بائع الترام
حدثنا ابو الطيب فقال
سألني أحدهم بانفعال لماذا يطفو على سطح الحياة أشباه الرجال من كل مسؤول سمسار ومحتال يبعد الشرفاء ويقرب الأنذال ويحرض على الحرب والقتال وقد خلا له الجو فراح يطلب الطعان والنزال وكأنه الأعور الدجال
قلت خفف من غلوائك يا ابن الكرام فالفجر ينبثق من الظلام والذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام نهايتهم ككل الطغاه فى الرغام
ألم يأتك نبأ الذى باع الترام , الحاكم عندما يفقد ثقة الشعب يتحول الى الأحتيال والنصب وتتفرغ حاشيته للسلب والنهب ورجال الأمن للتعذيب والضرب وكم من تلميذ سيئ لبائع الترام المحتال بهدل مهنة الأحتيال شعاره أنا عايز أكل عيش يطيع الأوامر ولا يقول ليش
فقال الرجل يا ابا الطيب حدثني عن بائع الترام فلعل فيها ما يكشف الأسرار عن السبب فى هذا الأنهيار
قلت تلك قصة يضرب بها فى مصر المثل عن أهل ألختل وأهل ألهبل فقد زعموا أن فلاحا من أهل الصعيد ذهب الى القاهرة يرتدي قفطانه الجديد وراح يتجول فى شوارع القاهرة بفرح ما عليه من مزيد وبعد أن باع المحصول وقبض الثمن المعقول وتهيأ للعودة سعيدا باليسر بعد العسر وركب الترام الى المحطة ونفسه ممتلئة بالفرح والغبطة فألتقى هناك برجل أدمن الأونطه عرض عليه أن يبيعه الترام ليجني منه الربح على مدى الأيام وربحه فى اليوم أكثر من ربح الزرع فى عام ثم دعاه للغذاء وراح ينفق المال بسخاء ويقدم له كؤوس الصهباء
وقع الصعيدي فى الشرك فهو طيب السريرة ولا يعرف الكذب والأفك ثم دفع ما فى جيبه من المال الى الرجل المحتال وجلس فى الترام ناعم البال , وجاء قاطع التذاكر يلقي بأصبعه الأوامر فقال له الصعيدي هات ما جمعته من الركاب اجرة الذهاب والآياب فصاح به الرجل ماذا تقول ايها النصاب قال الصعيدي لقد اشتريت الترام هذا الصباح وأنت أجير عندي فلا ترفع صوتك بالصياح
بات الصعيدي ليلته سجينا فى نظارة الشرطة وادرك انه كان ضحية للأونطه وخسر ثمن القطن والحنطه
المحتال القديم باع الترام وغيره باع أبو الهول والأهرام وعندما جاء موسم حرب الخليج وهدرت الدبابات وارتفع الضجيج شمر بعضهم عن سواعده للأرتزاق وقال لبوش أبشر بتدمير العراق
أشرقت أسارير الرجل بالأرتياح وقال الساحة حبلى بالتمرد والأحداث وهذه احدى بشائر سياسة الأنفتاح , لكن لا يزال هناك أحفاد سليمان الحلبي والعز ابن عبد السلام يدافعون عن العروبة والأسلام
ثم أن أبا الطيب زفر من القهر وراح يترنم بأبيات من ألشعر