كتبت سارة مطر في صحيفة “الحياة”:
في الأزمات كما في الحروب، لا يمكن للجميع أن يتفقوا على مدى ضرورة الحرب أو فاعليتها، لا بد من أن تظهر أمامك بعض الوجوه التي تحاول المعارضة؛ لأجل المعارضة فقط، كما أن هناك دولاً تجد أن لا مصالح لديها لكي تتفق مع ضرورة الحرب، لذا، فهي تعارض لأنها لن تجني أي أرباح اقتصادية أو مجتمعية، ولكن لفت انتباهي وجود مثل هذا الاختلاف في الاعتقاد والمبادئ، ما بين جمهوريتي لبنان وباكستان، ومازلت أتساءل عن وقع هذا الاختلاف الذي يبدو واضحاً وبشدة للعيان: لماذا يعتقد بعض المثقفين اللبنانيين بأن عاصفة الحزم ما هي إلا حرب لهدم دولة، وبأن السعودية تشن حرباً ما بين دولة غنية على دولة «معترَّة» أي فقيرة كما تنطق باللهجة اللبنانية، وقبل أيام وأنا أتصفح أحد المواقع الصحافية اللبنانية، ذكر أحد الصحافيين في مقالة نُشرت له في صحيفة السفير، بأن «المملكة أثبتت عبر حملة إحراق اليمن، وتدمير بنيانها الذي لما يكتمل، أنها دولة عظمى: تشن الحرب على مَن يعصي أمرها بلا استئذان وبغير التفات إلى الأكلاف، سياسية بالأساس ومن ثم مادية».
ويضيف الصحافي: «هكذا، بكل بساطة، وبلا أسباب أو تبريرات مقنعة، وبلا رحمة أو إشفاق على جارها الشقيق الفقير حتى الجوع، والذي أسهم أبناؤه في إعمارها، أطلقت طيرانها الحربي في موجات متتالية على امتداد ثلاثة أسابيع، حتى الآن، تقصف مدنه قيد البناء وقراه الفقيرة التي تتسلق الجبال والتلال الجرداء، وقد تخطئ الصواريخ والقذائف المدمرة أهدافها (الحربية)، إن وُجدت، فتصيب مستوصفات أو أسواقاً شعبية أو مدارس فضلاً عن البيوت التي ارتقى بها أصحابها المرتفعات حيطة وتحسباً».
تاريخ المملكة يشهد لهُ الجميع، وقد نسي الصحافي أننا لم نتوقف يوماً عن مد يد العون للبنان، وكنا نمطر خزانته بالبلايين، لكي نعيد إعمار لبنان من جديد، وليتذكر ماذا فعلت السعودية، حينما قام الطيران الحربي الإسرائيلي في عام 2006 بقصف شبكات الكهرباء، وكيف عملت المملكة بكل جهدها من أجل إعادة الكهرباء، لكي ينعم اللبنانيون بالراحة في عز صيف أغسطس، كما أننا لا نريد أن نفتح نضالنا الداخلي، ونقر بأن المملكة أرضها وسماءها ومدنها وقراها وضواحيها مشرعة لمختلف الجنسيات الدولية، ويمكن للصحافي عبر زيارة قصيرة لمحرك البحث «غوغل»، ليعرف الأعداد الكبيرة من اليمنيين الذين يعملون في مختلف الوظائف والمهن في المملكة ومنذ أعوام بعيدة، وأنهم يدينون بالمحبة والولاء الكبير، لهذا الوطن الذي لم يبخل يوماً على أشقائه بتوفير فرص مختلفة من الأعمال والمهن لهم.
ولكن، لماذا باكستان تختلف بشكل لافت، في توجهها ونظرتها عن وجهة نظر الكثيرين من الساسة والمثقفين اللبنانيين؟ وهذا ما يجب علينا أن نتوقف أمامه، فباكستان أثبتت مدى دعمها لعاصفة الحزم، ودعمها لقرار الملك سلمان، وهو يدعم عاصفة الحزم حكومة وشعباً؛ لأنه يرى أنه من باب الشريعة الإسلامية التي تحتم عليه، أن يقوم بصد أي عدوان خارجي يمكنه أن يمس الحرمين الشريفين بأي سوء، ولكن يبدو أن المثقفين اللبنانيين لا تهمهم مثل هذه الإشكالات العقائدية بالشكل المطلق. وهذا ما يجعلني في حيرة كبيرة أمام شعبين مختلفين في الثقافة والعادات والتقاليد سحقت لبنان بمواقفها الكبيرة أمام الشعب السعودي.
بالنسبة إلي، عاصفة الحزم أعادت لي النظر من جديد، للتفكير بموقف شعب باكستان العريق وحكومتها، وجعلتني أقدر هذا الشعب العظيم والقوي، والذي أجد أنه جل ما يفكر به هو شعوره الكبير بمسؤوليته عن حماية الحرمين الشريفين أولاً وأخيراً، إذ قام خطباء وأئمة نحو 75 ألف مسجد وجامع، بالقسم مع المصليين والمجتمعين في المدارس والمواقع الاجتماعية، للدفاع عن سلامة ووحدة الأراضي السعودية والحرمين الشريفين، فشكراً لباكستان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وسعيدة جداً بخبر إجبار علي عبدالله صالح على إعمار اليمن من أرصدته المجمدة، هذه هي الحرب والحزم وإلا فلا.