يوم تعرضت مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة لهجوم إرهابي في 7 يناير 2015، تضامن العالم معها ومن ضمنهم العديد في البلدان العربية، كاتبين بما معناه “كلنا شارلي”. يومها لم يشر أحد من المتضامنين إلى ما يعتبر “إساءات” ترتكبها المجلة بسخريتها من كل شيء.. من الدين إلى المهاجرين إلى غيرها من الأمور التي قد تعتبر لدى البعض “مقدسات”، لأن كافة المعايير تتطلب الوقوف إلى جانب “االضحية” وفي صف الحريات الإعلامية.
لكن أن تلمّح وإن بطريقة غير مباشرة إلى أن موت طفل وبطريقة “مأساوية” قد يكون أفضل من أن يعيش ويكبر لأنه قد يتحول إلى متحرش، يتخطى حس الفكاهة بكثير، بل يتخطى العنصرية تجاه المهاجرين ليتحول إلى “فاشية”.
في الحرب اللبنانية لعب “البعض” تلك الورقة “القذرة” بالدعوة إلى قتل كل الفلسطينيين كباراً وأطفالاً، لأن هؤلاء سيتحولون بدورهم إلى مقاتلين!
هذا ما فعلته الصحيفة برسمها هذا، في موضوع لا يحتمل المزاح، إنه كدعوات القتل هذه.
وفي التفاصيل أن المجلة الساخرة، نشرت في عدد الأربعاء على إحدى صفحاتها الداخلية، صورة جانبية في الأعلى للطفل السوري “إيلان” كردي الذي تحول إلى ما يشبه “الصورة الأيقونة” لرحلات الموت اليومي عبر المتوسط هرباً من النار والقتل إلى الضفة الأخرى، إلى أوروبا بلد “الحريات وحقوق الإنسان”، وفي الوسط رسمت شباباً “مهاجرين” يلاحقون صبية، وذلك على خلفية التحرشات التي وقعت في كولونيا بألمانيا ليلة رأس، وقيل إن مهاجرين ولاجئين تورطوا بها، إلا أن الشرطة الألمانية أكدت بعد تحقيقات أجرتها أنها كانت مفتعلة وقد خطط لها عبر مواقع التواصل الاجتماعية.
وحمل الرسم عبارة “لو كبر إيلان، ماذا كان سيصبح ؟
إذن باختصار تقول لنا الصحيفة إن موت إيلان خير من حياته!
المأساة لا تحتمل سخرية
من جهته، قال الرسام الذي رسم الكاريكاتير، لوران سوريسو، في تصريحات صحافية، إنه رسم الكاريكاتير للتعبير “عما لا يجرؤ الآخرون على قوله”، مضيفا “أردت تناول الموضوع بشكل أكثر وضوحا، ودفع الناس للتفكير، وإلا سيظلون دائما في إطار تفكير واحد”، وفق تعبيره.
الرسم أثار “جدلاً واسعاً في الأوساط الفرنسية والأوروبية والعالمية، وخلق موجة من التساؤلات بين الحد الفاصل المقبول أخلاقياً والحرية بشكل عام. أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فعلت النبرة لتصل إلى شتى الاتهامات والصفات التي طالت الصحيفة، من عنصرية إلى فاشية إلى سفالة… وغيرها من التوصيفات والألفاظ. وقد ندر إن لم نقل غاب أي موقف مدافع عن الرسم.
إيلان الذي لفظه البحر جثة هامدة على ضفاف أحد الشواطئ التركية، كما لفظ العديد قبله وبعده من الأطفال واللاجئين، هذا الطفل بقميصه الأحمر ووجهه الصغير لا يحتمل “تحريضاً” أو بأقل تقدير “سخرية”. نعم المأساة لا تحتمل “ضحكاً” أو عنصرية أو تحريضاً، هذا على الأقل ما أثبته ردات الفعل “الشاجبة” على مواقع التواصل الاجتماعية وفي الاعلام الغربي.
من أراد أن ييعرف خبث و قذارة و نفاق الفرنسيين فليسألنا نحن أدرى بهم لقد أرونا القمر و النجوم و الزحل في عز الظهر أخبث جنس بعد اليهود
فعلا كلامك صحيح ناس لا ذمة ولاضمير