اعترف رئيس النظام السوري بشار الأسد بقيام بعض من عناصر جيشه أو الميليشيات المسلحة التابعة له، بسرقة ونهب بيوت السوريين دون أن يحدد المكان الذي تمت فيه واقعة السرقة تلك، والتي تنقلت من بيوت السوريين المهجّرين قسرياً من “داريا” بريف دمشق، إلى بيوت الهاربين من جحيم حربه في ريف وبلدات محافظة حلب الشمالية التي شهدت وتشهد أعنف أشكال القصف والتدمير والقتل.
وكان مراسل تلفزيوني يعمل لإحدى الفضائيات العربية الموالية لنظام الأسد، قد خرج على وسائل الإعلام ليسمّي الأشخاص الذين يقومون بسرقة ونهب بيوت أهل حلب، بعد طرد أهلها منها، وحدّد ما يُعرف بميليشيات صقور الصحراء التي يتزعمها عميد قريب من الأسد يدعى محمد جابر، كما ذكر اسم القائد في جيش الأسد ويدعى “علي الشلي” الذي يتزعم إحدى المجموعات المقاتلة العاملة بإشراف العقيد في جيش الأسد سهيل الحسن الملقّب بالنمر، وللشلّي المذكور سوابق كثيرة في سلب السوريين أملاكهم من على حواجز يقيمها بنفسه في حلب أو حماة، وهو تابع للمخابرات الجوية التي يتبع لها رئيسه المباشر العقيد الحسن.
وأدّى قيام زعيم ميليشيا صقور الصحراء القريب من الأسد، باتصال هاتفي لإحدى الإذاعات المحلية، معترفا بقيام عناصر تابعة له بسرقة بيوت السوريين في حلب والمسمّاة في سوريا “التعفيش” إلى تثبيت التهمة على جيش الأسد، خصوصا أن زعيم تلك الميليشيا ذكر أيضا اسم بعض الشخصيات التي تورطت بالسرقة “التعفيش”.
ويشار إلى أن نظام الأسد عادة مايتهم كل وسائل الإعلام التي تفضح نظامه، بتهم مختلفة، إذا ما تمت الإشارة إلى فضائح في نظامه، ومنها قيام بعض من جيشه وميليشياته بسرقة بيوت السوريين في حلب، إلا أن إعلان أسماء اللصوص ومن على قناة فضائية موالية لنظامه، ثم قيام أحد قادة ميليشياته بالاعتراف بظاهرة السرقة تلك، وعلى الهواء مباشرة، أرغمت نظام الأسد على الإقرار بها بعدما ضجت بها وسائل الإعلام، فقال الأسد في حواره لصحيفة “الوطن” التابعة له، أمس الخميس، وبعد سؤال عن ظاهرة “التعفيش” إن هناك “حالات تم إلقاء القبض عليها وأنا أعرفها بالتفصيل، وهناك حالات لم تضبط”. فسجّل بذلك اعترافاً نادرا ومثيرا بحقيقة ما قالته الفضائية العربية الموالية له، إلا أنه لم يحدّد أسماء من قال إنهم قد قبِض عليهم، فيما لا يزال كل الأشخاص الذين أشير إليهم بتورطهم في “التعفيش” يمارسون عملهم في جيش النظام أو الميليشيات التابعة له، وهي منظمات مسلحة ورسمية تعمل وفق قانون وأسماء منسوبيها مسجّلة لدى وزارة دفاع الأسد أو مؤسساته الفرعية كالمخابرات الجوية أو العسكرية أو أمن الدولة.
ولفت في هذا السياق قيام الأسد باعتراف مثير آخر وهو الفساد في مؤسساته الإعلامية، فطالب في الحوار المشار إليه “بتنظيف” تلك المؤسسات من “الفساد والترهل” على حد تعبيره. علماً أن تلك المؤسسات الإعلامية، بصفة خاصة، تعمل تحت إدارة جهاته الأمنية والاستخبارية، ولا يتم تعيين حتى موظف “البوفيه” فيها إلا بموافقة أمنية متعددة المصادر.
أصبح الك ل ب في زمننا هذا أكثر وفاءا من بعض البشر وخاصة بعض رؤساء الدول العربية والميلشيات التابعة لهم