العربية- يشير تبرؤ القاعدة من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أحد أبرز تنظيماتها، إلى وجود خلاف غائر.
وبدأت الأزمة على خلفية إعلان داعش توحدها مع جبهة النصرة في سوريا، الأمر الذي قابله رفض زعيم الجبهة لهذا الاتحاد، لتتسع بعد ذلك هوة الخلافات بين النسيج القاعدي.
ولا تقف تضحية القاعدة بأحد أبرز تنظيماتها القتالية عند حدود كونه خطوة فريدة من نوعها في تاريخ هذا التنظيم، وإنما بداية لتغيرات في موازين القوة على الأرض، لا سيما في سوريا.
وبحسب مراقبين، فإن جبهة النصرة هي المستفيد رقم واحد من تخلي القاعدة عن داعش، لا سيما أنها قد تعلمت من أخطاء تنظيم القاعدة في العراق، حيث باتت الأقرب إلى السكان المحليين تنظيمياً وخدمياً.
إلى جانب ذلك، فإن النصرة نجحت على الرغم من المعارك التي تخوضها مع داعش من جهة والنظام من جهة أخرى، في بناء تحالفات لم تقدر القاعدة على بنائها في أرض معركة تشهد الكثير من المتغيرات في كل لحظة، مقدمة نفسها كبديل لدولة العراق والشام.
خلافات ذات طبيعة ايدلوجية سياسية
ويرى حسن أبو هنية، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن هناك خلافات بين كل من داعش وجبهة النصرة ذات طبيعة ايدلوجية سياسية، يستند فيها المكون الأساسي لتنظيم داعش إلى مواجهة المشروع الصفوي الإيراني، فأجندة التنظيم تتماهى حالياً مع الأجندة الطائفية التي يتبناها المشروع الإيراني الممتد من إيران، ويتمثل في فيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله والميليشيات الشيعية التي يستثمرها المالكي كما يستثمرها نظام الأسد.
وأوضح أبو هنية أن جبهة النصرة تحاول أن تخوض حرباً ذات طبيعة أنصار، حيث إنها تنسق مع الحركات الإسلامية السلفية المحلية، وفي مقدمتها الجبهة الإسلامية وأيضاً حركة أحرار الشام.
وقال أبو هنية في برنامج “آخر ساعة” على شاشة “العربية” إن الخلافات بين هذه الفصائل تتسع شيئاً فشيئاً، مضيفاً “مشكلة هذه الفصائل أنها لا ترتكز على ايدلوجيا صلبة ومشروع فيما بعد، فهي مرشحة للانقسام والتجزؤ والدخول في خلافات”.
وأوضح أن داعش تنظيم خطير قد يكسب أنصاراً له بسبب ضعفه الايدلوجي وعدم وجود صلابة تنظيمية عالية فيه.
وعن الفرق بين داعش وجبهة النصرة، أكد الباحث في الشؤون الإسلامية أن داعش تريد فرض أجندة تطهير مكاني، وتسعى لتوسيع مشروعها ليمتد من إيران إلى لبنان، وربما ليشمل كل المنطقة على اعتبار أنه تنظيم يمتلك دولة وإمارة مؤمنين.
بينما جبهة النصرة ذات طبيعة محلية تتمسك بالأمر الداخلي السوري، وتقول إن مصير سوريا المستقبلي مرتبط بالشورى بين جميع الفصائل.
واختتم حديثة بالقول إن المعارضة السورية والائتلاف والجيش الحر لا يستطيعوا أن يتخلوا عن الكثير من هذه الحركات التي تساعدهم على مواجهة النظام السوري المدعوم بشكل كبير من إيران وروسيا.
القاعدة تتبرأ من “داعش”
وكانت القيادة العامة لتنظيم “القاعدة” نفت أي علاقة لها بتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) في سوريا والعراق. وأعلنت في بيان موقع باسم “جماعة قاعدة الجهاد” أنه لا صلة لها بتنظيم داعش، بل أمرت بوقف العمل به.
وقالت قيادة القاعدة، في بيان نقلته مؤسسة “سايت” المتخصصة في رصد المواقع الإسلامية، إن “التنظيم ليس فرعاً من جماعة القاعدة، ولا تربطه بها علاقة تنظيمية”.
وقالت القيادة العامة للتنظيم في بيان نشر بمواقع جهادية على الإنترنت، الأربعاء، إن التنظيم قطع علاقته مع داعش، التي يقودها أبو بكر البغدادي، عقب عصيانه للأوامر الصادرة عن زعيم التنظيم أيمن الظواهري.
وعلى الرغم من عدم التمكن من التأكد من صحة البيان من مصدر محايد، فإنه نشر على مواقع يستخدمها عادة تنظيم القاعدة، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.
وكان الظواهري قد أمر داعش بالعمل مستقلاً عن فرع آخر منافس له من فروع القاعدة في سوريا، وهو جماعة جبهة النصرة التي يتزعمها أبو محمد الغولاني.
وقد رفض البغدادي أوامر الظواهري، وسعى دون نجاح إلى دمج الجماعتين معاً.
جبهة النصرة ممثل القاعدة في سوريا
ودعا الظواهري، الشهر الماضي، في رسالة صوتية إلى “وقف القتال بين إخوة الجهاد والإسلام في سوريا” على خلفية احتدام القتال بين تشكيلات عسكرية تابعة للمعارضة السورية وعناصر داعش في مناطق واسعة من شمال سوريا.
وشاركت جبهة النصرة التي سبق أن عدها الظواهري ممثل تنظيم القاعدة في سوريا، إلى جانب مقاتلي المعارضة المؤلفين من الجبهة الإسلامية وجيش المجاهدين وجبهة ثوار سوريا في بعض هذه المعارك ضد داعش.
وكانت القيادة العامة لـ”القاعدة” دعت في بيانها “كل ذي عقل ودين وحريص على الجهاد أن يسعى جاهداً إلى إطفاء الفتنة بالعمل على الإيقاف الفوري للقتال، ثم السعي في حل النزاعات بالتحاكم إلى هيئات قضائية شرعية للفصل فيما شجر بين المجاهدين”.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 2300 شخص على الأقل هذا العام نتيجة الاقتتال بين مسلحين وداعش.
وأكد مقاتلون أجانب ومراقبون، وفق وكالة رويترز، أن “القاعدة انفصلت بالفعل عن تنظيم داعش الذي كان في الأصل جناح القاعدة في العراق، قبل أن يمتد إلى سوريا”.