لا يوجد ما يدفع أي وسيلة إعلامية لأن تشرح عن سبب تقديمها لموضوع معين، فقراءة الأمر وما وراءه متروك للقارئ طبقا لخلفياته وطريقة تناوله للمادة المقدمة، إلا أننا آثرنا في هذا الحوار تحديدا الذي نقدمه مع قتلة كلب شارع الهرم أن نتجاوز في أسئلتنا عن البحث عن الواقعة وحدوثها إلى فهم ذلك التفكير الجمعي والذي يمثل ظاهرة.. تتجاوز المساحة التي يحاول الجاني دائما استغلالها بتبرئة نفسه إلى رصد أزمة أخلاقية ودينية ونفسية في المجتمع.
في شارع الأهرام، المتفرع من شارع 25 بعزبة عثمان بحي شبرا الخيمة، وقعت حادثة ذبح الكلب “ماكس”، الشهير على صفحات الانترنت بـ”كلب شارع الهرم”.
بمجرد طرح الفيديو على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، انتشر بشكل سريع بين صفحات دعم حقوق الحيوانات في مصر، الذين أعلنوا تضامنهم مع الكلب ضد من قاموا بهذه الجريمة وضد صاحبه الذي تخلى عنه.
تم تداول العديد من الروايات حول خلفيات الواقعة التي انتهت بذبح الكلب، وقرر العشرات من متابعي القضية على فيس بوك تحرير محاضر ضد مرتكبي الواقعة، ولكن هؤلاء “الجناة”، من وجهة نظر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكدون أنهم مجني عليهم.
بدأت المشكلة بين شخص يدعى نادر، صاحب الكلب ماكس، وبين أحمد عزت، صاحب محل منتجات ورقية بشارع الأهرام، حيث طلب عزت من نادر أن يذهب بالكلب بعيدا عن الشارع لأنه يثير الذعر في الناس، رفض نادر، ووقعت مشاداه كلامية بينه وبين عزت.
يقول عزت “نادر أطلق كلبه بالشارع فأصاب رجل عجوز وطفل وعدد من رجال المنطقة”.
اختفى نادر بعد ذلك، وقام المتضررون بتحرير محضر بالواقعة، الذي يحمل رقم 24122 جنح لسنة 2014، وقدموا بإعداد تقرير طبى من مستشفى ناصر العام بحالة المتضررين من هجوم الكلب، وتم تسليم التقرير للنيابة العامة، بحسب رواية أحمد عزت.
مازالت النيابة تباشر التحقيقات في القضية، ولم يصدر ضد نادر أي أحكام حتى الآن كما تداول البعض على موقع فيس بوك.
“عقدت جلسة عرفية بين عواقل المنطقة والمتضررين من نادر وكلبه، وتم الاتفاق فيها على التخلص من الكلب بقتله”، يحكي عزت ذلك مؤكدا أن نادر حضر يوم الأحد الماضي ومعه الكلب لتنفيذ قرار كبار المنطقة، “وقمت بوضع السكين على رقبة الكلب ثم رميته وقلت “يا بخت من قدر وعفى”.
رحل نادر برفقة كلبه، ولكن لم تمر سوى ساعة ونصف حتى تعالت الأصوات في الشارع لاعتراض أحد المتضررين على قرار عزت، فأرسلوا لطلب حضور نادر وكلبه لقتله.
“أرسل نادر الكلب مع أحد أقاربه وهو يعلم أنه سيتم ذبحه”، وبالفعل في مساء ذلك اليوم نفذنا قرار الجلسة العرفية، وذبحنا الكلب.
“حمادة بسة”، الاسم الذي ظهر في مقطع الفيديو، ونسبت له صفحة شخصية على فيس بوك باسم “حمادة الجزار”، يحكي القصة كاملة، التي وقعت أحداثها قبل ثلاثة أشهر.
يقول حمادة، شاب في العقد الثالث من عمره ويعمل بائعا في أحد المحلات التجارية الكبيرة بعد أن ترك مهنة الجزارة، لـ”بوابة الشروق”، إنهم اتصلوا بدار الإفتاء المصرية ورووا القصة كاملة وسألوا في جواز قتل الكلب، “وفعلا أفتت لنا الدار بجواز ذلك، لكنها لم تحدد طريقة قتله”.
يضيف بسة، نحن لم نلجأ لاستخدام طريقة “إطلاق النار” حتى لا نتعرض للمساءلة القانونية عن ترخيص السلاح ومن أين أتينا به.
أكد حمادة، الذي انتشرت صوره بشكل كبير على الفيس بوك وهو يحمل سكين ويقف في محل الجزارة الذي كان يعمل به سابقا، أنه لا يوجد خلاف مسبق مع نادر، ولكن “حط نفسك مكانى الكلب عضك فى مكان حساس قبل فرحك بكام يوم ولقيتة قدامك تعمل ايه ؟!».
من جانبه، قال محمد راضى، أحد السكان، إن شباب المنطقة لم يسعوا للتمثيل بجثة الكلب لكنهم كانوا فى قمة الغضب لما لحق بهم من أضرار وإصابات كادت تودي بحياة بعضهم.
في ذلك الوقت، تذحل رجل ملتحي في أواخر العقد الرابع من عمره، قائلا “بعد كل ما حدث وما رأيته منذ بداية الأزمة، أن من كان يجب أن يقتل هو صاحب الكلب، لأن كلبه دافع عنه وهاجم من تشاجر معهم، وهو ضحى به من أجل التنازل عن القضية”.