على الرغم من أن النظام السوري “يطبّل ويزمّر” لما جرى في مدينة عدرا، تلك الضاحية على أطراف دمشق العاصمة، وينسج القصص تلو القصص عن حالها ومآسيها، حتى إن رئيس النظام زراها في وقت سابق من عام 2014، إلا أن الحقيقة التي تكشفت، أخيراً، في مركز إيواء “عدرا” تكشف زيف الإعلام “الرسمي” الذي يحجب حقيقة الفاجعة التي حلّت وتحل بالنازحين الذين هجّرتهم حرب الأسد، ثم طالتهم يد الإهانة والاعتداء والتحرش، من موظفين أمنيّين يتبعون للنظام ذاته.
فلم يقتصر الأمر على “سرقة” المعونات والمساعدات التي تأتي لمركز الإيواء، من جهات شتى، فقد وصل الأمر الى التحرّش بالفتيات المقيمات في ذلك المكان، الذي يفترض أنه محميّ ويضم الأسر التي غالبيتها من النسوة أو الفتيات لأن أغلب رجالهن إما قتيل أو مصاب أو مهجّر أو مفقود.
فقد نشرت تقارير، في الساعات الأخيرة، تتحدث عن “انعدام الحماية” التي تعاني منها “الفتيات والمتطوعات” في ظل غياب الأب أو الزوج. وأن غياب هذه الحماية جعل حتى “عناصر الأمن المسؤولين عن حماية المركز” يقومون بالتحرش بالفتيات المحرومات من الحماية.
ويضيف التقرير الذي نشرته صحيفة يسارية سورية، أن التحرش وصل حد “الاعتداء” على بعض الفتيات، في حالات معينة.
ولم يقف الأمر عند حد استغلال غياب الحماية بالنسبة للفتيات اللواتي يفتقدن الأب أو الزوج أو الأخ، في مركز الإيواء، بل وصل الأمر، بأن يقوم عناصر الأمن المسؤولون عن تقديم الحماية للمقيمين في مركز الإيواء، بالتحرش “بالمتطوعات” مما اضطرهن الى ترك المركز وإيقاف الأنشطة التي كانت تتم برعايتهن وجهدهن التطوعي.
ولم يشر التقرير الى الإجراءات التي اتبعتها الفتيات اللواتي تعرضن “للاعتداء” أو التحرش. إلا أنه اكتفى بنقل ذلك الواقع المرير وتحت “عين” الجهات الرسمية في الدولة، والتي لم يصدر منها أي تعليق أو أي إجراء للنظر في تلك المأساة.
أمّا الجانب الآخر من مأساة المقيمين في مركز الإيواء السالف، فهو حرمان النازحين من أبسط حقوقهم بالمساعدات والمعونات التي ترسل إليهم من جهات متعددة. فقد ورد في التقرير السابق بأنه حتى “الخبز” يباع لهؤلاء، وبالرغم من أنه يباع “فهو يابس وغير طازج”!.
علاوة على ذلك، فإن القائمين على ذلك المركز الإيوائي، يمنعون التدفئة عن القاطنين، بحجة التقنين، ويتركون الأطفال وصغار السن عرضة لأقسى ظرف قد يودي بحياتهم في مثل تلك معاملة.
“فضيحة” مركز الإيواء، على الرغم من أنها نشرت من داخل سوريا، ومن جهات لا يمكن للنظام أن يتهمها بـ”بحرب إعلامية” ضده، هذه الفضيحة لم تدفع وسائل إعلامه حتى للتعليق على ماورد فيه، ولم يقم فيه أي جهاز حكومي تابع للنظام، بالتحقيق في ما ورد في مضمونه، خصوصا أن ذات الجهة التي أصدرت التقرير، كانت قد أشارت الى ممارسات مهينة بحق أطفال ذلك المركز، من خلال ضرب الأطفال بالعصي وخراطيم المياه، وتوجيه السباب والشتائم لهم أمام أعين أمهاتهم.
وألمح التقرير الى “شكوى واحدة من إحدى قاطنات المركز” لم تجرؤ على ذكر اسمها، مخافة أن يتم طردها منه، إذ لا مكان لها غير مركز الإيواء هذا.
يشار إلى أن تقارير كثيرة كانت صدرت وتتحدث عن ممارسات تصل حد التحرش والاعتداء في مراكز إيواء تخضع لسلطة نظام الأسد. إلا أن النظام كان دائما ما يردد أن تلك التقارير “حرب إعلامية” ضده.
إلا أن التقرير الأخير، صدر من داخل عاصمته، ومن جهة أصلا كانت محسوبة عليه، ولازالت، بمستوى ما. أي انه شاهدٌ “من أهله” على مآس وجرائم تضاف الى سجلّه الحافل بمثلها وأشد منها، وما على التاريخ سوى أن يسجِّل