كتبت جمانة حداد في النهار اللبنانية:
يسمّونها “ممانعة”، أصحاب الهمم والنيات الحسنة، الطاهرة، التي لا غبار عليها. ما أكثرهم، والحمد لله، في هذا البلد.
“ممانعة! ممانعة!”، تزعق أبواقهم “الوطنية” التي لا تركع أمام حذاء أيّ سلطة خارجية، ولا تحركها أيّ قوى “إلهية” داخلية.
معاذ الله! أحرار شرفاء صامدون، ومن يقول عكس ذلك يُقتَل برصاصة من على رأس السطح، أنّى كان، في بعبدا أو في الطريق الجديدة.
“ممانعة! ممانعة!”، يهتفون بإصرار، علماً أنه يمكن بسهولة تفادي التكرار، واستبدال هذه الكلمة بعبارات أخرى، من دون أن يتغير المعنى المقصود، من مثل: “تخوين”، “مزايدة”، “بعبعة”، “استعراض عضلات”، “تغطية جرائم”، وهلمّ.
ممتاز. “شهّيتونا” أيها الممانعون الأجلاء. أنتم على حقّ. هل أطيب وأجمل وأنبل من الممانعة؟ لا تستأثروا بها أيها “الشركاء” في الوطن (لكم 99 في المئة ولنا 1 في المئة، على ما ينصّ عرض شراكتكم الكريم. ولكن “طويلة”). تمهّلوا، فنحن أيضاً نريد حصة فيها، وإليكم لائحة بممانعاتنا:
نحن نمانع ضدّ كذبكم وريائكم واستبدادكم بنا واستقوائكم علينا وتطاولكم على كراماتنا واستهتاركم بآرائنا ومطالبنا واتهامكم لنا بما تريدون درء شبهته عنكم، على طريقة “تتغدّونا قبل أن نتعشّاكم”.
نمانع ضدّ استئثاركم بقضية هي قضيتنا جميعاً (فلسطين)، وتلحّفكم بها لإخفاء جرائمكم، واستغلالكم لها لدعم نظام قاتل لم يرفع إصبعاً في العقود الأخيرة لينتصر لها، بل لطالما استعملها مطيةً لمصالحه، وباعها تحت الطاولة في بيته، ثم جاء ليزايد بشعاراتها في بيتنا.
نمانع ضدّ القتل والتهديد والتخويف والترهيب والابتزاز وأخذ الحق باليد وشريعة الثأر وشريعة الغاب وإلغاء الآخر والمصادرة والكيدية والغلبة.
نمانع ضدّ استباحة الأعراض وقلة الأخلاق وتعطيل النصاب والتكاذب والمصافحات الخبيثة والقطيعية والتطرّف.
نمانع ضدّ كمّ الأفواه والتذاكي والاستسلام والتنازل والتزوير والسرقة ولحس الأحذية.
نمانع ضدّ الموت والألم واليأس، وكوابيس التنكيل والرعب والاغتيالات والتفجيرات.
نمانع ضدّ أن نكون ضحايا. أن نعيش في الخوف. أن نمنح الإرهاب متعة خضوعنا له. أن نكون وقوداً وأداة وجزءاً من قطيع.
نمانع ضدّ أن تقرروا عنا الكيف والمتى واللماذا. أن تتاجروا بنا. أن نصدّق أكاذيبكم. نمانع ضدّ الشعبوية ومنطق “أنا أو لا أحد”.
نعم، كما ترون، نحن أيضاً ممانعون أيها السادة. ويمكنني أن أمضي قدماً في تعداد ما نمانعه. هل أزعجتكم لائحتي هذه؟ لا بأس. دواؤكم عندي.
الحلّ في أن تكملوا الجملة الآتية: “يلّي في مسلّة تحت باطو…”
[email protected] | Twitter: @joumana333