(CNN) — تتشابه طقوس الأردنيين في أيام عيد الفطر مع اختلاف المناطق الجغرافية في البلاد، من حيث المواظبة على الزيارات العائلية والمشاركة في صلاة العيد وتقديم كعك العيد بمثابة ضيافة رئيسية. ولكن، اختلفت الطقوس خلال العام الحالي، باكتفاء العديد من العائلات بتقديم القهوة السادة والتمر فقط، تضامنا مع أحداث غزة على قاعدة عبارة “خليها على المرة.”
واكتظت شوارع العاصمة الأردنية عمان بالناس، حتى ساعات الفجر الأولى، عشية إعلان الاثنين أول أيام عيد الفطر، إذ خرجت العائلات لشراء ما تبقى من مستلزمات العيد الضرورية، وفي مقدمتها “القهوة العربية السادة” التي تقدم في دلال خاصة، وحلوى كعك العيد أو المعمول، المصنوع من السميد أو الطحين والمحشو بالفستق الحلبي أو التمر أو الجوز .
وتتفاوت طقوس العائلات الأردنية بما فيها العائلات التي تنحدر من أصول فلسطينية، في ضيافة العيد، حيث تفضل النساء وخصوصاً العاملات شراء حلوى كعك العيد جاهزة من محلات الحلويات، بينما تحرص نساء أخريات على خبزه منزليا، بكمبات كبيرة للتوزيع منه على الأهل.
وتحرص الدكتورة عبلة الوشاح، وهي والدة لطفلين، على إعداد الكعك في المنزل، لتكتمل طقوس العيد والاستعدادات له، فضلاً عن شراء ملابس جديدة لأولادها، ومحاولة إضافة أي مظهر جديد على المنزل فرحا بقدوم العيد، فيما تعتبر زيارة الأهل في “مسقط الرأس” على حد تعبيرها من ترتيبات العيد الرئيسية.
وتقول الوشاح لموقع CNN بالعربية: “يبدأ غالبية الأردنيين يومهم بأداء صلاة العيد رجالا ونساء، ثم تبدأ جولة الرجال لإتمام الزيارات العائلية الصباحية على قاعدة صلة الرحم، وخصوصاً الأخوات والأم والخالات والعمات،” مضيفة: “بالنسبة لي، تعتبر زيارة مسقط رأسي في مدينة السلط طقساً أساسياً لزيارة الأهل والتواصل معهم.”
وتشير الوشاح المختصة في علم الاجتماع والموظفة في إحدى المؤسسات الرسمية، إلى أنها تحرص على إعداد كعك العيد في المنزل، المحشو منه بالعجوة ( التمر) والفستق الحلبي، بما يعادل نحو 5 كيلوغرامات، إذ تقوم بتوزيع الحلوى على والدتها وأهلها، لكنها أعدت كمية رمزية للعائلة، بسبب الظروف التي تمر في غزة.
أما عن أنواع حلويات العيد الرائجة في بعض البلدات والمدن الأردنية، تقول الوشاح: “ما زالت هناك عائلات في شمال المملكة، مثل مدينة إربد وفي جنوب البلاد مثل مدينة معان التي ينحدر منها أهل زوحي والتي تعد نوعاً من الكعك يسمى الكعك الأصفر، بعضه مالح الطعم كطبق شعبي تقليدي في العيد ويسمى أيضا كعك القزحة، ويحتوي على زيت الزيتون “.
وتؤكد الوشاح على أن القهوة العربية السادة تعتبر المشروب التقليدي الساخن الذي يقدم في العيد بنكهة الهيل، فيما تلفت إلى أن بعض العائلات الأردنية تعد حلوى “اللزاقيات” في العيد ولكن على نطاق محدود جداً في بعض القرى. وتتكون “اللزاقيات” من العجين الرقيق والسكر، وتحضر بشكل طبقات. وتضيف الوشاح أن “الاستعداد للعيد هذا العام هو أقرب منه إلى الواجب بسبب الحرب على غزة، وخصوصاً أن الجميع منشغل بمتابعة الأخبار، وكثير من العائلات اكتفت بتقديم القهوة السادة.. أعتقد أن العيد للصغار فقط.”
