(CNN)- أثار اعتقال الرجل الثاني في جماعة “الإخوان المسلمين” في الأردن، زكي بني ارشي، ليل الخميس، استهجان قوى سياسية ونشطاء أردنيين، فيما اعتبرت الجماعة أن الاعتقال الذي وصفته بـ”البوليسي”، قد يكون مقدمة لصدام جديد بين التنظيم المعارض الأكبر، والسلطات الرسمية في البلاد.
وشكل اعتقال بني ارشيد من أمام مقر مركز الجماعة في العاصمة عمّان، على خلفية نشره تعليقاً على صفحته الخاصة على “فيسبوك”، هاجم فيه دولة الإمارات لإصدارها قائمة بـ”التنظيمات الإرهابية”، تضم الإخوان المسلمين، رسالة سياسية “تصعيدية” في التعاطي مع ملف الجماعة، بجعله “ملفاً أمنياً لا سياسياً”، خاصةً أن الاعتقال أعقب خروجه من اجتماع داخلي للتنظيم بوقت قصير، باستخدام قوة أمنية كبيرة، بحسب قيادات إخوانية.
وقال القيادي البارز في الجماعة، علي أبو السكر لـCNN بالعربية الجمعة، إن الاعتقال “تم بطريقة بوليسية ومستهجنة”، معتبراً أن تلك الطريقة بتوقيتها وتبريرها حملت رسائل واضحة، في مقدمتها أن “الاعتقال مبيت ومستمر”، إلا أنه رأى أن “محاولات استفزاز” الحركة الإسلامية لن تنجح، رغم توسع السلطات في حملة الاعتقالات.
وفي هذا الإطار، نقل أبو السكر رفض الإخوان لما قال إنه “ارتهان الموقف الأردني الرسمي السيادي” لأي جهة خارجية، في إشارة إلى إلصاق تهمة “تعكير صفو العلاقات الأردنية مع دولة الإمارات”، حيث وصف بني ارشيد في منشوره أن “حكومة الإمارات هي الراعي الأول للإرهاب.”
وحذر أبو السكر من “أية توجهات رسمية” بمزيد من التصعيد ضد الجماعة، رغم تأكيده على سلمية ونهج الحركة الإسلامية، ومحاولة جر الإخوان إلى “ممارسات في دول مجاورة”، وقال: “أعتقد أن أي دفع باتجاه التأزيم لا يحرص على مصلحة أمن واستقرار الأردن، ولا نقبل لأي كان أن يدفع الأردن بممارسات على غرار بعض ما يجري في دول مجاورة .”
ويعتبر بني ارشيد من الشخصيات السياسية المثيرة للجدل في أوساط الحركة الإسلامية، وهو المحسوب على تيار ما يعرف بـ”المتشددين” أو “الصقور”، بينما تصفه بعض قيادات الإخوان بـ”أحد عناصر التأزيم” داخل الجماعة، لعلاقته المتوترة مع الحكومة، وعلاقته القوية مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس.”
ولم تعلق الحكومة رسمياً على الاعتقال، في وقت رأى فيه مراقبون أن علاقة الحركة الإسلامية شهدت توتراُ متصاعداُ مع الحكومة وأجهزتها، منذ الحرب الإسرائيلية على غزة، وتحديداً عقب إقامة مهرجان احتفالي حاشد في عمان، عرضت فيه كلمة متلفزة لرئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أواخر أغسطس/ آب الماضي.
واقتصرت التصريحات المسربة، على تأكيد مصدر حكومي، طلب من CNN بالعربية عدم ذكر اسمه، أن الاعتقال جاء “بسبب التصريحات المسيئة مع الإمارات، على حساب مصالح حزبية ضيقة، بما قد يعرض الأردنيين في الإمارات إلى الخطر”، وأضاف: “القضية ليست ضد حزب أو جماعة، لكن السلطات ضد هذا التجاوز السافر على القانون .”
غير أن توجيه تهمة لبني ارشيد بموجب قانون منع الإرهاب الأردني النافذ منذ يونيو/ حزيران الماضي، تنص على “محاولة تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة”، يضعه في خانة جملة الاعتقالات التي طالت أيضاً مؤخراً “أعضاء التيار السلفي الجهادي”، الذي يحاكم أكثر من 300 منهم على خلفية قضايا متعلقة بالالتحاق بجماعات مسلحة، والترويج لتنظيمات إرهابية.
وتصل عقوبة التهمة التي أوقف بني ارشيد على ذمة التحقيق بها لمدة 15 يوماً، إلى السجن 15 عاماً.
وفي هذا السياق، قال بسام حدادين، عضو مجلس الأعيان الأردني، وهو الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة، إن قضية الاعتقال ليست تصعيداً، بل حالة لوضع التنظيم على “سكة القانون”، مضيفاً أن محطات عديدة سجلت للإخوان دفعت بتغيير سياسة الدولة تجاه الجماعة.
ورأى حدادين، وهو وزير سابق للشؤون السياسية، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن “خطاب الإخوان في أحداث مصر وسوريا والتحالف الدولي، حيث دافع البعض عن داعش، جعلت من الخطاب الإخواني يغرد بعيداً خارج السرب الوطني .”
وأردف قائلاً: “الدولة ضاقت ذرعاً بالإخوان، هي لا تريد أن تصل الأمور لكسر العظم في طريقة التعامل معهم، لكن هناك تضخم لديهم في المواقف، ما جعل التعامل أقرب إلى التعامل الأمني لا السياسي.”
ولم يستبعد حدادين أن تلجأ السلطات الأردنية إلى استخدام ورقة حل جماعة الإخوان المرخصة كجمعية بموجب قانون الجمعيات، للضغط على الجماعة، وقال في هذا الصدد: “ستبقى هذه الورقة هي الورقة الأخيرة، الإخوان باتوا يمارسون جزءاً من تحالف آخر، منذ مناداتهم بسحب صلاحيات الملك، مع ثورات الربيع العربي.”