قتلى المتجر اليهودي يوم الجمعة الماضي في باريس كانوا 4 يهود فرنسيين، بينهم شاب عمره 21 واسمه يوعاف، وهو ابن حاخام تونس ورئيس “المعبد الكبير” فيها، بنيامين خطاب. إلا أن الخبر الذي لفت انتباه الإعلام الدولي منذ أمس السبت، كان عن شاب مسلم ظهر من الركام الدموي كبطل خاطر بنفسه وكافح وحده الإرهاب، مع أنه عامل بسيط بالمتجر، واستخدم طابقه السفلي ليخبئ فيه عددا من الزبائن الذين لولاه لضمهم مقتحمه إلى رهائنه، ولربما كانت المحصلة دموية أكثر على الفرنسيين.
المسلم الفرنسي، شاب ولد قبل 24 سنة في مالي، واسمه Bathily Lassana المعروف بأن تعريبه يتحول إلى الحسن باثيلي بلغة مالي المحلية، وكان في المتجر حين اقتحمه الفرنسي من أصل سنغالي أميدي كوليبالي واحتجز فيه 21 من العمال والزبائن، بينهم طفل و8 نساء، فقتل منهم 4 ثم راح يهدد بتصفية الآخرين، في وقت كان باثيلي يخفي عنه زبائن آخرين، ممن مضى بهم إلى “فريز” التبريد أسفل المتجر، وطلب منهم البقاء فيه هادئين، ومعهم رضيع عمره شهر واحد فقط.
في مكان واحد: مسلم يرهب الآخرين وآخر ينقذهم
هذه المعلومات الأولية ذكرها الحسن موسى باثيلي لمحطة BFM TV الفرنسية، واصفا أسفل المتجر بأنه ثلاجة كبيرة، وضع فيها زبائن سيطر عليهم فزع شديد، وطلب منهم البقاء فيها من دون أن يحدثوا أي ضجة، لكن الشرطة ظنت أنه شريك بالعملية الإرهابية عندما اقتحمت المتجر “فطلبوا مني أن أنبطح أرضا وأضع يديّ على رأسي، ثم قيدوني وأبقوني ساعة ونصف الساعة محتجزا” وفق ما نسمعه في فيديو قامت “العربية.نت” بتحميله من “يوتيوب” حيث للمحطة التلفزيونية حساب لأشهر شرائطها.
ثم اكتشف رجال الشرطة أن باثيلي مختلف عن كوليبالي الإرهابي إلى حد كبير، بل هو كائن آخر تماما، لأنهم علموا فيما بعد أنه حين وضع 15 زبونا في الطابق السفلي، لم يختبئ معهم بل عاد الى الأرضي ليبقى مع الرهائن المحتجزين، حتى حررتهم الشرطة بعد أن قتلت كوليبالي بهجمة عليه فاجأته، وفي تلك اللحظات فقط رأت من أنقذهم يصعدون من “الفريزر” ويقبلون عليه متراكضين ليشكروه على إنقاذ حياتهم.
ومن يرغب بالتأمل بما جرى في وقت ومكان واحد، قد يرى دراما فيها تناقض نادر بامتياز: مسلم إرهابي قتيل على أرض المتجر، وبجانبه مسلم مسالم غادر وطنه وأهله ليعمل ويكد ويحصل على لقمة العيش بعرق الجبين، وفوقها يعرض حياته للخطر لينقذ من لا يعرفهم ومعظمهم يهود ومن إسرائيل، لذلك فمن يبحث “أون لاين” عن باثيلي كما فعلت “العربية.نت” اليوم الأحد، سيجد مواقع التواصل وقد اكتظت باسم العامل الإفريقي البسيط، والجميع فيها يشكرونه على ما فعل.
أما قتلى المتجر فهم: ابن حاخام تونس، وهو طالب يدرس في جامعة بباريس حيث يقيم، وله 6 إخوة. والثاني يوهان كوهين، وهو شاب عمره 22 ويعمل موظفا في المتجر، وتطرقت إليه وسائل إعلام فرنسية اطلعت منها “العربية.نت” على تفاصيل خاصة بشأنه، لأنه حاول انتزاع مسدس تركه محتجز الرهائن في ركن من المتجر بعد أن تعطل منذ أول طلقة، فكان نصيبه رصاصة عاجله بها كوليبالي في رأسه وأردته للحال.
وهناك القتيل فيليب براهام، وهو معلم مدرسة سابق، عمره 40 ومتزوج وأب لأربعة أبناء، ويقيم في باريس حيث يعمل ممثلا لشركة تأمين مكاتبها قرب المتجر. أما القتيل الرابع، فعمره 60 واسمه فرانسوا ميشال سعادا، أو ساعدا، وهو من مواليد تونس وأب لابنين يقيمان معه في اسرائيل “حيث سيتم دفن الأربعة في القدس” بحسب ما قرأت “العربية.نت” مما ذكرته منظمة Crif اليهودية الفرنسية في بيان وزعت معه صور القتلى والمعلومات بشأنهم.
وكان أحد الناجين تحدث الى مجلة “لو بوان” الفرنسية، وذكر أن ابنه البالغ عمره 3 أعوام كان معه في المتجر، وأن محتجز الرهائن قدم نفسه اليهم بعد أن جمعهم أمامه، وقال: “أنا أميدي كوليبالي، مسلم من السنغال، ومن أتباع الدولة الاسلامية، وأريد منكم أن تضعوا هواتفكم الجوالة على الأرض” ثم راح يتجول في المتجر وهم الى جانبه مذعورين، ويحدثهم عن فلسطين والسجون الفرنسية “والاخوة في سوريا” بحسب ما ذكر الناجي للمجلة التي نشرت ما قال في موقعها أمس السبت.