يوجد الناشط الحقوقي الجزائري ياسين زايد رهن الاعتقال بتهمة سياسية، في وقت تمر اليوم الجمعة، 24 سنة على أحداث “الربيع الجزائري”، المعروفة باسم أحداث أكتوبر، التي غيرت نظام الحكم في الجزائر، وفتحت الباب أمام تعددية سياسية وحزبية.
وانتشرت عناصر من الأمن الجزائري، بالزي المدني خصوصا، اليوم الجمعة، في شوارع العاصمة وأزقتها بمناسبة مرور ربع قرن على هذه الأحداث، التي قتل فيها ما لايقل عن 120 شخصا كأرقام رسمية، دفعت السلطة الحاكمة في الجزائر وقتها إلى تعديل دستور للبلاد وللسماح بإنشاء أحزاب سياسية، وتنظيم أول انتخابات حرة، فازت جبهة الإنقاذ الإسلامية، قبل أن يتم توقيف المسار الانتخابي عام 1991 لتدخل الجزائر بعدها في أزمة أمنية مطلع 1992 لم تنته إلا مع مطلع عام 2000.
وبالعودة إلى قضية الحقوقي ياسين زايد، فقد نظم العشرات من النشطاء الحقوقيين الخميس اعتصاما أمام مقر وزارة العدل بالعاصمة، رافعين شعارات منددة بالظلم واستغلال النفوذ، وداعية إلى قضاء مستقل عن الإدارة، كما طالبوا بالإفراج الفوري عن ياسين زايد المعتقل منذ عدة أيام.


