تباينت ردود الافعال على تصرف وزيرة الصحة العراقية الدكتورة عديلة محمود التي ذهبت إلى أحد مستشفيات بغداد وعرضت الرشوة على موظف رفض إدخالها فقبلها قبل ان تكشف عن شخصيتها.
وذكر مقربون من الوزيرة انها تنكرت بهيئة منقبة وذهبتْ لوحدها إلى إحدى المستشفيات الحكومية وعند وصولها إلى مكتب الاستعلامات رفض الموظف السماح لها بالدخول ثم عرضت عليه مبلغا من المال لغرض إدخالها وفعلا سمح لها بالدخول بعد استلامه للمبلغ، واتجهت الوزيرة مباشرة إلى مدير المستشفى وكشفت عن شخصيتها وأماطت النقاب عن وجهها، ثم وجهت عقوبة إلى إدارة المستشفى ومديرها وإحالة المرتشين إلى التحقيق .
بالمقابل، أوضح مدير إعلام وزارة الصحة العراقية الدكتور أحمد الرديني أن هذا الإجراء الذي قامت بهِ الوزيرة يمثل أمرا طبيعيا كحق لها لمتابعة قضايا الفساد في المؤسسات الصحية بصورة شخصية ومباشرة والتي قد لا تصل لها بصورة رسمية .
ليست مشكلة !!
واعرب موظف في مستشفى اليرموك رفض ذكر اسمه عن اسفه لتصرف الوزيرة ، وقال : الرشوة ليست جديدة ويمارسها اغلب موظفي الاستعلامات ولكنها ليست الكارثة بقدر ما ان الكارثة تكمن في داخل المستشفيات مثل التعامل السئ مع المرضى وعدم الاعتناء بهم ورعايتهم لاسيما في الليل واعتقد ان السيدة الوزيرة ليست لديها علم بهذا حتى ان المستشفى اصبح يسمى بمستشفى الموت”.
واضاف: اعتقد ان المشكلة ليست في موظف الاستعلامات وكان عليها ان تدخل الى العمق لترى ما سيذهلها حيث ان ابسط خدمة لا تقدم للمريض دون رشوة ويظل اهل المريض يبحثون عن علاج او ممرضة تقوم بإعطاء ابرة للمريض .
مشاكل اعظم
اما الطبيب ابو زيد ، فقد اشار الى ان الامر مجرد نزوة عابرة ، وقال : ليس هكذا تساس الامور ، علينا ان ننظر اولا الى المشاكل العظيمة التي يعاني منها الطب في العراق وقلة المستشفيات وما يتعرض له الاطباء من مشاكل حتى اصبح الطبيب يخاف من محاسبته ومقاضاته عشائريا اذا ما اخطأ ، وهذا لوحده يدعو الى ان تكون هنالك اجراءات حازمة من قبل الدولة فضلا عن تعرض الاطباء الى التهديدات المستمرة .
واضاف: اجراء الوزيرة فيه جانب من الصحة لردع الفاسدين والمرتشين ولكنني لا اعتقد ان ذلك سيكون له تأثير لان الامر اكبر واخطر من ذلك فضلا عن ان هناك اهم منه فالطب في العراق يعاني من الكثير من الاشكالات الكبيرة .
اجراء جيد
من جانبها اكدت احلام عبد الرحيم على اعجابها بما قامت به الوزيرة ، وقالت: انا مع المسؤول الذي يتابع اعمال وزارته او مديريته حتى وان لبس ملابس تنكرية وسبق لي ان اخبرت احد اعضاء حزب الدعوة ان يقوم رئيس الوزراء السابق المالكي بالتنكر والتجول في شوارع بغداد ليتعرف على حجم الخراب ولكن تحجج بعدم امكانية قول ذلك للمالكي .
واضافت : شيء جيد ان تقوم الوزيرة بذلك ولكنني اتمنى عليها ان تتواصل ليلا ونهارا او تبعث اخرين ممن تثق بهم سرا لمعرفة ما يجري في المستشفيات من معاناة للمرضى او معاناة للاطباء و الممرضات والممرضين ويشاهدون واقع النظافة الذي اصبح مزريا .
سيف من خشب
الى ذلك اعربت الكاتبة سلوى زكو عن استغرابها ، وقالت: في اول نشاط متميز لها لمكافحة الفساد قامت السيدة وزيرة الصحة بارتداء النقاب لتضبط بالجرم المشهود موظف الاستعلامات في مستشفى اليرموك وهو يتقاضى رشوة من المراجعين ولم يفتها اصطحاب مصور لتوثيق الحدث كي يكون ذاك الفاسد عبرة لمن اعتبر.
واضافت : كانت هذه هي المرة الاولى التي يفعلها وزير عراقي منذ تأسيس دولة العراق الحديثة حتى اليوم.
وتابعت : اخشى ما اخشاه ان يقتدي بهذا الفتح المبين بقية الوزراء والمسؤولين لنرى مثلا: رئيس الوزراء مرتديا الغترة والعقال وهو يطلب مقابلة احد وزرائه كي يكتشف كيف يتعامل موظفو الاستعلامات مع المراجعين، وزير النفط وهو يضبط فتى على قارعة الطريق يبيع النفط بأعلى من التسعيرة، وزير التربية وهو يضبط عاملة خدمة في احدى المدارس تبيع للتلاميذ لفات البيض، وزير التجارة وهو يضبط وكيلا للبطاقة التموينية يغش في الميزان، وزير التعليم العالي يجلس في احد الصفوف ليختبر كفاءة الاستاذ المحاضر ، رئيس مجلس النواب يتنكر بزي عامل في كافيتيريا المجلس ليضبط النواب المتهربين من حضور الجلسة، ورئيس الجمهورية يطوف أحياء بغداد الفقيرة متنكرا كي يتفقد احوال الرعية.
وختمت بالقول : ما يحيرني فعلا هو من اين تأتي هذه الافكار لمحاربة الفساد بسيف من خشب.
إذا أردت أن تتنكر لتضبط الرشوة في كل القطاعات بعالمنا الثالث معناتها ستعيش طول عمرك متنكر ! لانه لا يخلو أي قطاع من تعاطي الرشوة.. الحل ليس هكذا فلا يمكن أن تخرج كل يوم بنقاب لتضبط المرتشين! الحل بقوانين رادعة صارمة زجرية تطبق على كل راشي و مرتشي و الرائش الذي يتوسط بينهما.. و مهما كان الشخص الذي قدمها أو تسلمها..لا أحد يعفى من العقوبة أيا يكن!
ست بمليووون رجل… وفعلاً مايجيبها إلا ستاتها.