يهيمن متنزه أولمبيا الوطني في الولايات المتحدة على منطقة جغرافية متميزة من ولاية واشنطن منذ عام 1938. وقد اعتبرته منظمة اليونسكو ضمن “برنامج الإنسان والمحيط الحيوي” ومن “مواقع التراث العالمي”.
والمتنزه تحميه مناطق شاسعة من الغابات المطيرة المعتدلة، وهي غابات بكر تعد الأفضل والأوسع في نصف الشمالي من الكرة الأرضية.
كانت السماء الصافية فوق غابات “هوه” المطيرة تشع نورا بجمالها الباهر. وكانت ظلال أشجار “دوغلاس التنوب” بارتفاعها الذي يصل إلى 76 متراً تملأ المكان. ومع ذلك، أغلقت عينيّ. فقد جئت في هذه الرحلة لكي أستمع، لا لكي أنظر.
تزدهر النباتات السرخسية والفطريات في كل مكان، وتنمو الطحالب على طول الأوراق الكبيرة لأغصان أشجار القيقب التي يزيد قطرها عن جذوع بقية الأشجار الأخرى.
لكن ما أدهشني أكثر هو صوت الأنغام المنتشرة، إذ تتدفق الأصوات الطبيعية دون أن تعيقها أصوات البشر لما يقرب من ربع ساعة متواصلة هنا. في الحقيقة، يأتي ترتيب المتنزه باعتباره الأول من بين آخر عشرة أماكن مشابهة بطول الولايات المتحدة الأمريكية وعرضها.
لا تجد مكاناً في أوروبا يسود فيه الهدوء بهذا الشكل – النبض غير المتقطع لقلب الأرض وما عليه من حيوانات. يعمل النشطاء الآن باتجاه جعل منطقة “هوه” أول منطقة هادئة على وجه الأرض، أي النظير الصوتي لما يُعرف بـ “محميات السماء السوداء”. ويؤمل إنجاز هذا في الذكرى المئوية للمتنزه، في عام 2016.
سبق وأن حصل أولئك النشطاء على موقع صغير، بشكل غير رسمي، ليبدأوا منه. وقبل قرابة عشر سنوات، أنشأ غوردن هيمبتن، العالم في أصوات البيئة، والحائز على جائزة إيمي، مشروعا يعرف باسم “بوصة مربعة من الصمت” – في إشارة إلى متنزه أولمبيا الوطني- بهدف المحافظة على هذه الثروة البيئية.