(رويترز) – وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية للتجارة الحرة مع أوكرانيا يوم الجمعة وهدد بفرض المزيد من العقوبات على روسيا إذا لم يتخذ متمردون موالون لموسكو خطوات نحو إنهاء الأزمة بشرق البلاد بحلول يوم الإثنين. ووصل الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إلى بروكسل لتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة والتعاون السياسي كانت السبب الرئيسي وراء اضطرابات سياسية وأعمال عنف استمرت لشهور في بلاده. وهددت روسيا على الفور “بعواقب وخيمة”. ووقعت مولدوفا وجورجيا اتفاقيات مماثلة تتيح اندماجا اقتصاديا قويا وتسمح بدخول مواطني دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 500 مليون شخص دون قيود مما أثار قلق موسكو التي تخشى فقدان نفوذها في الجمهوريات السوفيتية السابقة. وطالب زعماء الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل بأن يوافق المتمردون الأوكرانيون بحلول يوم الاثنين على ترتيبات للتحقق من وقف إطلاق النار وإعادة نقاط التفتيش الحدودية إلى السلطات الأوكرانية وإطلاق سراح محتجزين وبدء محادثات جدية بشأن تنفيذ خطة سلام وضعها بوروشينكو. وأضاف الزعماء في بيان أن حكومات الاتحاد الأوروبي “ستقيم الموقف وستتخذ قرارات ضرورية إذا لزم الأمر.” وقالوا إنهم مستعدون للاجتماع مجددا في أي وقت لفرض عقوبات كبيرة على روسيا. وقال دبلوماسيون لرويترز إنه إذا لم يعمل المتمردون الأوكرانيون على وقف تصعيد التوترات فإن الاتحاد الأوروبي قد يمدد العقوبات على روسيا الأسبوع المقبل لتشمل تجميد أصول المزيد من الأشخاص والشركات. وتضم القائمة بالفعل أكثر من 60 اسما. وعلى الرغم من وضع قائمة بعقوبات اقتصادية موجعة على روسيا فإن الاتحاد الأوروبي يبدو غير مستعد لفرضها بسبب مخاوف بعض الأعضاء من معاداة أكبر مورد للطاقة بالنسبة لهم.
وقال بوروشينكو في مؤتمر صحفي ببروكسل “نتحدث عن العقوبات المحتملة على روسيا لكننا غير مضطرين لفرض عقوبات من أجل العقوبات. نحتاج إلى حوار. أتمنى أن يحدث هذا الحوار وسيكون لدينا وقف حقيقي لاطلاق النار.” كان بوروشينكو قد وضع خطة للسلام من 15 نقطة بهدف نزع فتيل الأزمة في شرق أوكرانيا حيث قتل المئات في اشتباكات بين قوات الأمن ومتمردين موالين لروسيا. ومن المقرر أن ينتهي وقف لاطلاق النار استمر أسبوعا في وقت لاحق يوم الجمعة. وقال بوروشينكو يوم الجمعة إنه سيتخذ قرارا بشأن تمديد وقف إطلاق النار في شرق البلاد عندما يعود إلى كييف بعد قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. لكن دبلوماسيين في الاتحاد قالا إن بوروشينكو أخبر زعماء فرنسا وألمانيا بأنه يقترح تمديد وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام ليتزامن مع المهلة التي حددها الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا أنها تهدف في النهاية إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي لكن بروكسل لم تعد بمنح الدول الثلاث العضوية بسبب ضغوط الناخبين القلقين من توسيع الاتحاد. وكان الرئيس الأوكراني السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش قد أدار ظهره للاتفاقية في نوفمبر تشرين الثاني وفضل إقامة علاقات أقوى مع موسكو مما أدى إلى احتجاجات استمرت شهورا ثم الاطاحة به في نهاية الأمر وفراره من أوكرانيا.
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها فيما بعد فثار غضب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرضا العقوبات على موسكو كما بدأ انفصاليون موالون لروسيا تمردا في شرق أوكرانيا. وقال بوروشينكو الذي وصف يوم الجمعة بعد توقيع الاتفاقية بأنه أهم يوم في بلاده منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991 “خلال الشهور الماضية دفعت أوكرانيا أكبر ثمن ممكن لتحقق أحلامها الأوروبية.” وذكرت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء أن جريجوري كاراسين نائب وزير الخارجية الروسي قال إن توقيع الاتفاقية ستكون له “عواقب وخيمة” على أوكرانيا. وحث بوروشينكو الاتحاد الأوروبي على مكافأة أوكرانيا نظير تضحياتها عن طريق التعهد بأحقيتها في عضوية الاتحاد بمجرد أن تصبح مستعدة لذلك. وأضاف أن التعهد “لن يكلف الاتحاد الأوروبي شيئا لكنه سيعني الكثير لبلادي.” وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فإن رومبوي إن الاتفاقيات الموقعة يوم الجمعة “ليست المرحلة الأخيرة من تعاوننا” لكنه لم يتطرق إلى إمكانية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف.
وعبر رئيس وزراء مولدوفا يوري ليانكا عن آمال بلاده أيضا في الانضمام للاتحاد الأوروبي وقال يوم الخميس إنه يتمنى أن تقدم مولدوفا طلب الانضمام للاتحاد في النصف الثاني من عام 2015. وردت روسيا التي حاربت جورجيا في عام 2008 على محاولات جيرانها التقرب إلى الاتحاد الأوروبي بإجراءات عقابية تجارية. ويخشى مسؤولو الاتحاد تكرار هذا. ويقول مسؤولو الاتحاد أن روسيا هددت خلال محادثات دبلوماسية بإلغاء إعفاء جمركي تستفيد منه أوكرانيا حاليا بصفتها عضوا في اتفاقية التجارة الحرة لكومنولث الدول المستقلة. ووصف مسؤول أوروبي كبير التهديد الروسي بأنه “صادم للغاية” وقال آخر إن هذه الخطوة تمثل انتهاكا لاتفاقية كومنولث الدول المستقلة وقواعد منظمة التجارة العالمية. وتخشى موسكو أن تعيد أوكرانيا تصدير منتجات الاتحاد الأوروبي إلى روسيا متفادية الجمارك التي تفرضها روسيا لحماية منتجاتها. وقطعت شركة جازبروم الروسية العملاقة للطاقة إمدادات الغاز عن كييف الأسبوع الماضي بعدما لم تدفع أوكرانيا ديونها المستحقة. وتظهر بيانات الاتحاد الأوروبي أنه صدر بضائع لأوكرانيا بقيمة 23.9 مليار يورو (33 مليار دولار) في عام 2013 وبلغت قيمة وارداته منها 13.8 مليار يورو. وسيصر الاتحاد الأوروبي في إطار الاتفاقية على أن تطبق أوكرانيا معاييره لحقوق الإنسان والديمقراطية وتكافح الفساد وتعزز سيادة القانون وتجري اصلاحات لاقتصادها.