تتجنب الحكومة الأردنية منذ مشاركتها المبكرة في الضربات الجوية على مواقع لعناصر مما يسمى تنظيم دولة الإسلام داعش في أيلول المنصرم، حسم الموقف مجددا من أية احتمالات متعلقة بمشاركة أردنية في أي تدخل بري دولي مقبل في العراق أو سوريا ضد التنظيم.
وعزا مراقبون تجنب تلك التصريحات، إلى الضغوطات التي تتعرض لها البلاد للمشاركة في هذا التدخل ،في الوقت الذي تؤكد التصريحات الرسمية الأردنية استمرار محاربتها للإرهاب وحماية أمن البلاد، فيما أعربت الحكومة العراقية حتى يوم أمس فقط عن رفضها تدخل أي قوات برية أجنبية في العراض لمحاربة داعش.
في الأثناء، لم تكن تصريحات وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني خالد الكلالدة لوسائل إعلام محلية قبل أيام بشأن بقاء هذا الخيار “واردا” في أي وقت، تندرج في سياق الإعلان عن قرار حكومي.
وأكد الكلالدة في تصريحات لموقع CNN بالعربية الاثنين، مجددا أن هذا “الاحتمال وارد” ،على ضوء المواقف والتحالفات الدولية، فيما قال إن هذا التعليق” هو من باب التحليل” وليس قرارا حتى الآن.
وتساءل قائلا :”من كان يتوقع أن تقصف القوات الأمريكية مواقع في سوريا…الحرب لم تنته.”
ويحذر خبراء عسكريون من خطورة أي تدخلات برية للأردن سواء في العراق أو في سوريا، فيما نقل نواب أردنيون مخاوفهم الاثنين إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قصر الحسينية، خلال لقاء أعقب زيارة ملكية لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
وأكد النواب بث العاهل الأردني خلال اللقاء، رسائل تطمين حول استبعاد خيار التدخل العسكري البري، مستعرضا سياسة بلاده على مدار ثلاثة سنوات خلت، لتحصين الحدود وبناء علاقات إيجابية مع العشائر الحدودية مع الأردن لوقف تمدد” تنظيم القاعدة.”
وقال النائب في كتلة التجمع الديمقراطي مصطفى الشنيكات لـCNN بالعربية، إن الملك أبدى تفاهما واضحا حيال القلق النيابي من كلفة مشاركة المملكة في الحرب على “داعش”، وأردف الشنيكات قائلا :” مجمل الحديث يفهم منه أنه لاتوجد حرب برية وأن هناك تحصين للجبهات الشمالية والشرقية وأن حقنا بالدفاع عن أراضينا كخطوط حمراء. “
ونقل الشنيكات مجددا عن ملك الأردن، تمسك بلاده بضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وأضاف الشنيكات :” الملك كان واضحا وتحدث أكثر من مرة في ذلك.”
كما نقل النائب جميل النمري الذي حضر اللقاء لسي إن إن بالعربية، عن العاهل الأردني تساؤله بالقول، ” هل لأحد أن يتخيل أن تشارك الفرقة الثانية مثلا في سوريا أو العراق (في إشارة إلى إحدى التشكيلات العسكرية الرئيسية في الجيش الأردني)، مضيفا بالقول إن “هذه مهمة العراقيين والسوريين”، وفقا للنمري.
واعتبر العاهل الأردني بحسب النمري، الحرب الدائرة ضد داعش” بالحرب “المقلوبة أو المعكوسة”، وأنه كان لا بد أن تكون “عربية إسلامية تنضم لها الدول الأخرى” وليست بالصورة التي عليها الآن.
كما نقل ملك الأردن تطميناته للكتلة النيابية، بابتعاد عناصر داعش عن الحدود الأردنية سواء باتجاه سوريا شمال البلاد أو العراق ، مستشهدا بالقول إن أقرب نقطة لتواجد داعش هي في الرقة السورية، مشيرا إلى للنواب بأن المناطق الجنوبية السورية المحاذية للأردن وتحديدا “درعا” لا تواجد لعناصر داعش فيها.
كما أشار بحسب النمري ،إلى أن أقرب نقطة تتواجد فيها عناصر داعش عن الحدود الأردنية العراقية، تقع على بعد ما لا يقل عن 160 كم.
وفي السياق ذاته، وصف الملك عبد الله الثاني الحرب في المنطقة عبر تسجيل مصور بثه حساب الديوان الملكي الهاشمي في وقت لاحق من مساء الاثنين على موقع التويتر، المنطقة “بأنها حرب أهلية داخل الإسلام” بين الاعتدال والتطرف.”
وقال أيضا إلى أن التطرف في العالم، هو “اليوم تطرف إسلامي وتطرف صهيوني أيضا.”
واعتبر العاهل الأردني أن ما يقع على مسيحيي المنطقة في العراق وسوريا هو كارثة، وقال :”بقوة الأردنيين الحرب تكون بعيدة عن حدودنا هذا هدفنا الرئيسي.. وكلنا يجب أن نشارك في هذا ولافرق في الأردن بين المسيحي والمسلم وواجب الأردن أن نحمي الجميع.”
وقال إنه يعمل اليوم على “تحالف معتدل عربي إسلامي” وكيف يمكن للغرب أن يسهموا في ذلك.
ويرجح مراقبون ، أن يقتصر دور الأردن في حال بدء التدخل البري العسكري ضد داعش، بالدورين الاستخباراتي واللوجستي، أو المساهمة في إقامة مناطق عازلة مع سوريا.
وقال المتقاعد العسكري من القوات المسلحة الأردنية العميد حسن أبو زيد، إن الأردن لن يتدخل في أي عمل بري ضد سوريا أو العراق، إلا في حال “حدوث اختراق واضح” للحدود الأردنية سواء من الجماعات الإرهابية أو من عناصر من النظام السوري، على حد قوله.
وأضاف أبو زيد لـCNN بالعربية بالقول :” الأردن عانى كغيره من الدول من الإرهاب، وتعرض لتهديد من بعض هذه الحركات الارهابية ومنها داعش.. برأيي الشخصي لا أعتقد أن يكون هناك تدخلا بريا منفردا ضد داعش تشارك فيه القوات الأردنية ما لم يحدث هناك اختراق للحدود واضح.”
ورأى أبو زيد أن التدخل الأردني في حال إعلان حرب برية عاجلة من التحالف الدولي، سيقتصر على الدعم اللوجستي والتدريبي والتنسيق بين القطاعات من خلال ضباط ارتباط ضمن القوات المتوقع مشاركتها.
أما التيار السلفي الجهادي في الأردن، فقد استبعد من جهته انخراط المملكة في “مشاركة عسكرية برية”، مؤكدا أنه في حال حدوث ذلك فإن من شأنه إحداث إرباك غير مسبوق في صفوف التيار.
وقال القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي المعروف بأبو سياف لـCNN بالعربية، إن مشاركة الأردن في حرب برية “مستحيل” وأن ذلك يعني أن يتواجه الجيش الأردني مع الأردنيين في سوريا وأغلبهم أبناء عشائر”، على حد قوله.
وتأتي تصريحات أبو سياف، في وقت تواصل فيه محكمة أمن الدولة الأردنية محاكمة عناصر من التيار متهمة بالقتال مع “تنظيمات إرهابية” كجبهة النصرة وداعش خارج البلاد، ويواجه عدد من أتباع التيار تهما متعلقة بالترويج لتلك التنظيمات عبر الانترنت، إلى جانب توسيع حملة الاعتقلات لحالات التسلل عبر الحدود.