فلسطيني- لبناني، من مخيم للاجئين، بقي منسيا طوال 19 سنة وراء قضبان السجون الأميركية في فلوريدا، ظهر ثانية أمس الثلاثاء إلى الوجود حين بثت قناة News4Jax التلفزيونية الأميركية في مدينة “جاكسونفيل” بولاية فلوريدا، أن دائرة الهجرة بالولايات المتحدة أعادته إلى بيروت التي غادرها صيف 1996 ليقوم بخطف غريب الطراز لطائرة DC-10 إنتاج شركة “ماكدونل دوغلاس” الأميركية، وتابعة لخطوط “ايبيريا” الجوية الإسبانية.
كانت تقل 217 راكبا، مع طاقم من 14 شخصا في 26 يوليو 1996 من مدريد إلى هافانا، وحين أخبر طيارها ركابه بأنها فوق “جزر برمودا” القريبة في الأطلسي من سواحل أميركا وكوبا معا، وأنها ستصل بعد 40 دقيقة إلى مطار “خوسيه مارتي” بهافانا، نهض الراكب سعد محمد ابراهيم إلى قمرة قيادتها ودخلها مداهمة، وطلب من طيارها التوجه بها الى مدينة ميامي في ولاية فلوريدا الأميركية، وبين يديه ما جعل الطيار ينصاح بلمح البصر: جهاز امتد منه سلكان نحاسيان، حذّره بأنه إذا لامس سلك طرف الآخر، فستنفجر القنبلة.
الطيار الإسباني، خافيير ايشاب، رفع الراية البيضاء مستسلما للخاطف، خصوصا أن ابنه كان بين الركاب، فتابع القيادة بأعصاب باردة، وطلب من أفراد الطاقم عرض فيلم سينمائي على الركاب والتخفيف من روعهم، الشارح بأن الطيار راح يتفاوض داخل القمرة مع خاطفها البالغ عمره ذلك الوقت 28 سنة، ويبلغ “الأف.بي.آي” الأميركي بطلبه الوحيد الغريب.
“وإلا فسيحدث لها ما جرى لغيرها”
وسريعا أبلغوا الرئيس آنذاك، بيل كلينتون، بأمر الطائرة وبمطلب خاطفها الذي ظنه الجميع كوبيا، وهو أن تهبط في ميامي ليسلم نفسه إلى سلطاتها، وإلا فسيحدث لها ما جرى لغيرها، موحيا بالعبارة بما لحق قبلها بأسبوع، بطائرة تابعة لشركة TWA وانفجرت بالجو فوق الأطلسي، وقتل 230 كانوا على متنها من نيويورك الى باريس، وفق مراجعة “العربية.نت” لأرشيف خبرها المتضمن أنهم لم يتأكدوا بأن التفجير لم يكن من قنبلة كما سرت الأنباء، إلا بعد تحقيقات دامت 4 سنوات، تلاها اندماج “تي.دبليو.اي” بشركة “أميركان ايرلاينز” الأميركية.
وكان اللبناني- الفلسطيني سعد، أوSaado بحسب ما تخطئ وسائل الإعلام الأميركية باسمه، كما وبجنسيته فتعتبره لبنانيا فقط، يقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، بضواحي مدينة صيدا البعيدة 40 كيلومترا عن بيروت التي غادرها في 25 يوليو 1996 إلى زوريخ بسويسرا، ومنها بطائرة Iberia الى مدريد، فبقي بمطارها حتى سفره صباح التالي الى كوبا، حيث خطف الطائرة التي كان بين ركابها 85 إسبانيا، والباقي من جنسيات مختلفة.
“أراد المجيء إلى هنا، ونحن أردنا اعتقاله”
حين هبطت في ميامي تلبية لما طلب، سلم نفسه في مطارها بعد 10 دقائق، فحاكموه طوال عام، وبعد أن اكتشفوا أن قنبلته كانت وهمية، عبارة عن شريط “كاسيت” مد فيه بعض الأشرطة والأسلاك، للإيحاء بأنه قنبلة متطورة، أدانوه بأدنى عقوبات “القرصنة الجوية” ومدتها 20 سنة سجنا، ويوم الاثنين الماضي أفرجوا عنه، طبقا لما نراه في خبر News4Jax التلفزيوني، وفي التالي أعادوه أمس عبر مطار “جاكسونفيل” الذي اكتظ برجال “الأف.بي.آي” الى حيث جاءهم أول مرة.. الى بيروت وقد أصبح عمره 47 سنة.
وأفضل تلخيص ربما لخطف الطائرة، هو ما قاله عميل “الأف.بي.آي” بول فيليب، لصحيفة لا يزال تعبيره في موقعها منذ 12 أغسطس 1997 وهي Sun-Sentinel بجاكسونفيل، فقد ذكر أن سعد: “أراد المجيء الى هنا، ونحن أردنا اعتقاله، لذلك كانت مفاوضات سهلة وبسيطة، وحقق فيها أمنيته” مشيرا كما يبدو، الى أن هدفه من الخطف كان الإقامة في مكان يراه أفضل له من مخيم للاجئين، فاختار السجن الأميركي.