التايمز: الغرب أبلغ المعارضة السورية أن أنه ليس أمامهم سوى قبول وجود الأسد!

انا لست شيعي و لكني مراقب جيد للأحداث …
الثابت و واقع الأحداث في سوريا يقول ان ايران و روسيا تدخلوا في سوريا بعد ان قامت الحرب تستنزف امكانيات الجيش السوري و الدولة السورية و كان واضحا ان الموضوع يتخطى ثورة شعبية من خلال قيام السعودية و شقيقاتها الأصغر دول الخليج و تركيا بتمويل و تسليح و تسهيل دخول المتطوعين الأسلاميين من شتى بقاع الأرض و الدخول الى سوريا و الأنضمام للثوار لأسقاط النظام … اذن هنا صار تدخل خارجي و المقاتلين الذين جاؤوا من بقاع الأرض الكل يعلم ان جلهم هم مقاتلين اسلاميين سنة متشددين جاؤوا بدافع مقاتلة النظام السوري بدعوى انه (نظام علوي شيعي رافضي) و كاذب من ينكر هذا الكلام أليس كذلك؟
اذا الدول السنية هي التي حولت ما سمي في البداية (الثورة الشعبية السلمية) الى حرب طائفية عندما استقطبت المقاتلين المتطرفين من شتى بقاع الأرض لمحاربة نظام بشار العلوي علما ان المفارقة ان وقوف هذه الدول ضد نظام بشار كونه نظام علوي هو النفاق بعينه لأن نظام الأسد ووالد يحكم سوريا منذ خمسين سنة تقريبا فهل اكتشفت هذه الدول انتماء رأس النظام السوري للطائفة العلوية؟ هذه الدول اعادت نفس الخطأ بوقوفها ضد التغيير في العراق لمجرد ان غالبية الحكومة الجديدة بعد سقوط صدام هي حكومة شيعية في حين ان احجام السنة عن المشاركة في الأنتخابات الأولى هو الذي جعلهم يخسرون نفوذهم في حكومة العراق وهم اعترفوا لاحقا بالخطا التاريخي هذا. لاحقا تدخلت دول الخليج في حرب اليمن بدعوى خوفها من سيطرة الحوثيون الشيعة على الحكم بدلا من ترك المسألة بيد الشعب اليمني. فقط مصر نجت من هذا المخطط كونها لحسن الحظ تمتلك جيشا قويا يسيطر عليه التيار العلماني وهو الذي انقذ مصر من الوقوع في براثن الحرب الأهلية المدمرة.
من ما تقدم اعلاه نستنتج … ان دول الخليج و تركيا ترفض حتى ولو بالقوة اي وجود لنظام يغلب عليه الشيعة في الشرق الأوسط او في الوطن العربي على أقل تقدير حتى ولو عن طريق الأقتراع و الديمقراطية وهذه المسألة من الطبيعي ان تجعل ايران تدخل طرفا بالصراع كونها تمثل الكفة الشيعية في ميزان القوى السياسية في المنطقة فلماذا تسمح الدول السنية لنفسها أن تتدخل في دول اخرى لكي تفرض الحكم السني و يتم استنكار ان تقوم دولة شيعية بالتدخل لحماية نظام شيعي (علما ان نظام بشار الأسد علماني وهو لم يحكم تحت غطاء ولاية الفقيه) لكن نظرة دول الخليج المفاجئة لبشار الأسد على انه علوي شيعي رافضي استفز ايران و جعلها تتدخل ليكون هناك موازنة في الحرب الدائرة فلا يمكن للدول السنية ان تقوم بعمل تحالف يحارب بشار بطريقة غير مباشرة و ان يسمح لمقاتلين سنة من كل دول العالم بالقدوم للجهاد ضد بشار العلوي الشيعي و يحرموا في نفس الوقت على الشيعة التدخل من باب الرد بالمثل.
أما بالنسبة لروسيا فإن تدخلها جاء لأهداف استراتيجية و لمنع أمريكا و ادارة ابوما الفاشلة التي وقفت تتفرج على الفوضى او ما سمي بالثورات و هي تفكك الدول و تدمرها و تنتج عنها الضحايا خصوصا ان التجارب في جميع الدول التي حصلت فيها هذه الفوضى اثبتت فشلها و ان الشعارات الرنانة من حرية و عدالة و رخاء كلها كانت حبر على الورق و اصبح المتمردون او ما يسمون بالثوار مجموعة مرتزقة تتقاتل فيما بينها ايضا لنيل المكاسب و تكونت امارات حرب داخل الدول كما حدث في اليمن و ليبيا و سوريا و اتضح ان هذه المجاميع تتكون من مجرمين كل منهم يبحث عن الثروة و المنصب و المجد الشخصي وهم ابعد ما يكونوا عن الثوار بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة.
ان تدخل ايران و روسيا كان صفعة للدول التي تدخلت في سوريا هذا البلد الذي وإن يحكمه نظام احادي القطب و لم يمارس الديمقراطية و لكن لا احد ينكر ان سوريا تحت هذا النظام كانت بلدا خالي من الديون و ينتج و يصنع كل احتياجاته و الجميع يعيش تحت النظام العلماني و الأقليات تمارس حريتها الكاملة و لم يكن هناك اي فوارق بين الأفراد على أساس طائفي فهل يستحق ان يجري كل ما جرى في سوريا من تدمير و قتل مجرد ان نظامها غير ديمقراطي؟ ما فائدة تحقيق الديمقراطية بالقوة و بالتدمير؟ أليس القبول بنظام احادي يعيش الجميع تحت خيمته بالتساوي بسلام افضل من محاولة انشاء نظام تعددي ديمقراطي تحت الحراب و اسالة انهار الدم؟ أليست دول الخليج نفسها تحكمها انظمة عائلية وراثية و غالبيتها تفتقد حتى لبرلمان فهي بالتالي لا يليق بها أن تتشدق بشعارات الديمقراطية التي تفتقد لها اصلا و تبا لهكذا ديمقراطية دموية انها حرب طائفية بأمتياز ضد سوريا تحت يافطة الديمقراطية لا اكثر و لا اقل.