يشعر ليث أحمد بالقلق كلما نظر في المرآة مع اقتراب تطبيق قرار تنظيم داعش إطلاق “دوريات اللحى” لمعاقبة من يحلق ذقنه في الموصل، ما قد يؤدي إلى سجن هذا الشاب الأمرد.
ووزع داعش منشورات في مدينة الموصل التي تعتبر أهم معاقلهم في العراق خلال الأسابيع الأخيرة، معلنة أن إطالة اللحى أصبح أمرا إلزاميا منذ الأول من يونيو.
وسيطر التنظيم في العاشر من يونيو العام الماضي، عبر هجوم شرس على الموصل (350 كلم شمال بغداد).
ويقول هذا الشاب البالغ من العمر 18 عاما ولم يفصح عن اسمه الحقيقي خوفا من العقوبة، إن “شعر وجهي بطيء في النمو، خصوصا في سني”.
ويضيف لفرانس برس من الموصل التي أعلن الجهاديون تأسيس “دولة الخلافة” منها “أنا خائف كثيرا، لأن تعاملهم قاس جدا مع أي شخص يعارض أو يتجاهل تعليماتهم”.
وتابع “أعمل في فرن للخبز، وهذا يعني أنه يتوجب علي مغادرة المنزل والاحتكاك مباشرة مع مسلحي داعش يوميا”.
والموصل ثاني أكبر مدينة بلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة قبل أن يجتاحها تنظيم الدولة الإسلامية.
وخلافا لبعض المدن، لاتزال الموصل تضم عددا كبير من المدنيين، ما يجعل الحملة العسكرية الجوية صعبة.
وتشكل الموصل مختبرا لتأسيس دولة “الخلافة”، ليس عسكريا فحسب، إنما لتنظيم كل الأمور ابتداء من التعليم إلى أوقات فتح المحلات التجارية.
وبحسب الكتيب الذي وزعه التنظيم في المدينة فإن “حلق اللحية ليس معصية فحسب، إنما مجاهرة بالمعصية”، معززا كلامه بأحاديث منقولة عن النبي محمد الذي حرم حلقها.
ويقول المنشور “جزى الله الإخوة في ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية على إصدارهم أمرا بمنع الحلاقين من حلق اللحى ومحاسبة المقصرين”.
بدوره، يقول علي ناظم (30 عاما) وهو سائق تكسي من أهالي الجانب الشرقي للمدينة، إنه لم يكن قادرا على إطالة لحيته أو حتى شاربه بسبب مرض “الطفح الجلدي” الذي يعاني منه.
وقال إنه قدم تقارير طبية إلى ديوان الحسبة (الشرطة الإسلامية) “لكنهم لم يأبهوا. وقال أحدهم لي من الأفضل لك البقاء في البيت إذا قمت بحلاقة ذقنك”.
والموصليون أساسا عالقون داخل مدينتهم، ومن يرغب بمغادرة المدينة عليه الحصول على موافقة من قبل التنظيم، وتقدم سند ملكية عقار أو سيارة قد تصادر في حال عدم عودة الشخص خلال مدة محددة.
ويقول علي “يجب الاختيار بين الإصابة بالمرض أو المخاطرة بالتعرض للجلد أو السجن من أجل تأمين معيشة عائلتي”.
وكان عناصر طالبان أفغانستان ينشرون ما يطلق عليه دوريات اللحى التي قد ترسل الرجال إلى السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أيام وأسبوع في حال حلقوا لحيتهم.
لكن سكان الموصل يقولون إن عناصر الدولة الإسلامية وضعوا سياسة أكثر تشددا على حلاقة اللحى، من خلال فرض قوانين خاصة.
وتقول أم محمد وهي مدرسة “كلنا نعرف أن داعش يحاول أن يفرض هذه القوانين غير المقبولة على النساء بارتداء الخمار وفرض إطالة اللحى للرجال”.
وتضيف “يريدون جعلنا دروعا بشرية خلال العمليات العسكرية لتحرير الموصل التي تلوح بالأفق، وهم يريدون للموصل أن تكون مكتظة بالسكان”.
وتقصف الطائرات العراقية ودول التحالف بقيادة الولايات المتحدة مواقع ومخابئ لعناصر التنظيم في الموصل، منذ أغسطس، 2014، لكن أي جهد لاستعادة المدينة لم يبدأ بعد.
ويقول أحد عناصر الأجهزة الأمنية الذي لايزال يسكن في الموصل إن عناصر التنظيم تستخدم مركبات أقل ظهورا في الأشهر الماضية.
وأوضح “على سبيل المثال، يقوم حاليا عناصر داعش باستخدام سيارات مدنية لا تحمل علامات وتركوا استخدام أعلام التنظيم والسيارات العسكرية التي استولوا عليها في الموصل”.
وأضاف أن “قرار إطالة اللحية الجديد يحمل نفس الغاية، إنهم يريدون الاختفاء وراء صفوف المدنيين من خلال جعل الكل ملتحياً”.