لم تكن المقابلة التي أجرتها محطة “إن.بي.سي” الأميركية مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، عادية في أي مقياس. فهي المقابلة التي كانت الأكثر جرأة في طرح الأسئلة على الأسد الذي تعامل معها، كما لو أنها أسئلة عن درجة الحرارة في دمشق، كما علّق إعلامي سوري بعد عرض المقابلة على “يوتيوب”.
فقد قال له الصحافي الأميركي في تلك المقابلة: “إن الانطباع الذي تعطيه، هو لرجل يشعر بأنه لا يتحمل أي مسؤولية عن الأشياء المريعة التي يتم فعلها باسمه للشعب السوري”.
وذلك في معرض تعليق الصحافي على “الاستخفاف” غير المسبوق الذي تحدث به الأسد عن مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن، في سوريا، وخاصة عندما قال: “إنها حالة حرب، وهي – كولفن – دخلت إلى سوريا بشكل غير قانوني وعملت مع الإرهابيين، فهي مسؤولة عن كل ما حدث لها”!
مما دفع بالصحافي الأميركي للرد مستغربا بقوله للأسد: “هي مسؤولة عمّا حدث لها؟” فيعاود الأسد تأكيده: “طبعاً”.
وبعد تبريرات الأسد الذي بدأ بسوقها ليشرّع قتل المدنيين السوريين بأعداد مهولة على يد جيشه وبقرارات منه، جاعلا من مقتل عشرات آلاف السوريين، قضية ناتجة من مجرد الحرب، فقال له الصحافي الأميركي: “هل تشرح الحرب على هذا النحو، مثلا، لأطفالك على طاولة الفطور؟”.
ثم ينتقل الصحافي لسؤال الأسد: “هل حدث وبكيت على ما حدث في سوريا؟” وطبعا كانت الإجابة بالنفي.
ثم يركز الصحافي على المدة التي قضاها الأسد في الحكم هو ووالده الرئيس السابق حافظ الأسد، فيسأله: “ما هي خطواتك المقبلة، هل ستستمر وتستمر؟ لقد مضى على وجودكما في السلطة أنت ووالدك 46 عاماً، هل هذا صحيح؟”.
فيرد الأسد كما لو أن والده الذي كان في السلطة شخص آخر ولا يمت إليه بصلة قربى أو كما لو أنهما لم يولدا حتى في حيّ واحد، كما سخر تعليق سوري، فيقول: “لا، هذا ليس صحيحاً. لأنه كان رئيساً وأنا رئيس آخر. هو انتُخب من قبل الشعب السوري. وأنا انتُخبت بعد وفاته. هو لم يضعني في أي منصب. أنا رئيس وهو رئيس. أنا في الحكم منذ 16 عاما وليس منذ 46 عاما”!
ويقول له الصحافي: “كيف تعتقد أن التاريخ سيذكرك؟”. فيرد الأسد بأنه لا يتنبأ، ثم يكرر إجابته بأنه يأمل أن يكون من حرر بلاده من التدخل الأجنبي وحافظ على سيادة بلاده!
ثم يتوجه إليه الصحافي متمما حملة الانتقاد المباشرة غير المسبوقة للأسد ليسمعه أكثر الأوصاف عنفا بحقه: “لأنك تعلم ما تقوله المسودة الأولى للتاريخ: أي أنت ديكتاتور قاسٍ، إنكَ رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من التي كانت على يدي والدك”!
ثم يباغته الأسد بمثال عن الطبيب الجرّاح الذي يقطع يد المصاب بالغرغرينا، ويبني عليها إجابته: فلا تقول عندها إنه طبيب قاتلٌ، بل يقوم بعمله لإنقاذ بقية الجسم”!