وما زال أهل الأردن وخصوصاً في القرى يحرصون على اللقاءات الجماعية في الدواوين، كما يقول الشاب محمد العضايلة من قرية زحوم في مدينة الكرك الأردنية ( والتي تبعد 120 كيلو متر عن عمّان)، وخصوصاً فتح الدواوين في أول أيام العيد لمواساة أهل أي شخص متوفي في المدينة أو في القرية، أو كما يقال بالتعبير الدارج ” أول عيد على أهله بعد وفاته.”
ويقول العضايلة إن “طقوس العيد في الكرك كسائر المدن الأردنية تتمثل بزيارات عائلية منذ الصباح لصلة الأرحام والسلام على أهل أي شخص متوفي في دواوين العائلة عندما يكون أول عيد يمر على أهل الميت لمواساتهم،” موضحاً: “أما بالنسبة للحلوى فهي الحلوى التقليدية، أي المعمول والكعك والقهوة السادة.”
ويلفت العضايلة إلى أن الحلويات التراثية القديمة لم يعد لها ذكر في قريته. وتقوم بعض العائلات كل أربع أو خمس سنوات بصنع “المجللة” المكونة من الخبزواللبن والسمن البلدي كنوع من إحياء طقوس قديمة، مضيفاً: “لكن هذا العام هناك حالة حزن وغضب في القرية بسبب الأحداث في غزة وكثير من العائلات قررت الاكتفاء بتقديم القهوة السادة على قاعدة “خليها على المرة” أي القهوة المرة تضامنا مع الأهل في غزة.”
هذه كانت حالة ربة المنزل منى حسن أيضاَ، والتي تقضي ساعات طويلة من يومها حتى في العيد لمتابعة الأخبار المتعلقة بغزة، قائلة إنها أعلنت سلفاً اكتفاءها بتقديم القهوة السادة والتمر كضيافة للعيد .
وتقول حسن التي تنحدر أصولها من مدينة القدس، وهي أم لست فتيات وشاب: “لم يسأل أحد من الأشخاص عن سبب نوع الضيافة هذا العيد، إذ يعلم الجميع أن مظاهر العيد اختفت بسبب التضامن مع الأحداث في فلسطين، وبالنسبة لي، يتمثل العيد بزيارة بناتي وأحفادي.”
وترى حسن الناشطة أن طقوس العيد تغيرت كثيرا خلال عقدين من الزمن، إذ لم تعد صلات العائلات ببعضها كالسابق، وخصوصاً فيما يتعلق بمشاركة الجيران بإعداد حلوى العيد والمشاركة في المعايدات .
وتحافظ عمان على طقوس سنوية في الأعياد، من بينها زيارات العائلات لمدن الألعاب الترفيهية المصغرة، وإقامة بعض الولائم العائلية في أول أيام العيد، فضلاً عن انتشار نصب المراجيح الخشبية في ساحات بعض المناطق الشعبية في عمان الشرقية وخصوصاً مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وامتطاء الخيول في مقابل مبالغ رمزية من المال تترواح بين الربع دينار والنصف دينار ( ما يعادل دولار أمريكي وأقل .(
ويتأثر سكان عدد من المخيمات الفلسطينية (١٣ مخيماً) بأحداث غزة، حيث شهدت مخيمات البقعة الأكبر والوحدات وسوف وغيرها خروج مسيرات تضامنية عقب صلاة العيد مباشرة، سبقها سلسلة من المسيرات على مدار شهر رمضان .
ويقول خالد الجبلي (٣٨ عاما) من سكان مخيم الوحدات، إن “هناك عزوفا عن المعايدات في المخيم، إذ أنها مقتصرة على الأرحام من الدرجة الاولى من دون الأصدقاء.”
ويشير الجبلي الناشط في جمعية “عندي حلم،” إلى أن “العائلات اختصرت أيضا الخروج في رحلات ترفيهية وتقديم الحلوى،” موضحاَ أن “مظاهر العيد محدودة جدا فقط لدى الأطفال الذين يحاولون الشعور بالمرح في ساحات المخيم وركوب المراجيح.”