في صورة نادرة خاصّة بـ”العربية.نت”، يجلس جورج صبرا، الرئيس السابق للائتلاف الوطني، بجانب مستشار رئيس “الهيئة الشرعية” في حلب، عبدالقادر فلاس، يتبادلان الأحاديث تارةً ويتفاعلان تارة مع مراسيم حفل الزفاف الذي يحضرانه، والذي يزفان فيه مقاتلين اثنين من مقاتلي الجبهات في حلب.
تبدو المفارقة واضحة، فبعيداً عن الاختلاف الديني، تجمع الصورة طرفين متناحرين ويعادي بعضهما الآخر، أحدهما ترأس “المجلس الوطني” ويمثّل الكيان السياسي الأبرز والمعترف به دولياً في المعارضة الخارجية، في حين يمثّل الآخر أعلى سلطة “قضائية” في المناطق المحررة السورية، تجتمع فيها كبرى الكتائب من “الجبهة الإسلامية” وحتى “جبهة النصرة (وإن كانت قد أعلنت عن رغبتها بالانسحاب من الهيئة الشرعية مؤخراً، لتطبيق ما تسمّيه “شرع الله” في المناطق المحررة)، وتعادي “الائتلاف” بشكل واضحٍ وصريح.
وإذا كان الائتلاف قد كوّن “وزارة عدلٍ” ضمن الحكومة المؤقتة، والتي تتخذ من تركيا مقراً لها، فهي بقيت حتى اليوم شكلية لا تتمتع بالصلاحيات في الداخل السوري، ويحل بدلاً عنها “هيئات شرعية” تشكلها الكتائب الكبرى وتمتلك سلطات واسعة ويديرها شيوخ ورجال دين. ومن هنا يكتسب اجتماع هذه الأطراف المتناحرة في صورة واحدة رمزيته وأهميته.
“رابط ولو ساعة” ضد النظام و”داعش”
منذ أن ظهر “داعش” وبدأت حملة “براميل” النظام على حلب، لم يسبق أن دخل عضو ائتلاف لمدينة حلب لأسبابٍ أمنية، إلا أنّ المبادرة التي أطلقها مهنا جفالة، قائد كتائب “أبوعمارة” في حلب بعنوان “رابط ولو ساعة”، أمّنت الحماية اللازمة لكلٍّ من جورج صبرا وسمير نشار، ونقلتهما من الحدود التركية حتى مدينة حلب، وجالت بهما في أنحاء المدينة وفي الجبهات. كما أمنت فرصةً حتى تجلس أطرافٌ متناحرة بجانب بعضها يجمعها الاحتفال بمراسيم حفل زفاف.
في صورة أخرى من ذات الزيارة التي جرت أمس الأربعاء، اجتمع جورج صبرا وسمير نشار بمجموعة من ثوار وناشطي مدينة حلب، وفي ثالثة مع مقاتلين من “أبوعمارة” قبل عملية اقتحام في إحدى الجبهات. وهي لقاءات لا يُتوقع أن تكون وديّة جداً، يكون النقاش فيها حاداً وهجومياً دوماً، إذ يعتب ثوار الداخل على خذلان معارضة الخارج لهم، وعدم نجاحها في تحقيق الدعم اللازم للثورة السورية، واتخاذ مقرات لها في الخارج دون أن تحتك بالداخل إلا من خلال زيارات خاطفة كهذه.
لا تتبع كتائب “أبوعمارة” لأي من التجمعات العسكرية الكبرى، وهي كتائب صغيرة العدد نسبياً ولا تُعرف بشكل بارز في وسائل الإعلام، إلا أنها تحظى باحترام وسمعة جيدة في حلب، خصوصاً أنها من أوائل الكتائب التي ساهمت بعمليات اغتيال “الشبيحة” قبل التحرير، وساهمت بعدها في تحرير الريف والمدينة، كما تمتاز بعلاقتها الجيدة مع الناشطين والسياسيين، وهو ما ينسجم مع مبادرتها “رابط ولو ساعة” والتي دعت فيها جميع المؤيدين للثورة في الخارج لزيارة الجبهات ومساعدة المقاتلين فيها، ولو لساعة.