بعد أيام قلائل من اعتقال “ملياردير العقوبات”، بابك زنجاني، زعيم شبكة الالتفاف على الحظر الاقتصادي والمالي المفروض على طهران عبر تركيا، لم تظهر بعد كافة أبعاد هذا الإجراء ودوافع الحكومة الإيرانية وراء زجّ مَنْ خدم النظام في مجال هو بحاجة ماسّة وحيوية إليه في السجن.
والأمر المثير أن الصحافة الإيرانية التي تعاني من الرقابة المشددة تعاطت على نطاق واسع مع ملف زنجاني واعتقاله، إلا أن وسائل الإعلام القريبة من الحرس الثوري لا تزال تقف موقف المتفرج.
ويتوقع المراقبون أن حسن روحاني يحاول عبر ضرب رأس شبكة الالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران بسبب ملفها النووي المثير للجدل، أن يطمئن الغرب بجدية الموقف الإيراني وإيجابيته.
ومن ناحية أخرى فإن أزمة الفساد في تركيا كشفت بابك زنجاني على حقيقته، وأصبح بذلك ورقة محروقة ينبغي التخلص منها.
ومعلوم أن بابك زنجاني على علاقة وثيقة بالحرس الثوري ويعتبره البعض الواجهة المالية لها من خلال تسجيل العديد من الشركات “الخاصة” باسمه، إلا أن ملكيتها الحقيقية تعود للحرس الثوري وهناك المزيد من الشركات الإيرانية الخاصة الناشطة في مختلف أنحاء العالم والتي يختفي وراءها الحرس الثوري الذي يهندس وينفذ الالتفاف على العقوبات الدولي بواسطتها.
وبالرغم من اعتقال بابك زنجاني لكن ليس من المعلوم الجهة التي قامت بهذا الإجراء، إلا أنه يبدو أن وزارة الأمن والاستخبارات التابعة لحكومة حسن روحاني وبالتعاون مع الادعاء العام قامت بهذا الإجراء تنفيذا لقرار رئاسي لمواجهة “ناهبي الثروات”.
الشبكة بتركيا تم كشفها من داخل إيران
ويرى موقع “ديجربان”، الخبير في شؤون المتشددين بإيران، في تقرير له بالاستناد إلى محسن ميرشمسي، مراسل وكالة “تسنيم” القريبة من الحرس الثوري، أن شبكة بابك زنجاني في تركيا تم كشفها من داخل إيران، حسب ما ذكر على صفحته في “فيسبوك”.
ويضيف التقرير أن أوساط في الحرس الثوري الإيراني تعتقد أن حكومة حسن روحاني تقف وراء كشف وتفكيك الشبكة الناشطة في تركيا في مجال اجتياز العقوبات، وذلك بغية “بناء الثقة” مع المفاوض الغربي حول الملف النووي الذي يشكل التحدي المُلحّ للرئيس الإيراني.
ويؤكد التقرير أن ثمة ضباطاً قياديين في الحرس الثوري غاضبين جداً من حكومة حسن روحاني، الأمر الذي يفسّر هجمات وانتقادات بعض قادة الحرس لحكومة “الاعتدال”، كما تسمي نفسها، في الأيام الماضية.
ويرى المراقبون أن القضاء على “ملياردير العقوبات” كانت الخطوة الأولى لحكومة روحاني على طريق التصدي لمجموعات كبيرة من النشطاء الاقتصاديين المرتبطين بالحرس الثوري والأجهزة الأمنية المستفيدة من الحظر الاقتصادي المفروض على إيران.
وكان موقع “انتخاب” القريب من رئيس السلطة التشريعية علي لاريجاني تكهن باعتقال بابك زنجاني قبل حدوثه، ونشر يوم الأربعاء تفاصيل أكثر حول إجراءات الاعتقال، مؤكداً أنه تعرف عام 2009 على إسفنديار رحيم مشائي، مستشار الرئيس السابق أحمدي نجاد، عبر شخص يُدعى حسن رعيت، وحظي لاحقاً بتغطية أمنية من قبل أحد الأجهزة الحكومية التي لم يحددها بهدف النشاط الاقتصادي لصالحها وارتبط بعناصر سرية وقوية داخل السلطة تقود المدنيين المسلحين لقمع الاحتجاجات.
وترى أوساط سياسية إيرانية أن الرئيس الإيراني قد وضع خطة موسّعة وهادئة بهدف محاربة الفساد والمحسوبية والرشوة التي تنخر الاقتصاد الإيراني.