي صوت بلا معنى.