وينتظر أن يتم عرض الموقوف على محكمة مدينة ورقلة الواقعة جنوب الجزائر الاثنين المقبل لمحاكمته، بتهمة إهانة هيئة نظامية والاعتداء على رجال الأمن.
وذكرت مصادر صحافية وحقوقية جزائرية أن زايد تم اعتقاله عندما كان أمام مدخل مدينة حاسي مسعود الغنية بالنفط التابعة لولاية ورقلة الواقعة، جنوب شرق العاصمة حيث قام رجال الأمن بإنزاله من حافلة، كان يستقلها، وتم نقله بعد ذلك إلى مركز أمني ووجهوا له تهمة إهانة هيئة نظامية والاعتداء على رجال الأمن أثناء تأدية مهامهم.
وأشارت الصحف إلى أن مجموعة من المنظمات الحقوقية أصدرت بيانات تنديد بتوقيف الناشط الحقوقي ياسين زايد، مطالبة السلطات بالإسراع في الإفراج عنه.
إنهاء حكم الحزب الواحد
وكانت تلك المظاهرات وراء إنهاء حكم الحزب الواحد والتوجه الاشتراكي للدولة، غير أن الصدام الدامي بين النظام والإسلاميين أجهض ما سمي مؤخرا بـ “الربيع الجزائري” تأثرا بالوصف الذي أطلق على الثورات العربية الأخيرة المطالبة بتحقيق الديمقراطية؛ حيث خرجت مظاهرات 1988 لنفس المطلب.
ففي صبيحة الخامس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1988، خرج الجزائريون في مظاهرات عمت كل أرجاء البلاد وبصفة خاصة العاصمة للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، واستهدف الشباب الغاضب كل ما يرمز للدولة من مؤسسات ومقرات لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لتخلف تلك الأحداث حسب حصيلة رسمية 144 قتيلاً، فيما قالت منظمات حقوقية إن عدد الضحايا وصل إلى 500 قتيل وآلاف الجرحى.
وعاشت الجزائر نهاية الثمانينيات من القرن الماضي أزمة اقتصادية بعد انهيار أسعار النفط الذي يعد أهم مصدر للدخل القومي بشكل أثّر على القدرة الشرائية للمواطن وأدى إلى نقمة على نظام الحكم المبني على حكم الحزب الواحد بحسب محللين.
واختلفت التحليلات السياسية حتى اليوم بالجزائر حول خلفيات انفجار الوضع في البلاد، وهل الأحداث كانت مفتعلة من النظام أم عفوية رغم التقائها عند نقطة واحدة أن الوضع الذي كان سائداً هو عنصر هام في ما حدث بحكم تردي الوضع الاقتصادي واستشراء الفساد في مفاصل الدولة.
وأكد الصحافي والمحلل السياسي عابد شارف لوكالة الأناضول أن “نظام الحكم في ذلك الوقت كان يعيش صراعاً محتدماً بين أجنحته الفاعلة حول توجهات البلاد وهذا الصراع خرج إلى الشارع الذي أعطاه بعداً آخر وأضحى عنصراً فاعلاً في المنحى الذي أخذته الأحداث”.
وأوضح شارف الذي ألّف كتابًا حول تلك الأحداث بعنوان “شغب أطفال” أن “النقطة الأهم التي لم تبرز في التحاليل التي تناولت الأحداث في ذلك الوقت أن السلطة كانت تبحث عن مخرج من الأزمة وقد بدأت فعلاً في إصلاحات لتغيير الوضع بفعل السخط الشعبي ضدها وحول شخص رئيس الجمهورية آنذاك الشاذلي بن جديد” قبل أن ينفجر الوضع في الشارع.
وتابع المتحدث الذي غلّب نظرية المؤامرة في كتابه “ذكرت في مؤلفي أن أهم القوانين التي تمهّد لإصلاح اقتصادي شامل تبناها البرلمان شهر يناير عام 1988 فيما اندلعت الأحداث شهوراً بعد ذلك بشكل يطرح استفهامات حول سبب حجب هذه الحقيقة في التحليلات”.
والتفسير الوحيد لذلك، حسب رأيه، هو أن “أجهزة في السلطة كانت ضد التفتح الديمقراطي هي من حاولت حجب إرادة الإصلاح قبل أحداث أكتوبر”.
وبعد يومين من اندلاع الأحداث، خرج الرئيس الجزائري آنذاك الشاذلي بن جديد الذي حكم البلاد منذ عام 1979 في خطاب تلفزيوني دعا فيه المواطنين للتعقل ووعدهم بغد أفضل، وبإصلاحات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية وكانت الأوضاع قد هدأت في أغلب مناطق البلاد.
وتسارعت الأحداث في الجزائر بعد هذا الخطاب حيث صدر في 23 فبراير/شباط دستور جديد للبلاد بعد استفتاء شعبي، أقر لأول مرة التعددية السياسية والإعلامية والتحول نحو اقتصاد السوق بشكل أدى إلى ظهور عشرات الأحزاب والصحف المستقلة.
وكان إجراء أول انتخابات برلمانية تعددية في البلاد في 26 ديسمبر/كانون الأول 1991 منعرجًا آخر في تاريخ البلاد بعد أن اكتسحها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ في دورها الأول ثم جاء قرار قادة الجيش بإلغاء نتائجها، كما أجبروا الرئيس الشاذلي بن جديد على الرحيل في يناير/كانون الثاني 1992 لتدخل البلاد في دوامة عنف مسلح استمرت لسنوات خلفت بحسب أرقام رسمية 200 ألف قتيل.
النظام استعمل الإسلاميين
ويرى المحلل عابد شارف، في حديثه لوكالة الأناضول، أن “النظام الحاكم آنذاك استعمل الإسلاميين لإجهاض هذا التحول الديمقراطي” بدعوى أنهم خطر على البلاد والمحيط الإقليمي والدولي.
ومع اندلاع ثورات الربيع العربي مطلع العام 2011 والتي ظلت بعيدة عن الجزائر تبرر السلطة الحاكمة في الجزائر والأحزاب المحسوبة عليها هذا “الاستثناء الجزائري” بالقول إن “الجزائريين صنعوا ثورتهم عام 1988” في إشارة إلى أحداث 5 أكتوبر/تشرين الأول التي دفعت نحو تغيير نمط الحكم في البلاد.
وبرأي عابد شارف فإن “الجزائر لم تسبق دول الربيع العربي بثورتها ولكنها أضحت نموذجاً لفشل الثورات في تحقيق أهدافها”.
وأوضح: “التجربة الجزائرية لا بد أن يقتدى بها من ناحية السلبيات والأخطاء التي يتوجب تفاديها بالنسبة للدول التي عرفت الثورة حديثا”.
وبشأن صحة الطرح الرسمي القائل بأن الجزائر “استثناء” في موجة الربيع العربي، يقول محدثنا: “أعتقد أن الجزائر بعيدة عن هذه الموجة من الثورات لسبب بسيط هو أن الجزائري عانى وضحى طيلة السنوات التي أعقبت أحداث 1988 ولكن النتيجة لم تكن في مستوى آماله والفشل مشترك بين السلطة والمجتمع”.
وتابع: “الحل الأمثل لهذا الوضع هو أن السلطة لابد أن تستبق مثل هذه الأحداث بإجراء إصلاحات عميقة قبل وقوع أي كارثة”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. اكيد اتمنى الازدهار والرقي لوطني وان ينتعش ويخرج من المسار المخطط له لانه حسب راي فاشل خاصة صرنا في وقت القدرة الشرائية لاغلب المواطنين لا ترتقي و التهاب الاسعار وكل واحد عايش حياته الخاصة وهمه كيف يؤمن لقمة عيشه ويامن غدر الغد لاتطوير ولا صناعة ولا …
    لكن في نفس الوقت لا نريد ان تعاد علينا العشرية السوداء لا قدر الله فما حصل وكيف استطعنا ان ننسى ماحصل سبحان الله معجزة
    ربي يهدي الجميع وان يعمل المسؤولين والشعب على تفادي تكرار ماحصل

