الصومالي الذي “شفطه” انهيار الضغط واقتلعه من مقعده في طائرة كان مع 73 آخرين على متنها، وقذفه في الجو خارجها من فتحة أحدثها بهيكلها انفجار طارئ داخلها، كان انتحارياً بنيته تفجير طائرة ركاب تركية تم إلغاء رحلتها من الصومال إلى جيبوتي، لتقوم بها طائرة بديلة عنها، إلا أن القدر منعه من الشر الذي كان ينويه، ووجد المصير الدموي النادر بين الركاب، فقد احترق بفعل الانفجار، ثم انطرد خارج الطائرة في الجو، قتيلاً وحده بين الركاب.
أمس الأحد أفرجت الاستخبارات الصومالية عن فيديو من كاميرات مراقبة، ظهر فيه من يشتبهون بأنه دس القنبلة التي انفجرت مع الراكب الصومالي، حين كان الثلاثاء الماضي في طائرة تابعة لشركة تملكها حكومة جيبوتي، هي Daallo التي تمكن طيارها من العودة بطائرتها والهبوط في مطار “عدى” الدولي بمقديشو، مع جميع ركابها سالمين، باستثناء اثنين أصيبا بجروح. أما الناقص منهم، فكان من قذفه انهيار الضغط عبر الفجوة إلى خارج الطائرة، وتعرفوا بعد يومين من الرحلة إلى اسمه الحقيقي، ومن يكون.
الوكالة الصومالية “للاستخبارات والأمن” ذكرت فيما بثته وكالات الأنباء، أمس الأحد، أن الرجل الذي نراه في الشريط المسجل يحمل في كتفه “لابتوب” شخصياً، هو من تم وضع القنبلة بجهازه، وتسلمها من شخصين، يرتدي أحدهما سترة واقية حمراء، ويظهران معه بالفيديو، نقلاً عن قناة في “يوتيوب” تابعة لمحطة Sntv التلفزيونية بالصومال.
كانت الطائرة ستنفجر بأسرها في الجو.. لو
وبداية الفيديو حتى الثانية 35 ليست من ضمن ما أفرجت عنه الاستخبارات، بل هو مشهد من داخل الطائرة قام بتصوير لقطاته أوال كولان، نائب سفير الصومال بالأمم المتحدة، وكان بين ركابها، وفتحة عرضها متر تقريباً ظهرت فيها بعد انفجار القنبلة، ومن خلالها انطرد الصومالي الانتحاري في الجو وهو يحترق بعد انهيار الضغط داخل الطائرة، ثم تبدأ بعد الثانية 35 ما رصدته كاميرات المراقبة بالمطار الصومالي من لقطات أفرجت عنها الاستخبارات التي ذكرت أن 15 تم توقيفهم حتى الآن.
بعض المعتقلين الخاضعين للتحقيق حالياً من فريق بجهاز مكافحة الإرهاب في الصومال، وآخر من “الأف.بي.آي” الأميركي، وصل السبت الماضي، قد يكونون على صلة بالحادث، وتولى عدد منهم التخطيط له وتنفيذه، وهم شبكة قد يكون أفرادها من “حركة الشباب المجاهدين” الصومالية، على حد ما يميل إليه محققون أميركيون، أتت على ما يميلون إليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قبل يومين، لكن الحركة صامتة للآن، ولم يرد منها أي تعليق.
وفي الفيديو نرى اثنين من العاملين بمطار مقديشو، أحدهما قام بإدخال “اللابتوب” المفخخ، وتوصيله إلى زميله الآخر، وبدوره سلمه الزميل للانتحاري البادي في الفيديو أيضاً. وبسبب خطأ ما في الإعداد أو طريقة الدس في “اللابتوب” انفجرت القنبلة حين كانت الطائرة بعد 15 دقيقة من الإقلاع على ارتفاع بين 12 و14 ألف قدم، ولو كان الانفجار وهي عند 30 أو 33 ألف قدم، لكان مصيرها الانفجار بأسرها في الجو.
وبعيداً 30 كيلومتراً عن المطار وجدوه ممزق الأشلاء
والطائرة هي من طراز Airbus 321A وتقوم شركة اسمها “هيرميس” بتشغيلها، وتم تخصيصها لتقوم بالرحلة من عاصمة الصومال مقديشو إلى نظيرتها جيبوتي المجاورة، بدلاً من طائرة تم إلغاء رحلتها الثلاثاء الماضي، وتابعة لشركة الخطوط التركية التي تقوم بثلاث رحلات أسبوعياً من الصومال إلى جيبوتي.
ولسبب غير معروف بالتحديد، ألغت التركية رحلتها ذلك اليوم، وحولت ركابها بعد تفتيشهم إلى شركة “دالو” الجيبوتية لتقوم إحدى طائراتها بالرحلة نيابة عنها، وإلى الجيبوتية صعد الراكب الصومالي عبدالهادي عبدالسلام، البالغ عمره 55 سنة، ومعه “اللابتوب” المفخخ، فانفجرت العبوة المندسة فيه، وأحدثت فجوة بجواره، وبثوانٍ امتصه انهيار الضغط داخلها، وسحبه قاذفاً به خارجها في الجو وهو مشتعل بنار الانفجار، وفي منطقة يسمونها “بلد” وبعيدة 30 كيلومتراً عن مطار مقديشو، وجدوا جثته ممزقة الأشلاء.
الطيار، وهو صربي عمره 64 واسمه فلاديمير فودوبيفك، شرح بعد الحادث بيوم لصحيفة Blic الصادرة في بلغراد، وقال عبر الهاتف مترجماً، إنه لم ير حادثاً شبيهاً طوال حياته، وعبر عن اعتقاده بأن الانفجار كان بفعلة قنبلة “فقدنا معها الضغط في قمرة القيادة أيضاً، لكني عدت ومساعدي بالطائرة والحمد لله”، وفق تعبيره للصحيفة التي انفردت بنشر صورته، فيما ذكر وزير النقل والطيران الصومالي، علي أحمد جامع، أن ما سمح له بالعودة أيضاً هو عدم تضرر نظام الملاحة بالانفجار الذي عززت السلطات التدابير الأمنية بعده في المطار، المحاط أصلاً بجدران لمنع استهدافه بسيارات مفخخة.