أمر الله تعالى، كلا من آدم وحواء بالنزول إلى الأرض، لكن القرآن لم يذكر مكان النزول، وهنا نشأ الجدال بين العلماء عن مكان هبوط آدم وحواء للأرض.
الشيخ محمد صالح المنجد، الداعية السعودي، قال إن الثابت المقطوع به في القرآن الكريم هو أن آدم وحواء عليهما السلام أهبطا من الجنة إلى الأرض بعد أن أكلا من الشجرة، وذلك في رده على سؤال حول مكان هبوط آدم وحواء في الأرض، قال تعالى: “فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ”البقرة “36”.
أحاديث ضعيفة
أما عن المكان الذي أهبطا إليه من الأرض فيؤكد المنجد أن القرآن الكريم لم يذكر عنه شيئًا، كما لم يرد في السنة النبوية المرفوعة من الأحاديث الصحيحة ما يوضح ذلك، وإن كانت قد رويت بعض الأحاديث الضعيفة، كحديث “نزل آدم الهند واستوحش..”، رواه ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (7437)، وضعفه الألباني في “السلسلة الضعيفة” (رقم403)، كما رويت أحاديث أخرى في هذا الباب ولكن أسانيدها ضعيفة جدا.
وأشار المنجد إلى أن ما صح في هذا الشأن هي أقوال لبعض السلف، الغالب أنهم أخذوها من علوم أهل الكتاب المنقولة في زمانهم، قائلًا “إن مثل هذه الأخبار لا يعتمد عليها ولا يوثق بها، ولا يجوز الإيمان بما جاء فيها مما سكتت عنه شريعتنا، وإنما تروى وتحكى للاستئناس فقط”.
اختلاف الأقوال
واختلفت الأقوال الواردة حول هبوط “آدم وحواء” للأرض، فمنهم من قال: “أهبط آدم إلى الهند، وأهبطت حواء بجدة، ومنهم من قال: “أهبطا جميعا بالهند”، ومنهم من قال: “أهبط آدم بأرض بين مكة والطائف اسمها “دحنا”، ومنهم من قال: “أهبط آدم بالصفا، وأهبطت حواء بالمروة”.
ويقول الحافظ ابن كثير “وقال السدي: قال الله تعالى: “اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا” فهبطوا، فنزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضة من ورق الجنة، فبثه بالهند، فنبتت شجرة الطيب، فإنما أصل ما يجاء به من الهند من الطيب من قبضة الورق التي هبط بها آدم، وإنما قبضها آدم أسفًا على الجنة حين أخرج منها”.
وقال عمران بن عيينة، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: “أهبط آدم من الجنة بِدَحْنا، أرض الهند”، وقال ابن أبي حاتم: “حدثنا أبو زُرْعَة حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس قال: “أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها: دَحْنا، بين مكة والطائف”.
وعن الحسن البصري قال: “أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس “بدَسْتُمِيسان” من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان، رواه ابن أبي حاتم.
سرنديب والمزدلفة
وقال ابن أبي حاتم: “أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة”، ويُروى أن آدم عليه السلام نزل في أرض الهند في مكان يسمى “سرنديب” على أشهر الأقوال، ونزلت حواء عليها السلام في أرض أخرى قيل أنها جُدة، فجاء سيدنا آدم في طلبها حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة وهي بين مكة وعرفة، وقيل إنهما تعارفا في عرفات لذلك سميت عرفات، وأما “إبليس” فقيل أنه نزل بالأبُلة أرض في العراق.
وقيل إن أطيب بقعة في الأرض ريحًا الأرض التي أهبط بها آدم فعلق بشجرها من ريح الجنة، قيل إن تلك الأرض التي نزل بها آدم من أصح بلاد الأرض فناسبت أن تكون موطنه لكونه قريب عهد بالجنة.