    1. ياختي وين راكي لاسلام ولا كلام عرفت باللي رايحة تعلقي على هاد الموضوع والموضوع الاخر

      1. حياتي ههههههه مسالخير واش جاية محرشة ؟
        واش راكي حنونة لا قلت نشدك في موضوع رشيد غزال خو عبد القادر ياخاه الوليد راح فيها.
        واش كاش خدمة كاش فوضى

        1. مساء النور حنونة
          الحمد لله على كل حال توحشناك برك بانتلك محرشة هههه
          واش من الموضوع نتاع خو غزال ماقريتوش
          اما عن الخدمة مازالني في العقود المؤقته ماعلينا عايشين ولله الحمد الحمد لله الهواء من عند ربي ماجاش في يد العباد لوكان راهم قطعوه علينا
          المهم نتي واش راكي

          1. يعيشك حنونة الحمد لله وكي تكوني مليحة رانا ملاح يا لاله.
            اللي فيها الخير يجيبها ربي ..الواحد كيما قلتي يطمع في ربي ويتامل فيه مش في عباده.
            خو غزال قالك راح لعب عند الصهاينة ههه وبدات الصحف تاعنا اديرله في السمير

  2. خلو الشعب في حاله اللي فات علينا يكفي  
    و خطونا من الكدوب باغيين دخلو شعبان في رمضان و تقعدو تتفرجو من بعيد على الناس تموت على خاطرش ياكلها غي المسكين
    حسبنا الله و نعم الوكيل 
    لبنى و حياتي ليلتكم سعيدة

    1. وليلتك اسعد ان شاء الله اختي حنين
      ماديريش في بالك تصبحين على خير واحلام سعيدة

      1. حياتي عندكم غطوا كل النقص في المدارس من بعد المسابقة؟
        احنا مازال ناقصنا رغم اللي بعثوا قداش من استاذ من المعينين جدد بصح راه خصنا استاذ علوم واستاذ رياضيات .لولاد ماراهمش يقراو في بعض الاقسام لحد الان رغم انا في الاسبوع 4.

        1. كاين نقص في الابتدائي على الاقل هذا ماسمعت لااعرف الباقي
          عدد التلاميذ ماشاء الله في تزايد والمسابقات عندنا يقطروا فيهم عدد محدود رغم كثرة المتخرجين
          دوك انتي وين تصح لك مسابقة نتاع 72 يدخلها اكثر من 1000

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *